أنا مش كافر، أنا أردني من أصل فلسطيني

الخميس 24 آذار 2011

بقلم كامل النابلسي

انا من الأشخاص الذين تربوا على أيلول الأسود وربيت على أني فلسطيني أكثر مني أردني، وأنني معني بفلسطين أكثر من الأردن، وأنني يجب أن أفعل كل شيء في سبيل فلسطين وتحريرها، وفي عقلي كان الأردنيون نوعان يساريون منتمون لليسار الفلسطيني ومناضلين أكثر صلابة من كثير من الفلسطينيين ومخابرات بدهم يحبسوني أو يحبسونا.

إلا أن بدأت العمل في التنمية الإنسانية، وبدأت أنزل إلى القرى الأردنية في الجنوب والشمال وحالفني الحظ أن زرت وعملت في أكثر من 150 قرية في الأردن. أذكر أم أيمن من راكين- الكرك، رئيسة الجمعية الخيرية وهي تعزمني هي وأولادها على الغذاء وما بدها تروحني إلا لما اكل، وجمعية عين البيضا في الطفيلة كيف كانوا يخبزوا لما بدي أروح عشان أكل خبز سخن مع قرص جبنة بيضا معتبر وكاسة شاي بخدهم معاي طول ما أنا سايق من الطفيلة لعمان، والصبية المتزوجة من مكلف في الجيش والذي توفى ولم تجد قوتها ولا قوت عيالها في إحدى قرى في الشمال، وكيف أني بكيت ورجعت مكتئب لأمي في هذا الوقت وبحكيلها عن الظلم وأنه لازم نعمل شي، كل هذا وأكثر جعلني أدرك أن الأردنيين من شرق نهر الأردن أكثر من تصنيفي القاصر والساذج، وأنهم أقرب إلينا من كثير من الناس فبيننا ما بيننا من قربى ووطن ممتد من القلب للقلب.

الآن أكثر من أي وقت أجدني أتساءل حول واقع الفلسطينيين في الأردن، هل هم حمل ثقيل على الأردن؟، كيف يمكن أن يساهموا في بناء الأردن؟ هل لهم الحق في ” التدخل” أو” المشاركة ” في الحياة السياسية؟ هل الفلسطينيين ” كل الفلسطينين” هم من يمسك اقتصاد البلد وهم من يديروه كيفما يريدون؟  هل إذا قال الفلسطيني- الأردني، أنه أردني من أصل فلسطيني يعتبر انتقاصا من مواطنته في الأردن؟ ألا يشكل ذلك حفاظا للأردنيين من شرقي النهر على وطنهم، وبنفس الوقت تأكيدا على حق العودة لفلسطين غربي نهر “الأردن” ؟   هل كل معارضة للحكومة هي بالضرورة  معارضة للعرش والملك؟ هل المعادلة أردني فلسطيني، أم شخص فاسد وغير فاسد يقتات على انقسام الناس؟ هل للفساد هوية أو أصل ” بلده الأصلي” أو دين، أم مجموعة من الأشخاص اتفقوا أن يزاوجوا بين المال فالسلطة، فقتلوا الناس وهم أحياء؟

أجدنا اليوم معنيون أن نفتح قلوبنا، وان نكف عن الحديث خلف الأبواب المغلقة، فلنتحدث على قاعدة المحبة، وعلى قاعدة أن الاختلاف في الرؤى إن وجد لا يلغي الود والتاريخ، والحاضر وأقساط مدارس الأولاد، وفواتير الكهرباء والماء والجوع الذي يجمع بيننا جميعا.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية