المطار الجديد: سايبين الشقة كلها وقاعدين في أوضه واحدة

الأربعاء 13 نيسان 2011

بقلم جواد عباسي/مدونة ركن الحرية

اقتبس في العنوان عادل امام في “شاهد ما شفش حاجة” لان هذا الاقتباس يصف بشكل كبير قرارات اتخذت بخصوص مبنى مطار الملكة علياء الجديد يبين أي تحليل موضوعي تجاوزها لبديهيات في الادارة والهندسة الصناعية. فالمشكلة كانت واضحة: المبنيان 1 و2 للمطار القديم تم انشاؤها في 1983 بطاقة استيعابية تبلغ 3.5 مليون مسافر سنويا. في 2009 وصل عدد المسافرين الى اكثر من 4.7 مليون مسافر اي اكثر من الطاقة التصميمية بحوالي 35% بالمئة مما يشكل ازدحاما كبيرا. والحل المنطقي هو القرار الذي اتخذ ببناء مطار جديد بسعة تبلغ 9 ملايين مسافر سنويا متوقع اتمامه في 2012 او 2013، الى هنا لا بأس.

تكمن المشاكل في خيارات اتخذت بخصوص مبنى المطار الجديد. فمثلا صمم المطار الجديد قريبا جدا من المبنى القديم بحيث ادت اعمال البناء الى تخفيض بوابات المطار القديم التي تستخدم الجسور الهوائية للطائرات من 12 الى 8 وتحويل عدد كبير من الرحلات الى نظام بائد لا يستخدم الا في المطارات “الطشي” للتحميل والتنزيل يعتمد نقل الركاب بالباصات (فمثلا عند عودتي من رحلة طيران قبل اسبوع استخدم المسافرون الباصات ووصلنا الى المبنى لنجد الدرج الكهربائي معطلا فحملنا حقائبنا وصعدنا مشيا). وهذا عمليا خفض سعة المطار القديم بالثلث في الوقت الذي تتزايد فيه الحركة سنويا. هذا التخفيض في قدرة المطار الحالي على استيعاب الطائرات بنظام الجسور المغلقة يسبب ازدحاما اكثر سيزيد سوءا حتى الانتهاء من المطار الجديد. كذلك فان تحويل عدد كبير من الرحلات الى نظام نقل الركاب بالباصات يزيد من نفقات شركات الطيران ويقلل من سلاسة انسياب المسافرين وامتعتهم.

القرار الثاني غير المنطقي هو التوسع في تسويق المطار الحالي (المنقوص السعة) وتحفيز زيادة حركة المسافرين عليه وزيادة الاسعار المدفوعة من شركات الطيران قبل الانتهاء من بناء المطار الجديد. وهو ما يشي باهتمام المشغل الجديد للمطار بزيادة العوائد من دون النظر الى تحسين نوعية الخدمة. فعمليا الاسعار زادت مع التدني في الخدمة المقدمة بسبب تخفيض السعة.

مرتبط بقرار تخفيض سعة المطار الحالي قرار غير منطقي اخر وهو هدم المطار القديم بعد الانتهاء من المطار الجديد. وهو الامر الذي قلما تجد مثله في العالم. فمطار لندن هيثرو مثلا هو من اكثر مطارات العالم ازدحاما. وهيثرو – الذي يستخدمه اكثر من 65 مليون مسافر في السنة- له كما مطار الملكة علياء الدولي مدرجان للطائرات. هذان المدرجان يخدمان عمليا خمسة مطارات (او محطات) كان اخرها محطة رقم خمسة الذي افتتحت في بداية 2008. فبين محطة رقم واحد في هيثرو التي بنيت في 1968 ومحطة رقم خمسة التي بنيت في 2008 اربعون سنة. ولم يحدث ان أدى بناء محطة جديدة الى هدم القديمة. بل العكس كان بناء الجديد دافعا لتحسين وتجديد القديم. وهذه المقارنة تقودنا الى التساؤل: ما الداعي الى هدم المطار القديم بعد افتتاح المطار الجديد مع انه لا يوجد معوقات مساحية (فمطار الملكة علياء في منتصف الصحراء وليس داخل مدينة) لبناء المطار الجديد من دون هدم المطار القديم بحيث يستخدم المطاران نفس المدرجين. والامثلة غير هيثرو كثيرة: فمطار كنيدي في نيويورك ايضا اصبح ثماني مطارات تسنخدم نفس مدرجات الهبوط والاقلاع. كذلك للقاهرة الان 3 مطارات لان مصر لم تهدم مطار القاهرة القديم عند بناء الجديدين في 1993 و2009.

في عدم هدم المطار القديم فائدة من ناحية السعة. فالمطار الجديد سيحتوي على 14 بوابة وجسر هوائي للطائرات للتحميل والتنزيل. اي بوابتين زيادة فقط عن السعة الاصلية للمطار القديم (مع التسليم ان المطار الجديد قابل للتوسعة المستقبلية ايضا). فلو ابقينا على المطار القديم لوصلت مجمل السعات الى 26 بوابة وسعة كلية تصل الى اكثر من 12 مليون مسافر سنوي. ولكن بسبب قرار الهدم سنحظى بعد 3 سنين بمطار له 14 بوابة بعد ان نكون قد عانينا من مطار اقل سعة لغاية انتهاء المطار الجديد.

كذلك فان الابقاء على المطار القديم سيزيد من تنافسية مطار الملكة علياء لجذب المزيد من خطوط الطيران العالمية والاقليمية الى عمان. فوجود مطارين – ولو انهما يتبعان نفس المشغل- يسمح بعمل اسعار مختلفة بحسب المطار الذي تختار شركة الطيران ان تستخدمه بالاضافة الى ان السعة الاضافية تقلل من اسباب تأخير الطائرات. فلنكن واقعيين: سيصل عدد مستخدمي مطار الملكة علياء الدولي الى 5 ملايين في 2010 وعند تقدير زيادة حركة المسافرين بحوالي 7% سنويا يعني اننا سنصل الى السعة التصميمية للمطار الجديد بين 2018 و2019 تقديرا. اي اننا سنصل الى الطاقة الاستيعابية الكبرى للمطار الجديد خلال 5 سنوات من الانتهاء من بنائه وهي غمضة عين في عمر المطارات.

لربما نعود عن قرار هدم المطار القديم. فبالاضافة الى الاسباب الموضوعية اعلاه للابقاء عليه هو ايضا معلم من معالم الاردن الحديث وشاهد على التطور فيه. فهل يعقل ان يبقى مطار ماركا شاهد على مرحلة سابقة فيما نمحي معالم اول مطار حديث وعصري في الاردن؟

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية