وزير الشباب والإفتاء

الخميس 27 تشرين الأول 2011

بقلم محمود منير

استغربت إصرار الشيخ محمد نوح القضاة على تولي وزارة الشباب لا الأوقاف خلال مشاورات تشكيل حكومة الخصاونة، فهي سابقة في تاريخ الأردن لم يلتفت إليها أحد.

وزير الشباب يقول في أول تصريحاته: “سأعمل على أن تكون وزارتي وزارة التوجيه الفكري والإبداعي والتنموي، وليس للرياضة فقط”.

القضاة يحمل شهادة دكتوراه في الفقه الإسلامي، وعليه فإن “التوجيه الفكري” مقرر سلفاً، ما يخالف رسالة ورؤية المجلس الأعلى للشباب ووزارة الشباب التي سيعاد استحداثها من أجل تحقيق أهداف الشيخ.

وقفزاً عن مناقشة أخطاء الحكومات في إلغاء وزارة الشباب وإعادتها وتأسيس مجلس بديل، يجب التأكيد أن رسالة هذه المؤسسات الحكومية جميعها لا تصطبغ بـ”الروح الإسلامية التي تفرض على الشاب نوعا من الحافز الذاتي ومراقبة الله في تصرفاته”، كما ينادي القضاة.

الوزير عليه مراجعة الدستور الأردني جيداً، فهو يشرّع لدولة دينها الإسلام، لكنه لا يفرض رؤية مؤدلجة أو دعوة ممنهجة على مؤسسات الدولة.

الوزير الشيخ يطالب في لقاء صحافي معه منذ شهرين فقط بضرورة “محاربة كل من لا يروق له التوجه الإسلامي الوطني”، فهل سنشهد حربه في الوزارة أم سيؤجلها إلى موقعة أخرى؟

الحقيقة المطلقة، التي يمتلكها القضاة عن “إسلامية وطنية”، تجعله يرفض الاختلاف والتنوع، حيث علّق على الحراك الشعبي بضرورة الاتفاق على قواعد الإصلاح مسبقاً، في اعتقاد منه أن وجود إسلاميين وشيوعيين ينادون بأفكارهم سيوّلد الفتنة.

“الفتنة”، التي يمنع الشيخ قيامها، لا تحول دون إجابته على أكثر من 81 سائل فتوى يومياً ويرتفع العدد إلى مئتين في رمضان، فهل سيدير وزارة الشباب بوصفه مفتياً، أم سيعتزل الإفتاء حتى خروجه من الوزارة؟

الإفتاء قاد الشيخ إلى إيجاد رؤية “محكمة” يقوم عليها الإعلام ووزارات الأوقاف والتنمية الاجتماعية والتنمية السياسية لإيجاد خطة هذا إن لم تكن مبيتة لـ”توجيه” الشعب الأردني نحو الإصلاح، مؤكداً أنه “بغير ذلك سندور في حلقة مفرغة اسمها الاعتصامات”.

شيخ وموّجه ومفت يرى الاعتصامات الشعبية “حلقة مفرغة” تبعدنا عن الإصلاح، ويريد في الوقت نفسه أن يخاطب الشباب في وزارته. هذه المفارقة لا تجدها إلاّ في حكومة عون الخصاونة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية