نحمي الأردن نحرر فلسطين

الخميس 19 أيار 2011

بقلم زينة أبو عناب

أنا أردنية. ولمن يشكك منكم في هذا فليبحث في اسمي، لعله يجدُ ما يؤكد له ذلك وفق “معاييركم الخاصة”. أنا أردنية، وقد تواجدت في 15/5 – الذكرى ال63 للنكبة- في منطقة الكرامة التي تفصل الأردن عن فلسطين المحتلة. تواجدت لأن القضية الفلسطينية هي قضية كل عربي وعربية، لأن عودة اللاجئين الفلسطينيين هو حق مشروع لا محال، ولأن وجود الكيان الصهيوني وممارساته تنتهك كافة المباديء والمواثيق الإنسانية والدولية (وإن كانت هذه المواثيق قد فقدت شرعيتها لدي).

تواجدت في منطقة الكرامة لأنه لا فصل بين أمن واستقرار فلسطين والفلسطينيين، وبين أمن واستقرار الأردن والأردنيين. تواجدت لأن مصلحة الكيان الصهيوني في تضاد مباشر مع مصلحة الأردن، ولأن مواطنتي تقتضي أن أعبّر عن موقفي.

لن أخوض في تفاصيل ما حدث في الكرامة حيث أن رواية شهود العيان – من ناحية – قد تم ترديدها وتناقلها بشكل لا يحتمل اللبس، ورواية الأمن العام والحكومة الأردنية – من ناحية أخرى – متاحة لكل من يسعى للاطلاع عليها. فهذه رواية، وهذه رواية، ويبقى السؤال، أي الروايتين هي المعتمدة؟ رواية المواطنين والصحفيين المتواجدين في قلب الحدث، أم رواية مدير الأمن العام والناطق الرسمي باسم الحكومة، القابعين في منازلهم؟

تتمركز أهمية هذا السؤال في تبعاته، حيث أنه لو تم اعتماد رواية المواطنين والمواطنات وكاميرات الصحافة، فهل سيلي ذلك أي تدبيرات أو اجراءات؟ أم إن هذا السؤال سيصبح سؤالاً عقيما إذ اعتدنا أن تُنسج الرواية الرسمية لتجنب الجهات المسؤولة أي تبعات، بل وستصر على روايتها أو تصقلها بحسب ما تفرضه المستجدات.

أتساءل هنا، بأي حق تنتفي حقائق أجمع عليها المئات وسجلتها أجهزة التصوير، لتأتي التصريحات الرسمية فترد على ما ترتئيه منها، في حين تغض النظر والسمع عمّا يصعب عليها تبريره؟ فمثلاً لم أسمع حتى الآن، وعلى الرغم من ترديد هذه الحقيقة وتوجيه هذا السؤال مرارا وتكرارا، لم أسمع تبريرا أو حتى تعليقا رسميا واحدا على انهيال رجال الدرك على سيارات وحافلات المشاركين أثناء مغادرتها ساحة الكرامة وتهشيمها. مرة أخرى، تأتي البيانات الرسمية بعيدة كل البعد عن وقائع الحدث، أو في أحسن الأحوال، جاءت تعتذر للصحفيين فقط، وكأن الإساءة للمواطنين والمواطنات هو أمر مقبول لا يستوجب الاعتذار!

نعم أنا أردنية، وقد شاركت في مسيرة العودة الأردنية لفلسطين، مسيرة “نحمي الأردن نحرر فلسطين”. أنا أردنية، ولدت وترعرت في الأردن. ترعرعت في الأردن في الوقت الذي كان التلفزيون الأردني فيه يبث، وبشكل يومي، صمود الشعب الفلسطيني وبشاعة الاحتلال الصهيوني. كبرت في الوقت الذي كانت مدارسنا الأردنية تدرّس القضية الفلسطينية كمساق رئيسي، ويوم كان مصطلح “العدو الصهيوني” هو السائد في كتبنا المدرسية. نشأت في الوقت الذي كانت تظاهرات الشارع تندد بالعدوان على أهالينا في فلسطين، بدل أن تطالب، كما هو الحال الآن، بوقف التعاون معه.

أنا أردنية، نشأت وترعرت في الأردن، وتأبى ذاكرتي اليوم أن تنصاع لكم أو لأي إنسان يحاول تشويش مخزونها. فلسطين هي قضية طفولتي وشبابي، عروبة القدس وحق العودة للاجئين الفلسطينيين هي مسلماتي، وهذه الحقائق جميعًا هي في صميم “أردنيتي”.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية