ووترجيت محلي

الأربعاء 27 نيسان 2011

بقلم جابر جابر

في العام 1968 نجح ريتشارد نيكسون في أن يصبح الرئيس السابع والثلاثين للولايات المتحدة الامريكية، الا انه كان قد
تمكن من الفوز على منافسه بفارق ضئيل جدا، الامر الذي هدد بأن تكون أعوامه في البيت الابيض اربعة لا ثمان، ولذا في الانتخابات التالية وبالتحديد في العام 1972 قام باللجوء الى وسيلة قد تعتبر بالنسبة الينا نحن العرب تقليدية ولا تشوبها شائبة فساد على الاطلاق، الا وهي التجسس على المكالمات الهاتفية الواردة والصادرة من مقر الحزب المنافس لحزبه. وكما يليق ببلد فيها قضاء مستقل وصحافة حرة (الى حد ما) تمت متابعة القضية ولم تنجح محاولات السي اي ايه ولا محاولات البيت الابيض ل “لفلفة” القضية ومعاقبة المقبوض عليهم فقط دون الإلتفات الى من امر بعملية التنصت.

المهم أن الرئيس الامريكي لوحق قضائيا واجبر على تقديم استقالته واعتبرت هذه الواقعة اكبر فضيحة سياسية تهز أركان البيت الأبيض ومؤسسة الحكم الامريكية.

والحقيقة أنني كلما قرأت عن هذه الفضيحة دمعت عيناي، ليس فرحا بالقضاء النزيه فقط، ولا بقوة الأثر الذي تلعبه الصحافة الحرة فقط، بل لأن عشرات “الووترجيتات” تحدث في بلدي دون ان يتزحزح كرسي مسؤول، بل ودون ان تقض الكوابيس مضاجع مسؤولينا الاحباء.

وقبل ان أُرمى بأنني من جماعة تهويل الاخطاء وتحويلها الى خطايا، سأعدد عليكم امورا أرى انه كان من الواجب أن يقال لأجلها مسؤولون كبار في بلدي:

الاعتداء على مواطنين أردنيين كانوا قد تجمعوا بشكل سلمي رافعين العلم الأردني على دوار الداخلية ليس بالشتائم فقط بل وبالضرب بالحجارة وبالهراوات، الجاني معروف “مش البخيت”، والضحية معروفة، والاعلام لم يكتف بالتصوير فقط بل وتم الاعتداء عليه ايضا، والنتيجة؟ لا إدانات لأن المسؤولين الكرام قد ارتأوا أن ما حدث مجرد صفحة لابد وان تطوى، ولذا “قولوا ليس”.

اعتداء أعضاء في مجلس النواب على المواطنين الاردنيين وتهديد أحد هؤلاء النواب للنسيج الوطني الاردني عبر مطالبته لكل من تسول له نفسه بمعارضة الحكومة ان يترك الاردن ويرحل الى “الجسر”، فيما هدد زميله النائب الجنرال “غير العسكري” انه إن لم تتمكن الحكومة من لجم المتظاهرين فإنه قادر على قمعها، وقد كان له ما اراد.

أن يتحول السيد سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد الى أهم شخصية في الأردن، ليس لأن المدانين بالفساد كثر، ولكن لأن كل المشاريع الكبرى في البلد قد تم تحويلها الى الهيئة لوجود شبه فساد فيها.
ثم يأتينا موضوع اعتقال الطفل منذر نعيم من مدرسته في اعتداء سافر على حرية التعبير وعلى الطفولة معا، اوليس هذا  كافيا لإقالة الحكومة أو على الاقل معاقبة شخص ما داخلها؟

أما ما كان من المفروض لها أن تكون قاصمة الظهر لأي حكومة كانت فهي قصة سفر أو هروب أو إن شئتم تهريب السيد خالد شاهين من منتجع سجن سحلوب السياحي الى بريطانيا. سجين اردني أدين بتهم تتعلق بالفساد قامت الحكومة بالسماح له بالسفر الى امريكا تحت حجة ان لا علاج لمرض هذا الشخص في الاردن .
ولو لم يكن في هذا القرار الا قتل لقطاع السياحة العلاجية في الاردن لكفى به سببا مقيلا للحكومة، فكيف اذا وإحدى الصحف المحلية تطالعنا بخبر مفاده ان خالد شاهين والذي من المفترض انه متواجد في امريكا يتواجد حاليا في مطاعم بريطانيا “لا مستشفياتها”؟

هذا مجرد غيض من فيض  مما يحدث في بلدي، العديد العديد من الووترجيتات، ولكن لا مسؤول يتنحى ولا كرسي يتزحزح.
علينا والمجتمع غارق حتى اذنيه في نقاش مستمر حول الاصلاح وحول الفساد ان لا ننسى ان الفساد لا يكون فقط عبر يد طويلة تمتد الى مقدرات الشعب، ولا عبر كراس ومناصب تورث وكانها اموال الوالد، بل يكون كذلك عبر مسؤول او موظف يقصر في اداء مهامه، خاصة ان كانت هذه الوظيفة متعلقة بشكل مباشر في قضايا الامة ومصير الشعب. وكما يعاقب الشرطي او الجندي في حال تخاذله عن حماية الحدود فعلى المسؤول ان يقال “على اقل تقدير” ان سمح للأمانة الموكلة اليه بأن تضيع.

علينا جميعا ان كنا جادين في الحديث حول الاصلاح ان ندرك انه ومن الطبيعي جدا بل ومن الصحي للوطن وللمواطن ان  يكافأ المجد على عمله وأن يحاسب المقصر على تقصيره.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية