مجلس تعاون خليجي موسع: تحديات وفرص

الجمعة 13 أيار 2011

بقلم سلطان سعود القاسمي

تم تلقي خبر احتمال انضمام مملكتي الأردن والمغرب لدول مجلس التعاون الخليجي بصدمة ودهشة من قبل مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في غضون دقائق من إعلانه. الأمين العام الجديد لدول مجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، الذي يشغل هذا المنصب منذ بضعة أسابيع فقط، أعلن النبأ للصحفيين في الرياض مساء يوم الثلاثاء. ولكن كيف سيبدو هذا الكيان المتوسع وما هي التحديات والفرص الأولية؟

لأغراض الوضوح سيتم استعمال مصطلح “مجلس التعاون الخليجي 1.0” للإشارة إلى الأعضاء الستة الأصليين وهم السعودية والإمارات المتحدة والكويت وعمان والبحرين وقطر، بينما سيشير مصطلح مجلس التعاون الخليجي 2.0 للكيان الأوسع الذي يضم الدول الستة السابقة إضافة إلى الأردن والمغرب.

على الرغم من عدم الإعلان عن أي مواعيد حتى الآن، فإن هذا الكيان بعد التوسعة سيملك عدد أكبر من السكان، ومصادر معززة للموارد ومجموعة أكبر من التحديات. عبر الأردن سيصبح لمجلس التعاون الخليجي 2.0 حدود مع فلسطين وسوريا، وبشكل مزعزع للاستقرار، مع إسرائيل. عبر المغرب، سيصبح للمجلس 2.0 حدود مع موريتانيا والجزائر فضلا عن الأراضي المتنازع عليها مع اسبانيا في مدينتي سبتة ومليلية.

ووفقا لآخر التقارير من قبل بنك الدوحة في قطر فإن الناتج المحلي الإجمالي من دول مجلس التعاون الخليجي 1.0 سيصل هذا العام إلى 1402 مليار دولار مما يضع اقتصاده في المرتبة الثالثة عشر عالميا. وعلى الرغم من أن اقتصادات المغرب والأردن ستساهم فقط بنحو 200 مليار دولار في المجموع بينهما، إلا أن إمكانية تطوير قطاعات الخدمات والسياحة والصناعة والتجارة في هاتين المملكتين واعدة للغاية. سياسيا، برلمانات الأردن والمغرب، إلى جانب الكويت من بين الأكثر نشاطا والأكثر تمكينا في العالم العربي اليوم.

مجلس التعاون الخليجي الموسع يعني أنه سيصبح بإمكان مواطني الأردن والمغرب السفر والإقامة في دول المجلس الأصلي دون الحاجة لتأشيرة دخول. مواطنو الدولتين الجديدتين سيصبح بإمكانهم تملك العقارات والأسهم وغيرها من الموجودات في بقية دول الكتلة.

مساحة المجلس الموسع سوف تزيد من ٢.٥ مليون كيلومترا مربعا إلى ٣.٣ مليون كم مربع وعدد سكانها سيتضاعف تقريبا من ٣٩ مليون شخص إلى ٧٧ مليون. بهذا سيصبح عدد سكان دول المجلس 2.0 مساويا لعدد سكان إيران، التي قد يكون هذا التوسع موجها كرسالة لها. تزايدت حدة الخطاب الإيراني غير الودي في الأشهر القليلة الماضية من خلال تصريحات مسؤولين رفيعي المستوى تدين مجلس التعاون الخليجي وتصل إلى حد المطالبة بالخليج العربي نفسه. ومن المرجح أن يتم الإسراع بتطبيق اتفاقات الدفاع المشترك ضمن دول المجلس الموسع لمكافحة التهديدات الخارجية.

معظم التعليقات في وسائل الاعلام الاجتماعية عكست دهشة إزاء خبر انضمام المغرب أكثر من طلب الأردن. احتلت مسألة الموقع الجغرافي للمملكة شمال افريقيا على الطرف الآخر من العالم العربي حيزا بارزا من التعليقات. وهناك أيضا العنصر الديموغرافي في البلد الذي يساوي عدد سكانه عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة. هناك سيناريو محتمل في المرحلة الأولية أن يتم فرض كوتا شبيهة بتلك التي فرضها الاتحاد الأوروبي لتجنب تدفق المهاجرين الباحثين عن وظائف. هذه الحصة يتم رفعها تدريجيا وصولا للسماح بحرية كاملة في العمل داخل دول مجلس التعاون الخليجي 2،0.

وقد تجلى تشكك دول مجلس التعاون الخليجي 1.0 نحو الربيع العربي وعبر عن نفسه في هذا الاعلان الاخير. تشعر دول الخليج بالقلق إزاء التقارب ما بين مصر ما بعد الثورة وايران. بعد تونس ومصر باتت استمرارية الأنظمة الجمهورية العربية الاثنتي عشر المتبقية غير مضمونة، وتعترف الممالك العربية الثمانية الباقية بالحاجة إلى تعزيز التعاون على المستويين الداخلي والخارجي. وقد حددت هذه الممالك مجلس التعاون الخليجي باعتباره الجسم المثالي بالنسبة لهم لإجراء قفزة فورية وكبيرة في العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

في هذه الاثناء ، جامعة الدول العربية (وهي في حد ذاتها هيئة ضعيفة فاقدة للمصداقية) من المرجح أن تستمر في التعثرعلى المدى المتوسط على الأقل حتى تبرز مصر صلبة وديمقراطية. ولكن ستخطئ دول مجلس التعاون الخليجي 2،0 إن أهملت الجامعة العربية كمؤسسة أو الأنظمة الجمهورية المتبقية خلال هذه العملية. بل انه قد يكون من الممكن أن يندمج الكيانين من دول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية في نهاية المطاف في مجموعة واحدة.

أما اليمن – وهي الدولة الوحيدة في الجزيرة العربية المستبعدة من المجلس – بعد أن أمضت عدة سنوات كدولة في موقع مراقب، هل يمكنها ما بعد حقبة علي عبدالله صالح أن تحظى بتسريع انضمامها لمجلس التعاون الخليجي 2.0 بعد أن تقف على قدميها في المستقبل القريب؟

مجلس التعاون الخليجي نفسه تم انشاؤه منذ ثلاثين عاما نتيجة لحالة عدم اليقين وراء حرب العراق وايران 1980-1988 وغياب مصر من دائرة الصراع العربي نتيجة لاتفاق كامب ديفيد للسلام مع اسرائيل. اليوم، دخلت دول الخليج العربية فترة أخرى من عدم اليقين غير مسبوقة في العقود الثلاثة الماضية.

وهكذا فإن العالم العربي سيتم تقسيمه بين الأنظمة الملكية والجمهورية. إنها حقبة جديدة تتكشف أمام أعيننا. هل ينذر هذا بحرب باردة عربية جديدة الحرب بين الجمهوريين والملكيين؟ أم أن روح الربيع العربي ستعبر إلى الكيان الجديد لتضم العرب من المحيط الأطلسي إلى الخليج وتدفع بنا إلى مستقبل أكثر إشراقا؟

هذا المقال نشر بالانجليزية في صحيفة Gulf News وتم ترجمته بإذن من الكاتب.

سلطان سعود القاسمي زميل غير مقيم في كلية دبي للحاكمية وهو محلل للشؤون العربية وتنشر مقالاته في عدة صحف محلية ودولية. بإمكانكم متابعته على تويتر.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية