مع البخيت بدأنا مع البخيت انتهينا

الخميس 17 آذار 2011

حسنا، بوصفي متابعا لشؤون أمانة عمان منذ العام ٢٠٠٣ ومعاصرتي لاثنين من الأمناء والثالث حتى اللحظة غير معلوم فيما لو استثنينا “عمار الغرايبة” مدير المدينة الذي كُلف رئيسا للجنة المؤقتة القائمة بدلا من مجلس الأمانة فإن الأمانة على أعتاب خطوة جديدة قد تكون مختلفة بحسب أمينها الجديد.

أرصد في الأخبار، رسالة وجهها رئيس الوزراء الدكتور معروف البخيت إلى المهندس عمر المعاني اعرب فيها عن خالص شكره وعميق تقديره له، أستذكر رسالة أخرى له كانت في العام ٢٠٠٦ عندما عين المعاني أمينا لعمان بعهده البخيت أي في حكومته الأولى. فما بين ذلك العام والعام ٢٠١١ نجد الرسالة مرة ثانية.

الملفت أن المعاني جاء في عهد البخيت وذهب بعهد البخيت، واستذكر في فترة تولي نضال الحديد إدارة الأمانة حتى العام ٢٠٠٦، كان يقال أنه أمين بـ”قلعة الحديد” لكن الحديد تم الاستغناء عن خدماته بعد ٨ سنوات من إدارته الأمانة..

الاستغناء عن الحديد، وفق رصدنا، كان أشبه بخلع ضرس، فالحديد رجل حاد الطباع كما هو معروف عنه. أثقل الأمانة ديونا وعجزا ومشاريع لم تكتمل بعد، مثل مشروع مجمع رغدان السياحي الذي ولد ميتا وجسر عمان الذي دخلت قضيته أورقة المحاكم العالمية بعد لجوء الشركة الهندية المنفذة للمشروع إلى الشركة كارمن غروب العالمية لاجل الضعط على الأمانة لتعويضهم عن خسائر تكبدوها، ليأتي المعاني من بعده مواكبا للمشاريع وبفكر القطاع الخاص.

المعاني الليبرالي في فكره، لم يرض محافظين في الأمانة، أو ما كانوا يسموا برجال الحديد، ما أوقعه في صدامات معهم، وبعد مرور شهور، بدأوا يستقيلون بسبب التوجه العام للأمانة.

بدأ المعاني عمله في الأمانة بإعلان جملة مشاريع ضخمة مثل المخطط الشمولي وتجميل صحن عمان وأنظمة المرور والإشارات، أنظمة مواكبة لروح العصر. لتنتقل العاصمة من مرحلة “الأمانة الخدمية” إلى مرحلة “الأمانة العصرية” المواكبة لتطلعات العصر.

هذا التقدم لم يرضي كثيرين وجدوا بما قام به المعاني بتخريب ممنهج للعاصمة وبذخ في مشاريع، البعض وصفه وكأنه “يعمل في واحدة من شركاته”..ونلحظ عرائض كانت تنشر في مواقع إلكترونية ورسائل خفية تتحدث عن البذخ في الصرف على المستشارين الأجانب.

أعاصير النقد واجهت المعاني، كانت سهلة أمام سعيه لفتح قنوات التواصل معهم سواء موظفين من داخل أو من الخارج. لكن ما وصف بالهجمة المنظمة هو العلاقة الإشكالية بينه وبين الإعلام، والتي وصفت بالحادة والسيئة في أحيان، وتحديدا الإلكترونية منها، إذ باتت أي خطوة يقوم بها، مثار النقد الجارح بحقه الشخصي، ما دفعه إلى عقد سلسلة مؤتمرات صحفية لتهدأة الأوضاع.

ما كان يتردد لنا من أخبار غير موثقة دائما، هي تقديم المعاني استقالته لرئيس الوزراء لأكثر من مرة، كونه المسؤول مباشرة عن منصب الأمين، لكنها دائما تجابه بالرفض، من باب ضرورة استمراره في تنفيذ المشاريع، وأهمها المخطط الشمولي الذي جاء بتكليف ملكي لتنفيذها.

خمسة سنوات من العمل في القطاع العام، كانت تجربة غنية للمعاني، الذي واجه أول جلسات الأمانة بنقد حاد من مراقبين وحتى من داخل مجلس أمانة عمان الذي بدا بعض أعضائه عدائيين معه، وأسجل هنا مداخلة لعضو مجلس الأمانة السابق والنائب الحالي يحيى السعود عندما قال للأمين بخصوص تقديم تبرعات من الأمانة لإحدى المؤسسات الملكية المعنية بالطفولة والفقراء، قال له بالحرف الواحد “يا عطوفتك زت شوية مصاري من جيبتك للناس الفقيرة”.

استملاكات الأراضي، كانت سياسة ممنهجة إبان عهد الحديد، وهي اقتطاع أراض الأمانة لصالح مؤسسات ومعاهد وأندية، لكن المعاني أوقف منذ توليه الإدارة هذه السياسة من باب أن أراضي الأمانة هي ملك لدافعي الضرائب فمن باب أولى عدم تخصيصها لأفراد أو مؤسسات ذات النفع الخاص.

الشيء الذي لا يضاف في رصيد المعاني، هو عدم الاهتمام بالجانب الثقافي، حتى لو كان هناك تسجيلا لمهرجان صيف عمان أو مهرجان الكوميديا، فعلى المستوى المحلي، غابت الكثير من الفعاليات الخاصة بالأدباء والشعراء الأردنيين، وهذا الواقع انسجم مع توقيف الدولة مهرجان جرش، وهذا ما ميزّ المعاني عن الحديد الذي كان يوصف بـ”كرمه الدائم على المثقفين والفعاليات الثقافية”.

على العموم، من الصعب الدخول في مرحلة تقييم بحق المعاني في الفترة الحالية، فما يسجل للرجل هو ترسيخه أساسا واضحا للعمل البلدي واعتماد جملة مشاريع من المفترض أن تشكل عمادا لعمل الأمانة لكن علينا انتظار الأمين القادم والبناء على ذلك.

خلاصة ما أود قوله هو عدم صوابية إنهاء خدمات المعاني في هذه الفترة، حتى لو اختلفنا في الرأي حول توجهه، إذ عدم إنهاء مشاريع يؤثر سلبا على خلاصاتها، وكما اعتدنا في حكوماتنا أو وزارتنا الموقرة إلغاء الخلف ما قام به السلف.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية