المستشرقون الجدد – خربتوها وقعدتو على تلها

الخميس 28 تموز 2011

بقلم معين الشريف

لم اجد ابلغ من هذا المثل العامي الاردني لكي اضعه عنوانا لمقالي هذا ولأصف فيه مقالة استاذ الشؤون الدوليه بجامعة جورج واشنطن ومدير الشرق الاوسط في البنك الدولي سابقا البروفسور اندير سد المنشوره بتاريخ 2572011 في جريدة الغد بعنوان (الاردن و الربيع العربي)، حيث اورد البروفسور في مقاله مجموعه من المعطيات والمعلومات التي لا يمكن ان تقنع مواطنا بسيطا في البلد فما بالكم بالفئة المتعلمة والمثقفة، وعلى ما يبدو أن مشكله البروفسور سد ونظرائه أنهم ما زالوا يتعاملون مع شعوب المنطقة بعقلية المستشرقين قبل 100 عام ولعلهم نسوا او يتناسون أن الثورة المعلوماتية وشبكة الانترنت قد طوعتها الشعوب العربية لتنجب ثورات أسقطت أنظمة جثمت على صدور شبابها المثقف والمتعلم و المبدع لعقود خلت.

البروفسور سد يرى في مقاله أن الوضع الاقتصادي في الاردن صحي للغاية، وأن نسب النمو في السنوات العشر الاخيرة مبشرة ويضيف بأن نسبة الفقر قد تراجعت من 20% في منتصف التسعينات لتصبح 13% حاليا، و انا حقيقة لا اعرف من أين جاء البروفسور المحترم بهذه الارقام، هل هي من التقارير الحكومية التي فقد ت مصداقيتها فيما يتعلق بنسب الفقر والبطالة؟ أم أن له مصدراً آخراً لم يذكره في مقاله؟ خصوصا انه يدلل في مقاله على مجموعه من المتغيرات في البلد تثبت نظريته فيما يتعلق بالازدهار الاقتصادي الذي يعم البلد من شماله الى جنوبه. ومن هذه الدلائل المطار الجديد والتحسينات على طريق المطار وجسر عبدون، اضافة الى مقاهي الرصيف وزيادة عدد السيارات والازدحامات المرورية، و بما اني لست بمحلل اقتصادي فانني اتمنى من أي اقتصادي في البلد ان يفهمنا كيف لهذه الدلائل ان تعتبر انعكاسا لازدهار اقتصادي في البلد وكيف ان الازدحامات المرورية والتي يعتبرها المواطن الاردني العادي خللا في شبكة المواصلات تعتبر تحسنا في اقتصاد البلد.

ان اكثر ما لفت انتباهي في المقال المذكور اشارته الى ان النمو الاقتصادي ليس مقتصرا على عمّان بل انه شاهد ازدهارا اقتصاديا في الكرك ومعان والشوبك والطفيلة ويدلل على ذلك بأن النساء في جنوب الاردن يصنعن الجميد ويبعنه بثمن غالي في عمان فهو يتحدث عن اؤلئك النسوة البسيطات واللاتي يبحثن عن قوت يومهن وكأنهن مليونيرات من صناعة الجميد وبيعه، وحقيقة أنني بت أعتقد أن من استضاف الرجل أخذه الى الصويفيه وعبدون وأخبره بأن هذه هي الكرك والطفيله والا بماذا يمكن أن نصف استنتاجات الرجل فيما يتعلق بالازدهار الاقتصادي في الجنوب؟

ثم يأتي كاتب المقال ليتفلسف على الاردنيين مستغربا لماذا هذا التشاؤم والانتقاد لوضعهم المعيشي ولماذا يرى الاردنيون بأن وضعهم المعيشي لم يتحسن؟ ليقدم لنا تفسيرا لذلك باننا وعدنا من قبل الحكومه بأكثر مما تستطيع الوفاء به (وكأن الحكومة وعدتنا بأنهار العسل) ويضيف الكاتب بأن الحكومة ليست حازمة بما فيه الكفاية مع الشعب لذلك يجب عليها أن تعلم الأردنيين كيفية العيش وفق ما هو متاح في ايديهم ويذكر المثل “على قد لحافك مد اجريك” متناسيا أن الحكومات المتعاقبه في السنوات العشر الأخيرة قد مصت دم الشعب ولم تترك نوع ضريبة لم تفرضها عليه ولم يتبقى سوى أن تفرض ضريبة على العمليات الحيوية للبني آدم، فبالله عليكم كيف للبرفسور الفذ أن يطلب من الحكومه أن تكون أكثر حزما مع مواطنيها المهمشين الجائعين المساكين الذين يقضون جل يومهم باحثين عن لقمة العيش لأسرهم وأبنائهم.

حقيقة انا لا اعرف من همس في أذن البرفسور سد ليكتب ما كتب في هذا التوقيت بالذات خصوصا اذا علمنا بأنه كان ممثلا للبنك الدولي خلال عمليات الخصخصة التي جرت في السنوات الاخيرة، آخذين بعين الاعتبار ما جرته هذه السياسة من ويلات على البلد، وأنا هنا أدعو البرفسور الكريم بأن يطلع على الورقة الاقتصادية للمتقاعدين العسكريين ليعرف ماذا اقترفت يداه في حق هذا البلد وأبنائه الطيبين.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية