"إنت من وين؟"

الأربعاء 27 كانون الثاني 2010

من أيام المدرسة، تحديدا من صف تاسع و طالع، بديت احس انه عندي رسالة، عندي رأي و انوه بتأثر بالناس حوالي وبدي اوصل صوتهم. كنت اتخيل انو رح اصير كاتبة قبل ما اصير اميل للصحافة كتير اكتر، بس كنت اتخيل انه الي مستقبل بهاد المجال و انو رح اوصل على مسرح، رح آخد جائزة و رح يكونوا اهلي قاعدين بالصف الاول، رح اطلع احكي كلمة زغيرة، رح اهدي الجائزة لأهلي و لكل الناس اللي امنوا فيّ ولبلدي الأردن.

بعدين رح يحطولي اغنية لعمر العبداللات؛ زمان كانت الاغنية “غزا البيارق”، إما مقطع “عمان بعيدك عيّدي” أو مقطع “والاردن يا ام الرجال”، بعدين صرت أتخيل المشهد بأغنية “ارفع ايدك قد التحية” وآخر اشي اغنية “اهل الهمة” ومقطع “بنت بلادي شد الهمة خلي ولادنا يضلوا بنعمة ايدي بايدك الأردن بيعمر حنا نشامى فعل و كلمة.”

لحد ما وصلت الجامعة، كنت بسمي الأردن بلدي بطريقة كتير عفوية، طبعا ما نسيت اصلي وما في بني ادم بشوف الاخبار وبشوف شو عم بيصير بفلسطين ما بتأثر لو كان من بلاد الواق واق بس انه الأردن بلدي.

فجأة بتطلع المواقع الالكترونية و بكتشف انه الأردن مش بلدي. و صرت أقرا تعليقات تخليني ما انام و انا عم بفكر كيف اجاوب الناس مشان يعرفوا انو انا ما نسيت اصلي بس الأردن بلدي.

فجأة صرت أقرا بالجريدة انه أنا لينا الأردنية من أصل فلسطيني عم بعطل الإصلاح ببلدي اللي طول حياتي بفكّر انه بدي اصير واكبر مشان اعطيه زي ما أعطاني.

فجأة صار اذا بسمع اغنية لعمر العبداللات بسمع من ورا صوت معارض أردني بارز يعارض وجودي في الأردن و يعارض اعطائي أي حقوق، صرت اشوف صورته عم بتذكرني بأصلي واشوفه عم بيحاضر عن الوطن البديل و أصحاب الاجندات الخاصة و الحقوق المنقوصة، الخ.

فجأة صرت انرفز لمّا حد يسألني انت من وين.. بالتاكسي، بالمصعد، عالدور بأي محل، انه بس بدي افهم، ما بصير نحترم بعض بدون ما نعرف كل واحد من وين؟

فجأة بقرأ لهاد الكاتب و غيره، بشوف السيناريوهات والتحليلات اللي بيحطوها الكتاب كل ما تتشكل حكومة، خلص هون ببلش اقتنع شوي شوي انه الاردن بلدي بس هيك خلص ما الي فيه كل حقوقي.

تاني يوم بسمع انو تغيرت تشكيلات و حطوا اردنيين من اصول فلسطينية على قمة الهرم و بسمع عن اردنيين من اصول فلسطينية في قمة عطاءهم للأردن بدون ما حد يشكك بانتماءهم لوطنهم الاصلي في فلسطين او وطنهم الأردن، فبحكي انو هي كاسة نصها مليان و نصها فاضي و حسب انت من وين بتشوف.

فجأة الناس بتسألني ليش بتحبي عمر العبداللات، و بستغربوا انه ليش كل هالانتماء للأردن!

و فجأة بقرأ بالجرايد عناوين زي “الشعب الاردني..” و بسأل هل أنا مشمولة بهاد التعريف ولا الأمر ما بيعنيني؟

التخمتوا من سير القصة؟ كل هاد جزء لا يشكل واحد بالمليون من الانفصلام و الصراع الشخصي اللي بيعاني منه الاردني من أصول فلسطينية، و يا ريت في حد بيقدر يوقف بجرأة بدون ما يخاف من التخوين الفوري و يحكي انو كلنا غلطانين حتى ما نربي اجيال رايحة كل طاقتها في الاجابة عن سؤال ” انت من وين”!

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية