رسالة إلى شباب ٢٤ آذار

الجمعة 01 نيسان 2011

بقلم جابر جابر

اشقائي ورفاقي  في حراك الرابع والعشرين من اذار تحية طيبة وبعد

بداية أعبر لكم عن فخري الشديد كوني كنت واحدا من المشاركين في اعتصامكم الأسبوع الماضي في ميدان الداخلية على مدى يومين تجسدت لي فيهما الوحدة الوطنية الاردنية في أبهى صورها، وحدة بين الاردنيين على اختلاف الايدلوجيات وعلى اختلاف الأصول والمنابت شيبا وشبانا ذكورا واناثا، وعلى اختلاف المستوى الاجتماعي كذلك. وبعد ما حدث عصر الجمعة اصبت بحنق شديد وغضب لا يعلم مقداره الا الله، فلماذا نُضرب نحن المطالبون بمصلحة البلد؟ ولماذا يقوم اخوتنا واهلنا باتهامنا بأسوا الاتهامات ونحن يشهد الله ما خرجنا الا لنحسن من هذا البلد ونجعله رائد النهضة العربية كما يستحق ان يكون وكما يجب ان يكون.

اضغط للذهاب إلى الفيديو على عرمرم

وكنت اظن أن من قاموا بضربنا هم اناس مأجورون، دفع لهم “البعض” الخائف على أمواله التي نهبها، وعلى ثرواته التي بغير وجه حق اكتسبها، وقد كان من الممكن ان أعيش مع هذه الفكرة الى أن انتقل الى العالم الآخر، لكنني شاهدت مرغما أحد الفيديوهات التي بثها تلفزيون الانترنت الاردني “عرمرم” والذي كان بعنوان “بين ما يقوله الملك وما يفهمه البعض” وهذا الفيديو أجبرني على الضغط على المكابح والا فإنني سأظل غارقا في وهمي الى أمد طويل.

هؤلاء الشباب الذين يظهرهم الفيديو بأسلحتهم شبان أردنيون وهم على الأغلب غير مأجورين ولا مدفوع لهم، بل ان بعضهم قد يتلقى اللوم من أهله وذويه لما فعل، ولكنهم مع هذا مصرون على أن ما فعلوه هو للأردن وللأردن فقط.

ظن الشباب الذين اعتدوا علينا انهم بفض اعتصامنا انما يحموننا من انفسنا، أنهم عندما يضربوننا فإنهم يحمون الاردن من تكرار التجربة المصرية أو التونسية، أنهم يحمون البلد من الفوضى، وانهم يقدمون خدمة للأردن ستذكرها لهم الاجيال القادمة.

وسوء الفهم هذا مأساوي، وسيكون كارثيا ان لم يعالج وعلى وجه السرعة. وللوصول الى حلٍِ في مشكلة ما علينا ان نعرف ما هي المشكلة وما هو السبب في وقوعها.

والمشكلة لدينا هنا: هي جهل المعتدين علينا باهداف حركتنا الاصلاحية وما ترمي اليه هذه الحركة
اما عن سبب المشكلة فأرى ان الجميع ملوم، وإن بدرجات.

فالمعتدون ملومون، وجدا، حتى وان كانوا يجهلون اهدافنا، حتى وان كانوا لا يعرفون اننا أردنيون حتى النخاع، فهذا النوع من الجهل لا يعذر صاحبه، لأنه وبكل بساطة كان بإمكانه سؤال اي منا عن هويته او عن اسمه، لأنه كان بإمكانه الاستماع الى هتافاتنا وان لم يفهمها كلها
فما الذي لم يفهمه المعتدون في عبارة: بالروح بالدم نفديك يا اردن أو في انشادنا للسلام الملكي الاردني.

المعتدون مخطؤون، لكن من الظلم الذي لا اقبله لنفسي ان ألومهم وحدهم على ما جرى.

وبالطبع لن اتعبكم بلوم الحكومة فهي ملامة، وبالعشرة ايضا، وما جرى في المؤتمرات الصحفية التي عقدها الناطقون باسمها ليس سوى ادانة لها، خاصة مع وجود الفيديوهات التي تثبت حتى للأعمى من هو المعتدي  فيما جرى.

من ضمن الملومين ايضا فيما جرى: نظامنا التعليمي. وقبل ان أُرمى بانتقاداتكم، اعلم جيدا ان الاردن يملك واحدة من اعلى نسب المتعلمين لا في الوطن العربي فقط بل في العالم كله، لكن هذا التقارير لا تتحدث ابدا عن نوعية التعليم أو عن جودته.
فتعليمنا الرسمي ايها الاخوة يعلمنا كيف نقرأ الخبر  لكنه لا يعلمنا كيف نقرأ ما وراء الخبر.
تعليمنا الرسمي يعلمنا كيف نخط الحروف لكنه لا يعلمنا كيف نفك الكلام ونفهم معانيه.
تعليمنا قائم على ان المدير على حق, والمعلم على حق, وأن الأب على حق، وان الكتاب على حق، والمذنب الوحيد هو أنت ايها الطالب.
تعلمينا المدرسي لم يعلمنا يوما كيف ننتقد , ولم يعلمنا بالطبع كيف نختلف
تعليمنا قال لنا أن الخلاف حرام ولم يقل ان الاختلاف ظاهرة صحية.
تعليمنا المدرسي ربط لنا السياسة بمصطلح “وراء الشمس”
تعليمنا ايها السادة جعل الكلام في السياسة من الكبائر التي لا يغفر لمرتكبها ولو تاب وابدى الندم.
وبالطبع كان المرادف لكلمة سياسة ايام الجامعة “إن كنت محظوظا وامتلكت نقودا تدخلك الى الجامعة” كان المرادف لكلمة سياسة هو: انت مفصول مفصول مفصول يا ولدي.
او في أفضل الاحوال محروم من الدراسة لفصل او كثر.
نعم تعليمنا مذنب في الحجارة التي انهالت  على رؤوسنا.

لكنه ليس الوحيد كذلك فمن ضمن المذنبين فيما جرى لنا  “نحن” وأقصد عندما اقول نحن شباب 24 اذار.
وهذا الكلام ليس انقلابا على نفسي وعليكم، ولا هو من قبيل جلد الذات، وإنما هي محاولة ارجو ان تكون صادقة لمراجعة الذات، فالعاقل يحاسِب نفسه قبل ان يُحَاسَب، ولا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين. ولذا علينا أن  ننسى كبريائنا قليلا وان نتواضع ونفكر لوهلة اننا قد نكون اخطانا بعض الشيء في يومي 24 و 25 اذار وما قبلهما ولكن المهم ان لا نكرر هذه الاخطاء لاحقا.
و من الاخطاء التي حدثت:
اولا سرعة النزول الى الشارع  فقد تعجلنا في النزول وكأننا في سباق مع الوقت أو مع أحد آخر واننا نريد الصدارة.
ثانيا: اختيارنا للمكان كان استفزازيا خاصة مع رفعنا لشعار معتصمون حتى تحقيق المطالب، فهذا الامر يعني اننا نعادي الناس العاديين الذي لا ناقة لهم في مشروعنا ولا جمل.
* بالطبع لا ناقة لهم ولا جمل في هذا الامر ناجم عن استعاجلنا في النزول الى الشارع وعدم انتظارنا حتى نوصل افكارنا الى الناس.

للأسف لم نُفهم الناس العاديين اننا انما خرجنا لأجلهم ولأجلهم فقط لا لمصالح حزبية ولا لمطالب فئوية.

اما أكبر اخطائنا فهو الشعارات التي قمنا برفعها. (هذا لا يعني بحال من الاحوال اننا لا اوافق على الشعارات او على معظمها).
ففي ظل ما تمر به الامة العربية من تحولات وثورات كان من السذاجة السياسية الا نتوقع ان يُفهم شعار الشعب يريد إصلاح النظام على انه ذات الشعار: الشعب يريد اسقاط النظام.

وبين الشعارين بون واسع لدى العارفين بالسياسة لكنه للانسان الذي لا فارق عنده بين الجزيرة والتلفزيون الاردني ذات الشعار.

فظن من ضربنا اننا انما خرجنا لقلب نظام الحكم، وأننا متآمرون على جلالة الملك، وبالطبع هذا الأمر مرفوض لا لديهم فقط بل لدينا ايضا جملة وتفصيلا، بل انني اجرؤ على القول انني ما خرجت إلا لمواجهة قوى الشد العكسي التي تحدث عنها جلالة الملك والتي تبذل اقصى جهدها حتى يصبح الاصلاح نسيا منسيا.

كان علينا ان نُفهم الناس الفارق بين اصلاح وبين اسقاط.

بل وكان علينا ان نستغل الساعات التي كنا فيها سالمين من تشويش “الفريق الاخر” ومن حجارتهم، كان علينا ان نستغل تلك الساعات في خلق حالة عامة من الوعي بنطالبنا، كان معظم المتحدثين يشيدون بالشباب، وهم بالطبع يستحقون الإشادة  لكن هذا ليس كافيا، فأن يكون امامك ألفان من الشباب الوطنيين حقا والا تستغل الوقت الا بالهتاف فتلك جريمة في حقهم وحق حراكك الشعبي.
اما الشعار الاخر الذي فُهِمَ خطأ فهو شعار رفع القبضة الامنية، وقد كان الجهل بمعنى هذا الشعار جريمة وعدم توضيحه جريمة ايضا.

فما فهمته انا من رفع القبضة الامنية لم يكن ولو في اسوأ السيناريوهات معناه اغراق البلد في الفوضى، ولا تحطيم اجهزتنا الامنية التي نفاخر بوطنيتها الدنيا كلها، وبالطبع لم يكن المقصود منه جعلنا قبائل تتناحر وتتشاجر.

وانما كان المقصود السماح بالعمل السياسي سواءا في الشارع الاردني او في الجامعات او عبر الاعلام الرسمي او غير الرسمي دون اللجوء الى الموافقة الامنية اولا، دون الخوف من الاعتقال، دونما هضم لحرية التعبير.

يا اصدقائي، يا رفاقي، يا اخوتي وأهلي وناسي : التوعية، التوعية، التوعية، هي سلاحنا الأمضى وهي السيف الذي تتحطم أمامه دعوات الجاهلية والعصبية المقيتة.

اخوتي اعلم انني أطلت عليكم لكنه الحرص على ان لا نكرر الاخطاء والا صارت خطايا
حتى لا نلدغ من ذات الجحر مرتين.
وكما قال الفرنسيون: ليس المهم ان تكون محقا ولكن المهم ان تكون حكيما.
انتم محقون فكونوا حكماء.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية