الأردن: الرسوم المتحرّكة هي الحلّ

الإثنين 31 كانون الثاني 2011

بينما كانت طائرات «إف 16» تقوم بطلعات مريبة فوق ميدان التحرير في القاهرة، كان التلفزيون الأردني يبثّ رسوماً متحرّكة بسلام لأطفال وأهالٍ مطمئنين! ليس ثمّة ما يشغل بال التلفزيون الأردني في هذه الأيام إلا «تجمّع أكثر من ألف متظاهر في ميدان التحرير» كما يظهر في شريط الأخبار أسفل الشاشة ذاتها، مذيّلاً بأن الخبر منقول عن وكالة «رويترز».

في ظلّ غياب تعليقات أردنيّة رسميّة على الانتفاضة المصريّة، لا يجد التلفزيون ما يتحدّث عنه. على مدى عقود، خلقت الممارسات الإعلاميّة «المرعوبة» ـــــ على حدّ تعبير رئيس الوزراء الأسبق عبد الرؤوف الروابدة ـــــ كل أنواع البدائل. في الأردن، هناك موسيقى بديلة، وإعلام بديل، وحتى متنبّئ بديل للطقس.

الأمر أيضاً ينسحب على الصحافة اليوميّة. جريدة «الغد» مستمرة في تقاعسها عن أهدافها التي نصبتها لنفسها عند انطلاقها. في صبيحة فرار بن علي من تونس، ظهر عنوانها: «بن علي يغادر تونس، والفوضى تعمّ البلاد»، رابطة الثورة بالفوضى، بينما نشرت خبراً مثيراً للريبة عن «خطط لاعتصام أمام السفارة المصريّة»، مع صورة لقوات مكافحة الشغب المصريّة وهي تقمع المتظاهرين، وقد ظهرت تغطيتها في الصفحات الداخليّة أقل حذراً.

«الفوضى» هي أيضاً ما يشغل بال محرري جريدتي «الرأي» الرسميّة، و«الدستور» شبه الرسميّة. مصر بحسب الأخيرة «تغرق في فوضى أمنية وسياسيّة»، ومدنها ـــــ بحسب «الرأي» ـــــ «تعمّها الفوضى» أيضاً.

لكن جريدة «العرب اليوم» كانت الأكثر جرأةً في نقل ما يجري، لتعنون صفحتها الرئيسيّة: «استمرار التظاهرات في مصر، والقضاة وعلماء الأزهر ينضمون إلى الجماهير».
لكن الحراك الحقيقي يبقى على المواقع الإخباريّة الإلكترونيّة، ومواقع التفاعل الاجتماعيّ التي بدأت الدعوة إلى التظاهرات الأسبوعيّة.

تغطّي هذه المواقع الإخباريّة أحداث الانتفاضة المصريّة أولاً بأول كأخبار عاجلة. على موقع «خبرني» مثلاً، احتلت أحداث مصر 4 من أصل 5 أخبار رئيسيّة حتى عصر أمس. وكان الموقع أول من أثار قضيّة الطلاب الأردنيين في مصر، قبل أن يلحق به موقع «عمّون»، بينما بثّت معظم المواقع الاعتصامات التي تجري لليوم الثالث على التوالي أمام السفارة المصريّة في عمّان بالصور والفيديو. هذه الاعتصامات التي تجيَّش عبر الـ«فايسبوك» تدعو إلى الاعتصام يوميّاً حتى ينال المصريون مطالبهم.

وإذا لم يكن الجميع موجودين أمام هذه السفارة، فتجنيد من نوع آخر يجري على «فايسبوك» و«تويتر». الموقعان أصبحا مصدرين حقيقيّين لتداول آخر الأخبار من الأصدقاء والزملاء في مصر، ويمدّان الإعلام بآخر التطوّرات على الأرض، لكنهم جميعاً في انتظار عودة الإنترنت إلى مصر للحصول على تلك الصور والفيديوهات المخزّنة في موبايلات الشباب وكاميراتهم لبثّها على هذه المواقع. حتى ذلك الحين، يضطر الأردنيون إلى التعامل مع الرسوم المتحرّكة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية