نحن نهتم فقط بعد أن يموت الأطفال

الخميس 30 نيسان 2009

 مريم أبوعدس

 


تقشعر الأبدان لسماع قصة الطفل يزن. فمن المؤلم معرفة أنه تم تحمل هذا الكم الهائل من الظلم من قبل طفل أعزل في ربيعه الخامس. اما الأ صعب من ذلك، فهو اكتشاف أنه يوجد بيننا أمثلة حيه لأشخاص لديهم القدرة على إزهاق أرواح أطفالهم بهذه الهجمية


أكثرما لفت انتباهي في هذه القصة هي ردود فعل الشارع الأردني. فقد تألم الأردنييون وتفاجأوا و كأنهم تعرضوا لهذا النوع من المأسي لأول مره. و لعل هذه القصة اسرت اهتمامهم لأن الإنسانية حتمت عليهم التفاعل بعد أن تمت تغطية تفاصيل الجريمة البشعة من قبل الإعلام المحلي. و لكن للأسف، بعد فوات الأوان

كم اتمنى لو ان الإعلام يعطي نفس القدر من الأهتمام للأطفال الأحياء الذين يذوقون الوان الفظائع، بينما يتم غض البصرعنهم، لأن الثقافة السائدة تحتم عدم التدخل، أو لأن الإنسانية
تتحرك فقط عندما يكون الموت نصيب أحدهم . فيزن هو مثال واحد و كيزن هناك عشرات الأطفال الذين يتعرضون لأنواع متنوعة من الظلم، تنصب عليهم من جهات مختلفة

فهذه الطفلة أية، ابنة الربيعين، و التي تعاني من الصرع و الشحنات الكهربائية المؤلمه في رأسها، بينما يقف والدها المصري الجنسية ووالدتها الأردنية مكتوفي الأيدي، يراقبون حالتها في تدهور مستمر، بعد أن رفضت جميع المستشفيات الأردنية علاجها لعدم قدرتهم على تغطية تكاليف العلاج


“أية تأخذ اللقمه من أفواه اخوتها” قال أبو قيس. مما جعلني اتساءل، كيف يتمكن وافد مصري الجنسية تحمل هذه التكاليف في مكان لا يعترف بحقوقه او بإنسانيته؟ وايه ما ذنبها؟ وهي مولودة في الأردن، من أم أردنية، لهجتها أردنية، ثقافتها أردنيه، طعامها أردني، وشرابها أردني و بيتها أردني… لكن ، قدر الله سبحانه أن يكون والدها مصري فلا يجوز عليها التأمين الصحي كأي طفلة أخرى في عمرها. و اخوتها ما ذنبهم، ليعيشوا بحرمان فوق حرمان؟


تفاجأت بحادثة حصلت مع والد أيه في أحد المستشفيات الحكومية، حيث أجبر على ادخالها بعد أن تجاوزت حرارتها الأربعين درجه. كيف كانت ردة فعل إدارة المستشفى عندما عجز أبو قيس عن دفع اخردينارين لإكمال الفاتوره؟ هل تسامحت المستشفى؟ هل انتظرت حتى تتجاوز الطفلة مرحلة الخطر؟ حل حاول أحدهم التبرع بدينارين؟ لا و لا ولا. بل تم أزالة الدواء من ساعد الطفلة أية و تم تسريحها من المستشفى بكل برود في اللحظة ذاتها، بدون حتى الإنتظار عليها لتتعدى مرحلة الخطر،
و كأن حياتها لا قيمة لها.


تندب أم قيس مصيبتها، و تجيبني عندما سألتها لما لم تلجأ لصندوق الزكاه، بأنها لجأت اليهم و
رفضوا مساعدتها لأنها متزوجة من مصري. “عاملوني كأن الإسلام فقط ملك للأردنيين، فأنا مسلمة و وزوجي مسلم و بنتي مسلمة، حتى لو انهم مصريين”.


مشكلة بعض أطفال الأردن كبيرة. و لكن لا من مجيب، فالمعظم لا يعرف عن هذه القصص و الذين يعرفون، تعرضوا لعدد لا يحصى من هذه، فقست قلوبهم أو اعتادوا…


أعتقد انه علينا الإنتظار للطفلة أية حتى تموت لكي نهتم. بعد ذلك علينا الخروج في مسيرة
صامتة، فنشعر بأننا قدمنا لها ما يكفي

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية