البقعة ليس دوار اللؤلؤة

الإثنين 18 نيسان 2011

بقلم نجيب كايد

بعد أن أعلن الذين يسمون السلفيين نيتهم الاعتصام في مخيم البقعة يوم الجمعة القادم، وبعد أن أقحم نائب رئيس الوزراء مصطلح الإقليمية في سياق تأكيده الاستعداد للتعامل معهم، أصبح مخيم البقعة يواجه خطر قيام معركة حقيقية في أزقته.

رجال الأمن سيذهبون للمعركة بنفس أخذ الثأر واستعادة الهيبة وتطهير الوطن من القوى الظلامية، وتلاميذ الزرقاوي والمقدسي يعتبرونها معركة أحد. أما أطفال البقعة فسيمارسون دورهم الذي مارسه آباؤهم قبلهم عندما كانوا أطفالاً: الاختناق بالغاز المسيل للدموع، تحمل رزالات هذا الطرف، الصبر على انفعالات الطرف ذاك، ولابد من تلقي بعض الرصاص الطائش.

الحكومة تستطيع أن تعتقل جميع سلفيي الأردن الليلة، لكنها لا تريد ذلك، ليس لعدم وجود مسوغ قانوني، فقد فعلت ذلك عدة مرات ولأسباب أتفه من طعن رجال الأمن. الحكومة اختارت الحل البحريني: اسحب تعاطف الناس مع المتظاهرين، ثم اقمعهم بالقوة، ثم قم بحوار لا ينتهي حول الإصلاح، ولا بأس من “رشة” إصلاحات، ثم تأتيك أموال الخليج لتكمل تخدير الناس بها.

في البحرين وصموا مطالبات الإصلاح بأنها مدعومة من إيران، وهذا به قدر كبير من الصحة، وبه أيضاً قدر كبير من الظلم للثوار المطالبين بالإصلاح لأسباب وطنية خالصة، واكتسبت قوات الأمن هناك تعاطفاً، بسبب التركيز على مشاهد دهس رجال أمن عمداً بسيارات المتظاهرين الفارين منهم.

في الأردن دخل السلفيون – أو أدخلوا – للمشهد فتشوه، وتشوهت لدى كثيرين صورة 24 آذار، وأصبحت عبارة “خلينا هيك أرحم من حكم طالبان” تسمع ويتم تداولها، ونال عناصر الدرك تعاطفاً كبيراً، حتى في صفوف من جربوا هراواتهم. وبعد هذه الخطوة ستأتي الخطوة التالية، خطوة القمع بعد التشويه، وقد اختير لها يوم الجمعة في أكبر مخيم فلسطيني في العالم من حيث عدد السكان، وهذه ساحة مناسبة لطرفي المعركة “الجريمة”. ففي البقعة تزدهر السلفية بفضل سياسات الحكومات المتعاقبة، مما يجعل المشايخ يلعبون على أرضهم، وفي الوقت ذاته يتيح للحكومة ساحة ستسبب لها – في الظروف الحالية – حرجاً أقل بكثير من معان مثلاً، من منطلق العدالة في توزيع الهراوات بين الأردنيين من شتى المنابت والأصول. وأيضاً من أسباب قلة حرج الحكومة في البقعة الصورة النمطية القاتمة التي ألصقتها الحكومات بالمخيم في عقول أبناء المدن والقرى، والتي لا تمت للحقيقة بأية صلة.

لا يستطيع أحد إنكار الجهود التي تبذل منذ عقود لتفريق المواطنين وزرع الخوف من الآخر بين الأردنيين، والتي يبدو أن وقت حصادها قد حان، وإلا لماذا تقحم الإقليمية في الحديث بمجرد سماع كلمة بقعة؟ هل الاعتصام بالمفرق يوحي بإقليمية معاكسة؟ هل يفترض أن تقام الاعتصامات في المدن الكبيرة فقط لكي لا توحي بالإقليمية؟

مطلوب من كل ذي ضمير، ومن كل ذي قلم ورأي، ومطلوب من نشطاء البقعة في العمل الاجتماعي والسياسي، ومن نائب البقعة عبد الله جبران، أن ينسقوا التحرك لتجنيب المخيم وأطفاله هذه الجريمة، ومطلوب أن يتحركوا بسرعة فالوقت ينفذ والخطب جلل.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية