مخالفة مقدمة على مشروع القانون المعدل للاجتماعات العامة

الخميس 31 آذار 2011

مخالفة مقدمة من العين/ الدكتور صلاح الدين البشير على قرار لجنة الشؤون القانونية لمجلس الأعيان الموافقة على مشروع القانون المعدل لقانون الاجتماعات العامةرقم (7) لسنة 2004 كما ورد من مجلس النواب لقصوره عن معايير الممارسات الديموقراطية الفضلى وضرورة تعديله وإعادته لمجلس النواب

بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الرئيس
أصحاب الدولة و المعالي و السعادة الزميلات و الزملاء الأكارم

تنصب مخالفتي لقرار لجنة الشؤون القانونية الموقرة أن موافقتهم على مشروع القانون المعدل وأسبابه الموجبة تتجاوز حقيقة واقعة لا يمكن تجاهلها، وهي أن أحكام مشروع القانون المعدل قاصرة عن تحقيق أسبابه الموجبة. فهو لا يحقق الأهداف المتوخاة منه لتعزيز الديموقراطية والحرية والمشاركة السياسية المنشودة في هذا الوطن ضمن معايير الديموقراطية الفضلى التي تعهدت السلطات الدستورية أن تطبقها.

إن إقرار مشروع القانون المعدل – وعلى الرغم أنه يشكل خطوات نحو الأفضل – سيبقي قانون الاجتماعات العامة ضمن مفهوم الوصاية وتغلغل الرقابة الإدارية في الاجتماعات كقاعدة عامة إلا ما تقرر الإدارة عدم التدخل فيه؛ ذلك أن التعديلات التي جاء بها لا تمس جوهر المشكلة وجاءت هذه التعديلات دون مستوى طموح القائد والمواطن وأقل مما توقعه مجلس الأمة لتعزيز الحقوق الدستورية وإطلاق الحرية المسؤولة لممارسة حق الاجتماع و التظاهر المضمون بالدستور، لا بل سيبقى قانون الاجتماعات العامة – رغم التعديلات المقترحة – يرزح تحت نموذج السيطرة والوصاية وينوء بثقل الإدارة وسيبقى يشكل –وللأسف– عائقا أمام ممارسة الأمة سلطاتها.

دولة الرئيس
الزميلات و الزملاء المحترمين

تعتري قانون الاجتماعات العامة الساري أوجه قصور متعددة تبتعد عن المعايير الديمقراطية ولا تنسجم مع روح الحقوق الدستورية والحريات العامة ولكن للأسف فإن كبرى أوجه القصور هذه و نائبة النوائب فيه، ألا وهي تعريف الاجتماع العام – لم يتطرق لها القانون المعدل. فالقانون المعدل لم يتعرض لتعريف الاجتماع العام، حيث ينص قانون الاجتماعات العامة في المادة الثانية منه أن الاجتماع العام هو: “الاجتماع الذي يتم عقده لبحث امر ذي علاقة بالسياسة العامة للدولة” وهو بهذا المفهوم يشمل التقاء أي شخص مع أي شخص آخر بهدف بحث أمر من أمور السياسة العامة دون قيد من حيث الزمان و المكان أو حتى حصر الاجتماع في الملفات السياسية دون الاقتصادية أو الاجتماعية منها. وهذا يكرس تدخل الإدارة في حرية الاجتماع كقاعدة عامة، إلا ما تستثنيه الإدارة من الرقابة أو التدخل، ولا يجوز أن يبقى الأصل هو خضوع ممارسة حق الاجتماع للرقابة الإدارية.

وقد أبدى زملائي الأكارم في اللجنة القانونية أن سياق القانون لا يمكن أن يفهم كما قد أسلفت لكم لأن السياق يؤدي إلى غير هذا المفهوم وأنه ليس كل اجتماع يدخل في نطاق القانون. ولكن غاب عن زملائي في اللجنة وفاتني أن أنوه أن ممارسة وزارة الداخلية في ظل قانون الاجتماعات العامة تتفق اتفاقا كاملا مع فهمي لتعريف الاجتماع العام حيث أن الوزارة أعملت صلاحيتها في استثناء بعض الاجتماعات العامة من شرط الموافقة السبقة – الإشعار المسبق في حالة صدور القانون المعدل – فنصت المادة 2 من تعليمات تنظيم الاجتماعات العامة والتجمعات والمسيرات لسنة 2004 والصادرة بموجب المادة 3 من قانون الاجتماعات العامة على استثناء بعض الاجتماعات من شروط الموافقة المسبقة – الإشعار – وبالتالي من مفهوم عدم المشروعية في حالة عقد اجتماع دون موافقة –إشعار- فأصدر معالي وزير الداخلية استثناء لبعض الاجتماعات لأن “طبيعتها لا تستدعي ذلك” حسب نص التعليمات وليس لأنها تخرج عن التعريف، فاستثنى الوزير الاجتماعات التالية:

أ.  اجتماعات الهيئات العامة ومجالس إدارة (الجمعيات الخيرية والتطوعية، الشركات،غرف التجارة والصناعة، البلديات، النوادي) شريطة أن تتعلق هذه الاجتماعات والتجمعات بتحقيق غاياتها ووفقا للتشريعات المنظمة لأعمالها.
ب . الاجتماعات والتجمعات المهنية التي تعقدها النقابات والتجمعات المهنية وفقا للتشريعات المنظمة لأعمالها.
ج . اجتماعات وتجمعات الأحزاب السياسية المرخصة قانونا داخل مقارها في حدود الشروط المنصوص عليها في قانون الأحزا السياسية الساري المفعول.
د . الندوات والبرامج الإعلامية التي تعقدها المؤسسات الإعلامية الرسمية خارج مقارها ومواقعها شريطة موافقة الجهة الرسمية ذات العلاقة.
هـ . الاجتماعات والتجمعات داخل حرم الجامعات ولايشمل ذلك الساحات الواقعة خارج أسوار الجامعات .
و . الاجتماعات والندوات ذات الصبغة الأكاديمية سواء قامت بها مؤسسات رسمية اوخاصة .
ز . الاجتماعات والتجمعات لغايات الاحتفالات بالمناسبات الوطنية والدينية المنظمة من قبل لجان الاحتفالات في الوزارات والمحافظات على ان يتم إعلام وزارة الداخلية بها قبل قيامها باسبوع على الاقل .
ل . الاجتماعات والتجمعات في مناسبات الافراح والاتراح واجتماعات الروابط والتجمعات العائلية ذات الصبغة الاجتماعية.

ولا أخالف الوزير فيما ذهب إليه، ففهمه للتعريف و للقانون يتفق وأصول اللغة و التفسير وعلم القانون فالمطلق يجري على إطلاقه اذا لم يقم دليل التقييد نصا أو دلاله، كما أنه اذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع، و الأصل في الكلام الحقيقة فلا يجوز حمل اللفظ على المجاز إلا اذا تعذر حمله على معناه الحقيقي. ولقد أمضيت سحابة الأمس أبحث في كتب قواعد التفسير في أصول الفقه والقانون و قرارات المجلس العالي والديوان الخاص للبحث عن منهج يسعفني على اتباع قرار الأغلبية الموقرة في اللجنة لتقييد الحكم المطلق في تعريف الاجتماع العام فلم تسعفني كتب الأولين ولا المتأخرين ولا منهج المجلس العالي ولا الديوان الخاص لتفسير القوانين.

إن بقاء تعريف الاجتماع العام على حاله يعني أن التعديلات التي جاء بها مشروع القانون تبقي الرقابة الإدارية قائمة كأصل عام حتى على إقامة فرح أو فتح بيت عزاء، إلا إذا قرر وزير الداخلية أن هذه الاجتماعات لا تستدعي الرقابة، وإلا بقيت خاضعة للعقوبة التي نص عليها القانون في حالة مخالفة إجراءات عقدها وتنظيمها حيث تنص المادة 10 من القانون على أنه “يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تتجاوز ثلاثة اشهر او بغرامة لا تقل عن مائتي دينار ولا تتجاوز الف دينار او بكلتا هاتين العقوبتين”.

إن إبقاء تقدير ما يستدعي التدخل فيه من الاجتماعات رهنا بسلطة الإدارة يتنافى مع الإصلاح الديموقراطي الذي ننشده وإطلاق الحرية المسؤولة الذي نسعى إليه،

دولة الرئيس
الزميلات و الزملاء المحترمين

إن النظر في نص المادة 2 من قانون الاجتماعات العامة مخالف للدستور حيث إنها غير معروضة أمامنا ضمن مواد المشروع وحيث إن تحقيق ما نصبو إليه أعيانا و حكومة هو إصلاح قانون الاجتماعات بما ينسجم مع أفضل الممارسات الديمقراطية المنسجمة مع روح ومضمون الحقوق والحريات العامة، وحيث لا يملك المجلس تعديل التعريف الذي لم يتطرق له المشروع، فإنني أقترح تعديل المادة الرابعة من خلال حصر متطلب الإشعار في أقل قدر ممكن من الاجتماعات ليرقى التعديل لمستوى أسبابه الموجبة التي أوردت أن هدف التعديل هو إطلاق الحريات العامة و تجسيد المشاركة في صنع القرار الوطني بما يكفل حرية التعبير و الرأي و حقوق الإنسان.
وعليه أقترح أن يكون نص المادة 4 كما يلي:
• يشترط في الاجتماعات العامة التعبير بالوسائل السلمية وعدم المساس بالممتلكات العامة و الخاصة أو تعريض الأرواح للخطر أو الاعتداء على حقوق الآخرين.
• لضمان تحقيق الأهداف الواردة في الفقرة أ على منظمي أي اجتماع عام أو مسيرة تقديم إشعار للحاكم الإداري قبل الموعد المعين لإجراء أي منهما بثمان وأربعين ساعة على الأقل، إذا كان أي منهما:
• سيتم في مكان عام ومفتوح للعموم دون قيد أو شرط،
• أو إذا كان في مكان عام ومن المتوقع أن يحضره أكثر من 250 شخصا.
ج- يجب أن يتضمن الإشعار أسماء منظمي الاجتماع العام أو المسيرة و عنواينهم و تواقيعهم و الغاية من الاجتماع أو المسيرة ومكان و زمان أي منهما بما في ذلك خط سير المسيرات والوقت المتوقع لانتهائها.

دولة الرئيس
إن الموافقة على مقترحي أولى من الموافقة على تعديل قاصر لقانون متفق على أنه يشكل باكورة الإصلاح السياسي لتلبية طموح القيادة و المواطن في معايير القوانين الناظمة للحياة السياسية أولى من اعتبارات الزمن أو انتهاء مدة الدورة العادية. وإذا كان صدور قانون الاجتماعات العامة ليعكس إصلاحا حقيقيا يتطلب تمديد الدورة العادية لمجلس الأمة فليكن. فهذا المجلس رغم الحراك السياسي الذي يعصف بالشارع العربي ويشهده الشارع الأردني آثر الصمت أو في أحسن تقدير لم تتح له الفرصة لأن يعبر عن رأيه وتركنا المبادرة للشارع.

أدعو الله أن يوفق الأردن وقيادته و أهله للخير و الإنجاز

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العين
الدكتور صلاح الدين البشير

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية