تساؤلات أردنية

الأربعاء 29 أيلول 2010

بقلم لينا شنك

كلما قرأت خبرا في الصحف عن الشؤون الداخلية أو الخارجية، أحاول عبثا تفسير ما يجري ولكنني سرعان ما أذكر العبارة الوحيدة التي تعلمتها في سنوات الدراسة الجامعية والتي استفدت منها. أتذكر فورا أن أكثر تعريفات السياسة ملائمة لواقع الحال هو ذاك الذي يقول بأنها لا تعرف الأخلاق ولا القواعد، نهج يسير وفقا للمصالح وحسابات القوة فقط.

أتذكر هذه العبارة وأنا أطالع أخبار “قانون جرائم أنطمة المعلومات”، والتغطية الاخبارية للجدل الذي دار حوله، الحراك الصحفي وخاصة من المواقع الاخبارية للضغط باتجاه تعديله والنتيجة التي أفضى اليها هذا الحراك، الأهم من ذلك كله التعليقات والمقالات المؤيدة للحراك والعبارات المستخدمة.

فقد شهدت فترة الحراك اصدار بيانات حازمة تتعهد بالتعاون والتواصل مع منظمات المجتمع المدني المحلية، و “منظمات حقوق الانسان العالمية وطلب مساندتها لتحقيق مطالبنا العادلة”، وشهدت تدخلا “مشكورا” لمنظمات عالمية تُعنى بالحريات الصحفية وبحقوق الانسان، كما كان ل”صورة الأردن” في المجتمع الدولي حصة كبيرة من الاهتمام، ومن المفارقات الطريفة قيام محامي أردني بارسال رسالة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يطلب منها التدخل لمنع اقرار القانون بصورته السابقة وتناقلتها المواقع الاخبارية لربما احتفاءا بها وليس ذما لصاحبها الذي يستنجد بوزيرة خارجية دولة أجنبية.

كل ما سبق يدفعني للتساؤل، متى يحق لجهة خارجية التدخل لتعديل قانون في الأردن دون أن يكون ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية؟ ما هي القوانين المسموح التدخل بها؟ متى يكون الاهتمام بصورة الأردن في عيون المجتمع الدولي مسموحا ومتى يصبح ذريعة واهية؟ متى تكون سمعة البلد مهمة ويجب الحفاظ عليها ومتى تصبح مدخلا لتنفيذ “مؤامرات خارجية”؟ متى يكون الطلب من وزيرة خارجية دولة أجنبية ومنظمات عالمية طلبا مقبولا لدعم “مطالب عادلة” ومتى يصبح “استقواء بالجهات الخارجية لتنفيذ أجنداتها”؟

أنا حقا لا أملك اجابات شافية، وأعتقد أن قانون جرائم أنظمة المعلومات يمس الحريات والحقوق الأساسية ومنها السياسية، لذا فإن الفرق بينه وبين القوانين المحظور التدخل بها قد لا يكون كبيرا، ومن هنا أستنتج أن سبب قبول التدخل الخارجي لا علاقة له بأهمية القانون من عدمها.

مثال آخر على مواقف تستحق الوقوف عندها والتأمل، خلال فترة تعديل قانون الانتخاب دار جدل ساخن حول التعديلات، وقد قرأت مقالات عديدة لكُتاب يناشدون المواطنين بالمقاطعة لأسباب عديدة، منها الاحتجاج على قانون الانتخاب الذي لا يمت لهذا العصر بصلة حسب تعبيرهم، ولأن مجلس النواب القادم لن يُمثل الشعب الأردني بل بالتأكيد سوف “يقدم تنازلات على حساب الشعب الأردني”.

لا أدري من أين جاء هؤلاء الكتاب بهذه الاستنتاجات التي لا يشكون في صحتها، ولكنني أتساءل أيضا، ما هو القانون “العصري” الذي يطالبون به؟ يريدون قانون عصري يواكب التغيرات ولكنهم هم ذاتهم يعارضون مقعد اضافي واحد لمدينة ذات “كثافة انتخابية أكبر”، اذن ما هو شكل المجلس الذي نريد؟

بالمناسبة هذه الأسئلة ليس القصد منها التهكم، بل البحث عن اجابة مقنعة، هل تستوي الديمقراطية و”العصرنة” مع التعليقات والجدل الذي يدور بين الحين والآخر حول القضايا الاشكالية؟ هل تستوي الديمقراطية مع الممارسات الحالية التي تسبق الانتخابات والتي لا يجد هؤلاء الكتاب عيبا
فيها؟

من بين الأحداث الأخرى التي أثارت حيرتي موجة الانتقادات الأخيرة للحكومة الحالية. بالتأكيد لست بصدد الدفاع عن أي مسؤول، وأعلم أن حكومات سابقة لربما تلقت نقدا أقسى، ولكنني أتعجب من بعض الانتقادات غير الموضوعية والتي أرى فيها مبالغة هائلة. يجب ألا ينسى من ينقد أن الناس لديها أزمة ثقة عابرة للحكومات، لذا أتعجب عندما أقرأ أو أسمع أحاديث تُحمل الحكومة الحالية مسؤولية كل أزمات الأردن. ان كانت الحكومة الحالية اختلقت أزمات عديدة ولم تحسن التعامل معها، فهي تستحق النقد الموضوعي الذي لا يصورها وكأنها الوحيدة التي أساءت استخدام السلطة.

من أطرف التعليقات التي جاءت في سياق النقد كان تعليقا كتبه أحد قراء موقع الكتروني، كان هناك خبر يتحدث عن محاولة انتحار لمواطن أردني، فكتب المعلق ” احكولي بس كم واحد انتحر من يوم ما استلم سمير الرفاعي!!”. بالتأكيد، لدى الناس الأسباب الكافية لانعدام الثقة والاحباط من الأوضاع العامة، ولكنني بعد مطالعة التعليقات التي لا تنتهي والتي تنم عن “سخط شعبي” أود أن أعلم حقا، هل كان الأردن على بعد مراتب فقط من الدول المتقدمة ثم جاءت الحكومة الحالية برئيسها الذي لا نغفر له خطأ املائي واحد على صفحة “تويتر” الخاصة به ليعيق هذا التقدم؟

لا أملك جوابا واحدا، ولكن بالتأكيد ليست وحدها من يعيق التقدم!

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية