الخصوصية الأردنية

الإثنين 14 حزيران 2010

بقلم لينا شنك*

vote copyنحن بالفعل نعيش بـ”خصوصية أردنية”، وليست بالضرورة تلك العبارة التي يرددها الناطقون الرسميون باسم الحكومة في كل مرة يرصد تقرير حقوقي تراجعا في الأردن، بل هي خصوصية تتجلى في التناقضات العجيبة التي نعايشها في كل يوم.

فحتى وان عقد المتفائلون بالإصلاح الأمل على 373 ألف ناخب جديد، لا يسعنا أن نفكر بما يمكن أن ينجزوه دون النظر إلى تأثير الناخبين الأقدم و”الأكثر تجربة وخبرة” عليهم. حتى وان اقتنع هذا الناخب الجديد بجدوى المشاركة، وجادلهم بأن كل أزمات عام 2010 ما كانت لتكون بهذا السوء لو أن لنا من يوصل مطالبنا ويمارس الرقابة الحقيقية، فإنه قد يعيش تحت ضغوطات احباط عشرة أجيال سابقة تجعله يشعر بالسذاجة لمجرد الرغبة في تثبيت دائرة انتخابية على هويته.

هناك العديد من المبررات التي تجعل نسبة لا بأس بها ممن يحق لهم الانتخاب دستوريا يفضلون النوم لساعة متأخرة في يوم عطلة، أو الذهاب في نزهة خارج عمان حتى تنتهي “الشوشرة”، منهم من لا يقتنع بـ”نزاهة الانتخابات”، ويعتبر أن التزوير مخطط له مسبقا، ثم يذكر الناس بأنه شاهد بأم عينه كيف كان بعض النواب يحتفل بنجاحه قبل اعلان النتائج ولا يصدق أن هناك نية صادقة لاعتماد “الشفافية”.

آخرون لا يريدون أن ينضم نائب جديد إلى قائمة “النوفو ريش”، ويشتري منزلا فاخرا في دابوق، ويركب أحدث السيارات، “هو ومدامته على حسابي”، وهم بالمناسبة لا يتحدثون عن نائب بعينه بل عن كل من يشغل المنصب وكأن “النصب” من مهام النائب وهو متوقع وإلى حد ما لا يمكن تفاديه أو تغييره.
لو فرضنا أن ما يقولونه منطقي، ولكنهم حتى وان لم ينتخبوا أحدا فإن أي نائب سوف يجلس تحت القبة سوف “يغتني على حسابك”، حتى وان لم يحصل على صوتك، يعون ذلك ولكن “معلش بس ما بكون أنا جبته”.

ماذا لو ترشح للانتخابات شخص تثقون به؟ الإجابة سريعة وهي ببساطة تكون على شكل سؤال استنكاري “مين هو الزلمة المنيح؟”، يتبعها أمثلة عن أحد معارف المتحدث والذي كان “صاحب مبدأ” وتبدلت مواقفه تحت القبة، أو شخص آخر كان دائم الانتقاد للحكومات فأصبح وزيرا “مشان يسكتوه”، أي يجب أن يستنتج المستمع أنه لا يوجد “صاحب مبدأ” حقيقي.

وهناك من لا يريد المشاركة احتجاجا على قانون انتخاب لا يفهمه، فما معنى “الدوائر الوهمية”؟ وما معنى أن يكون هناك “كوتا للنساء”؟ ألسن قادرات على المنافسة دون وجود الكوتا؟ ثم ما معنى الاستخفاف برأي الشارع عند  وضع قانون الانتخاب؟

أصحاب الموقف الأخير كانوا يريدون أن يتم استفتاء الشارع على قانون الانتخاب بكل تفاصيله، أي أن يُسأل المواطن عن تفاصيل القانون، واذا ما كان يفضل الصوت الواحد أم صوتين، اذا كان يريد أن ينتخب لدائرته فقط أم يرغب في انتخاب من يمثله على مستوى الوطن، وهو من المستحيلات في الوقت الراهن لأن ارادة المواطن الأردني حتى هذه اللحظة ليست في الحسبان. ولا يجب أن ننسى أننا لا نتفق حول معنى المواطنة، وأن هناك من يستخدم المواطنة “لخدمة أجندات مشبوهة”، وهي أسطوانة مشروخة ملَها الجميع عدا من يستفيد من اتهام الآخر بتنفيذ “أهداف شخصية”.
وسط كل هذه المواقف المسبقة، ماذا يمكن لمئات الآلاف من الناخبين الجدد أن يفعلوا؟

*لينا شنك تخرجت حديثا من قسم العلوم السياسية في الجامعة الأردنية

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية