هل الملكية الدستورية مطلب واقعي؟

الجمعة 25 آذار 2011

بقلم محمد عواد


شيء واحد أثق فيه، أن كل الأردنيين يهمهم مصلحة الوطن وإن اختلفوا بالطريق، شيء واحد لا مساومة فيه وهو أن الأردن غير قابل للمغامرة فيظل مشاريع عدوة تحيط بنا ولا يعد الاعتراف بها بعبعاً أما إنكارها فجهل أو تعمد، وشيء واحد يجب أن نتوقف عنه وهو تخوين المطالب بالحقوق أو ما يراها حقوقاً واتهام الطرف الأخر بدعم الفساد أو بأنه صانع بعابيع.

ويجمع الأردنيون جميعهم على ضرورة محاربة الفساد والرمي برؤوسه مهما كانت في السجون فذلك هو مكانها. ويجمع الأردنيون على ضرورة استعادة ما سرق منا في الشركات التي تم خصخصتها كما يجمعون على ضرورة وجود حرية أكبر في التعبير من دون مطاردة ومن دون أن نكتب ونحن فوقنا رقيب ذاتي كي لا يأتينا رقيب خارجي.

لكن نقطة الاختلاف الجوهرية هي سعي البعض للمطالبة بالملكية الدستورية وهذا حق لهم إن كنا ديمقراطيين وأقصد حق الطلب وليس حق الفرض، وليس من حقهم أن لا يستمعوا للرأي الأخر ولا من حقهم أن يتهموا كل من عارضهم، ولا من حقهم أن يعتبروا الحل بالشارع فقط فهنا ندخل في مجال المغامرة في أرض الوطن.

سؤالي عن هذه الملكية الدستورية : هل هي الحل الوحيد؟ وهل هي حل واقعي؟
أما عن الحل الوحيد فبالتأكيد لا ، فمثلما أرفض قول الإخوان بأن برنامجهم هو الحل الوحيد أرفض قول البعض بأن الملكية الدستورية هي الحل الوحيد، فأنا أنظر هنا من وجهة نظر شعبية وليس من وجهة نظر أحزاب، فما يريده الشعب هو الحل؟ لنجب على الموضوع بنقاط:
• يريد حرب الفساد … وهذا ممكن بالملكية الحالية مع تغيير نوعية الحكومة فقط وجعلها أكثر عملية.
• يريد ظروف أفضل .. وهذا ممكن مع الملكية الحالية.
• يريد عدم تدخل أجهزة أمنية، وهذا أسهل مع الملكية الحالية لأن الملكية الدستورية تعني حكومات جديدة وهي عادة تبدأ ضعيفة.
• يريد إعادة النظر ببعض المعاهدات الخارجية، وهذه لن يقوم بها أحد لا دستورية ولا غيرها، فنحن نعرف الظروف ونعرف القدرات، والكذب حول ذلك مثل السباحة في الصحراء ومن ثم تقرر الغوص هناك.

المطالب الرئيسية للشعب يمكن الوصول إليها من غير الملكية الدستورية ومن غير إعادة هيكلة الصلاحيات لو كانت هي ناتجة عن الشعب، وهنا يكون الشعب مصدر توجيه السلطات والقول بأن الشعب مصدر السلطات قول مطلق يجب أن نفهمه بشكله الصحيح، فالشعب أعطى البيعة للملكية الشاملة وهو يستطيع أن يقول أريد سحبها بغالبيته ولكن عبر صناديق الاستفتاء إن أردنا الديمقراطية بمعناها الحقيقي، ويمكن أن يكون هذا الاستفتاء خاضعاً لمراقبة دولية وقضائية.

نعود للسؤال الثاني وهو الأهم لأنه يتعلق بالأحزاب التي لدينا، هل الملكية الدستورية حل واقعي؟
سأجيب بنقاط مرة أخرى :

• وصلت بريطانيا إلى الملكية الدستورية التي يتحدث عنها البعض في الشارع بعد مئات السنوات من العمل، ولم تصل إلى هذه الحال بيوم وليلة لأن الديمقراطية بحاجة إلى وعي عند الانتخاب ووعي عند التقييم وإلا أفزرت مثل هتلر الذي جاء بالانتخابات وربما جاءت لنا برأس فساد كبير للغاية ليكون رئيس حكومة وعندها لن ينفع الندم، ومن دون أن نكذب على أنفسنا وشاهدنا ذلك في الجامعات، ننتخب على أساس الصداقة ثم من يقول إنه يمثل الإسلام ثم العشيرة أو الأصل والمنبت، وهذا يؤكد ضرورة وجود مراحل انتقالية لو اتفقت الغالبية على الملكية الدستورية…بل إن الإخوان واليساريين أنفسهم يطرحوا برامجهم ويتحدثوا مع الناس بغيرها ، فتارة الحديث عن أن الخصوم من الكافرين الملاعين وتارة الحديث عن أن البعض يحب فلسطين أكثر من غيره…أقول هذا عن تجربة عملية لسنوات.

• من سيكون رئيس الوزراء المنتخب ومن هو الحزب القادر على إدارة شؤون البلاد؟ هل سنجرب في بلادنا بأشخاص ثم نقول نحن أسفون؟ فالإخوان وهم الحزب المنظم الوحيد كانوا دوماً يختصون بالمهرجانات وبيع الكتب في الجامعات والخروج مسيرات عند ضرب فلسطين في خارجها، فالموضوع بوضوح وقد عشت في أجواء حزبية أن أحزابنا لا تستطيع أن تدير نفسها فكيف تدير وطن؟ وهنا لا أقول لنجلس من دون أي تغيير لهذا السبب، بل أقول هناك ضرورة للتغيير الأصغر قبل أن نصل لمرحلة التغيير الأكبر.

• الملكية الدستورية تعني وصول حزب إلى الحكم وليس أفراد فلا نصبح دولة يحكمها أفراد، وكل الانتخابات السابقة لم يكن هناك حزب له أغلبية وحتى لو أعطينا قانوناً ديمقراطياً ستفرز الانتخابات فوز الإخوان والوطني الدستوري (الذي اعتبره فوزاً لأفراده وليس للحزب) وفشل كل الأحزاب الأخرى، ولن يكون لهؤلاء أغلبية وبالتالي نحن أمام خيارين: حكومة أفراد من دون مسؤولية مستقبلية؛ أو حكومة حزبية مكونة من حزبين غير متفاهمين ستشهد دوماً بعض الانشقاقات وعذراً على التشبيه لكن قد نعيش أجواء إسرائيل وتغيير حكومة كل سنة أو سنتين بسبب الخلافات.

وجهة نظري أعلنتها هنا كما أعلنتها بانضمامي إلى الحركة الأردنية الاجتماعية للتغيير، فأنا مع الملكية الحالية لأنني جزء من الشعب ويهمني الشعب ولا يهمني الأحزاب ومصالحها، فمصلحة الشعب مع عدم المخاطرة بمستقبل الوطن ومع الحرب على الفساد وكف أيدي الأجهزة الأمنية ورفع الحرية إلى السماء، وهذا كله نستطيع الحصول عليه في ظل النظام الحالي بهيكلته العامة.

البعض سيقول بعبع!! أقول له: “فكر مرتين، وقولك بعبع لمن يعارضك نوع من القمع، وتكون أنت بعبع يستخدم كلمة بعبع لبعبعة الأخرين!”

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية