عمّان إذ تفرح في صيفها

الأحد 31 تموز 2011

بقلم ريما الصيفي، تصوير يزيد عجلة

تتطلع العيون باتجاه واحد، تتسارع خفقات القلب، نستذكر الرائحة، الملامح، الحركات، النظرات والأحاديث؛ تلك الأمور المألوفة التي غيّبتها الغربة. نتوق لأياديهم ولحضنهم. يتوافدون محملين بضنى الغربة، مثقلين بأعباء أكثر من حقائب سفر ولهفة للأهل: إبن، إبنة، أب، أم، زوج، زوجة، حبيب أو حبيبة، أخ، أخت، صديق، صديقة يعودون.

ينتفض البيت ويمتلئ أصواتا وضحكات وأصحاب لم نلقاهم منذ زمن، تفرح الأم التي احتجت سابقا على احتلالهم البيت أيام الدراسة لعودتهم.

السهر والكيف وشبان الحارة يلعبون الشدة ويأكلون المكسرات على البلكونة أو في بيت الجيران وحتى على السطح. شباب وصبايا في الأسواق والشوارع يتمشون وفي المقاهي حوارات ونقاشات ونميمة وربما حفلة موسيقية فنهار عمّان صار أطول.

آن الأوان لتخرج للمشي مع الجارة أو لنزهة في الحديقة مع الأطفال حاملة إبريق الشاي والترمس.

عمل وتعب وسهر وضغط هائل. أخيرا تظهر النتيجة، تسمع الزغاريد و الدعاء وقلق من نوع أخر يبدأ. لكن للحظة الأولى نفرح … الفرحة الأولى بالنجاح، أبواق السيارات و صياح الشبان و الصبايا، ألعاب نارية، قلق عند سماع طلقات نستعيذ من استخدامها بافراحنا …نفرح لهم و نخشى عليهم.

يلبس ثوب التخريج بكل فخر..مضت سنوات الجامعة … الأهل فرحون …أخيرا تلك الشهادة …أمل لبدأ مشوار أخر.

تلتقي العيون ويتبادلان البسمات الخجولة، ترتجف الأصابع، تتأهب الأمهات، يلبسها خاتم الخطبة وتنطلق زغاريد النسوة.

تلمع عيونهم فرحا، ترقص قلوبهم، أهله يرقصون حوله، يزفونه، ها هو أخيرا على أعتاب بيتها وهي تلبس الأبيض فرحة به ولأول مرة تشتاق لأهلها، ترى قلق أبيها خلف بسمة مشّجعة وترى أمها تحبس دموعها وهي تصلح طرحتها و تدعو لها.

الجد والجدة والأعمام والعمات وأبناؤهم والإخوة والأخوات هنا، يقل تجهم الرجال و ترق قلوبهم لفرحة الجَمعة. الأطفال جالسين حول المائدة محدّقين بكأس الماء … أيام مضت على أخر لقاء في بيت العائلة … هناك ما لذ وطاب من الطعام و القطايف، قصص واخبار وسهرات وتراويح وسحور.

في صيف عمّان لحظات فرح وأشكال أفراح عمَان عدة … قد تكون فرحة طاغية يُغنيها المنسف والكنافة والقهوة أو بسيطة مثل لقاء عادي بين أصدقاء على كاسة شاي و لكن ما يجمعها ضحكات من القلب.

في صيف عمّان وشتائها أناس وأطفال متعبون، يبحثون عمّا يقتاتون به، خائفون وقلقون
وما لعمّان إلا أهلها من يقدر على إصلاحها وزرع الفرح بها.

كل عام و أنتم بخير وكل صيف ولعمّان تحية وحكايات وفرح

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية