انكتاب وثقافة

الثلاثاء 20 أيلول 2011

بقلم محمد زيدان

لن أستغرب أبداً إن دخل الفعل (انكتب) في قاموسنا المعاصر- انكتب، انكتاباً: أي اجتمع مع مجموعة من الأشخاص لمناقشة كتاب ما

لا شك عند من يتابع الحراك الكتابي في عمّان أن نادي القراءة انكتاب أصبح محركاً أساسياً من محركات الكتاب والقراءة بين مجموعة كبيرة من الشباب، سواء ما كان من هذا الحراك فعلياً على أرض الواقع، أو ما كان من حراك إلكتروني على الفيسبوك والتويتر.

يرتبط الحديث عن نوادي الكتاب والقراءة في المجتمعات الأخرى، خاصة المجتمعات التي تقرأ، بكبار السن وبعض المجموعات الخاصة، وعادة ما يجلب الحديث عن نوادي الكتاب صوراً للصالونات الأدبية القديمة والمحصورة على جماعة معينة من المثقفين. إلا أن القضية في عمّان مختلفة تماماً، فنادي الكتاب أصبح من الظواهر التي تقترن بحالة وعي متميزة بين الشباب تتعلق بالكتاب والقراءة، وتضفي على الفكرة بعمومها نفساً شبابياً مليئاً بالحركة والنشاط، والعمق والجرأة والحساسية النقدية، والوعي اللغوي والسياسي والاجتماعي، وهذا أمر لا أقوله من باب ملاحظة الأشياء عن بعد والكتابة عنها، ولكن من ناحية أنني شعرت بهذا الأمر وعشت هذه التجربة أكثر من مرة مع أصدقائي في انكتاب وغيرها من نوادي القراءة في عمّان، وتعززت لدي العديد من الجوانب في شخصيتي، وتعلمت الكثير من الأمور التي أجد أثرها واضحاً في الكثير من المواقف في حياتي.

إن متابعة هذه الظاهرة الثقافية التي تحدث في أروقة عمان القديمة وتبث الحياة بها، والاهتمام بأبعادها على شخصيات الشباب المهتمين بالقراءة والكتاب، ونظرة المجتمع بأسره لأهمية القراءة والكتب والمكتبات، أمر في غاية الأهمية. إذ ما يحدث الآن من خلال انكتاب، والعديد من نوادي الكتاب في عمان – مثل نادي خير جليس ونادي كتابي كتابك، ونادي القراءة (96) والذي يشارك فيه عدد جيد من طلبة الجامعات) وناد للكتاب انطلق مؤخراً في مكتبة الجامعة الأردنية، وآخر انبثق من مبادرة لبعض الشباب في محترف رمال باسم (كتاب على الطاولة)، وآخر من كشك الجاحظ في وسط البلد، وأعرف الآن أن مجموعة من الفتيات من معان بدأن التفكير في مشروع مماثل، وثلاثة أو أربعة أندية أخرى في عمان، وسمعت من صديق لي أن نادياً للقراءة قد بدأ الآن في إربد – كل هذا يعدُ بانفراج كبير في العلاقة بيننا بوصفنا شباباً والكتاب والمكتبة وعلاقتنا بالكلمة بشكل عام، من ناحية أن القراءة تساعد في تشكيل الخطاب الجديد بين الناس في مجتمعاتنا.

إن نظرنا إلى البيئة والمجتمع في عمان فإننا سنرى أن إمكانات تشجيع ثقافة القراءة موجودة في كل زاوية وفي كل شارع، ولكن لا بد أن نتذكر كذلك (بين الفينة والأخرى) أن الصورة العامة أمامنا ما تزال قاتمة ، خاصة لطالب جامعي درس في الجامعة الأردنية ولم يستطع في أعوامه الدراسية جميعها أن يشعر بأي احترام في الإطار العام لثقافة الكتاب، لأننا لم ندرس في يوم من الأيام من كتاب، كل ما كان يتوفر لنا هو فصول مصورة من كتب أو بعض العروض التقديمية التي كان يجود بها الأساتذة علينا، ولا أنسى أبداً ما قاله أستاذ دكتور لي عندما رجعت في أحد الأيام إلى بعض المراجع الخارجية في المكتبة، وسألته عن بعض ما قرأت هناك، فقال لي بالحرف الواحد:

يا محمد لا تقرأ من كتب خارجية عشان ما تخربط حالك

لا بد أن نتكاتف جميعنا في هذا الميدان، لأنّ أنفسنا تحتاج منا أكثر مما نعطيها، كما أن عمّان فقيرة إلا منا، فإما أن نساعدها على طردنا منها أو نساعدها على أن نحييها ونحيي الخير الذي فيها.

ثقافة أندية الكتاب والقراءة في الأردن ظاهرة جميلة لا بد أن نفخر بها ونعطيها لوناً وجمالاً يكون علماً على عمّان وشبابها.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية