مرافعة إلى دولة القاضي

الثلاثاء 18 تشرين الأول 2011

بقلم تيسير الكلوب

دولة القاضي عون الخضاونة أرفع لكم هذه الرسالة كمرافعة من مواطن أردني شاب، هو محامي حلمه الذي يدافع عنه دائماً، حلمي بالأردن الذي أريد. أترافع إليك لأدافع عن حلمي ولأقدم الحجة والبرهان والدليل الذي أملكه حول هذا الحلم. أترافع أمامك اليوم وقد أصبحت رئيس وزراء لحكومة تستلم مسؤوليتها في فترة ليست بالسهلة في مسيرة هذا الوطن.

أترافع إليك دولة القاضي اليوم وأنا أحمل فرحاً لا تسألني عن حجمه ولكني أقول لك أنني لم أفرح أبدا عندما شكلت لجنة الحوار الوطني فهي ليست أول لجنة شكلت وذهب جهدها هباء، ولم أفرح بالتعديلات الدستورية التي لم تخرج كما يراد لها، ولكنني فرحت بقدومك أكثر لأنك تختلف نسبياً عن الدولات التي سبقتك، فأنت لم نجربك في انتخابات زورت في عهدك لكي تعود لنا مرة أخرى، ولم يكن والدك ولا جدك رئيسا وزراء، ولم تكن سفيرا في إسرائيل، ولم تكن مدير منطقة اقتصادية فاحت منها رائحة الفساد، ولم تكن رجلا مثاليا عاش في بيئة الجامعات فقط ولم يعش في بيئة الوطن، ولم تكن مسؤولاً في رئاسة الوزراء والديوان الملكي ووالدك له تاريخ يحترم ينفعك أكثر من ما نفعك عملك، ولم تكن رجل أعمال حاولت قدر المستطاع الاستفادة من منصبك، ولم تكن  رجلا أدخل الاقتصاد إلى غرفة الإنعاش.

دولة القاضي، تستلم اليوم هذه المسؤولية والتي هي تكليف لا تشريف لتقضي بين الحق والباطل، وبين الفساد والإصلاح ، وإن لم تنصف الحق والإصلاح، فمن سينصفه يا دولة القاضي؟

دولة القاضي، كم أتمنى أن تتشكل وزارتك بعد مشاورات ليست بتمثيلية يسوق لها الإعلام وليست بإرضائية هدفها أن ترضي المعارضة التقليدية بمناصب وزارية وليست بضحك على اللحى بجلب شخصيات اعتبارية  فقط لتمتص غضب الشارع.

دولة القاضي إن لم تفكر في أن تكون حكومتك مختلفة عن الحكومات التي سبقتك فقل لي من الآن، وأنصحك أن تعود إلى لاهاي لأن الأردنيين قد ملوا التكرار.

دولة القاضي أتمنى أن لا تفكر في توزيع الحقائب الوزارية على أساس إرضاء الموالين أو الإسلاميين أو المعارضة بل على أساس إرضاء الوطن الذين ينتظر الكثير.

دولة القاضي أتمنى أن تضم حكومتك وجوهاً لا نسمعها في الإذاعات ولا نقرأ عنها في الأخبار، أسماء لا يعلم عنها إلا أهل العلم والعمل والعطاء، أسماء لا تملى عليك، أسماء ليست كصاحب الفوطبول الذي يرغم الفريق أن يلعب معه بغض النظر عن أدائه بل لأن الكرة كرته.

دولة القاضي كم أحلم بحكومة تكنوقراط هدفها أن تبني لا أن تسلك وأن تنمي لا أن ترقع وأن تطور لا أن تجحش، حكومة لا تعيش فقط سجينة لفترة محكومية لتغادر سجن الدوار الرابع فتترك ما وراءها من مشاكل ومصائب للحكومة التي تأتي بعدها، حكومة تبني لمن سيأتي بعدها، حكومة تفكر في غيرها من الحكومات والأجيال الأردنية القادمة.

دولة القاضي اعلم أن قطاعا واسعاً من الشعب لا يثق في الحكومة فلا تطلب من البداية أن نثق بك، بل أرنا أعمالك لنثق بها، ولا تسألنا الصبر قبل أن تخطو بنا خطوات إلى الأمام فنرى بها أن الأفق البعيد اقتربنا منه خطوة، ولا تفكر أن أداءك النظيف والصادق والشفاف هو منة بل هو حق حرمنا منه سنين وسنين.

دولة القاضي أرجو أن لا تتواصل فقط مع الإعلام، وأن لا تكون فقط كالذين أبدعو وامتهروا في لقاء الشباب الأجنبي، بل تذكر أن عندك ستين بالمئة من الشعب شباب، لم يتم الاستماع بصدق وتجرد وموضوعية إلى صوتهم، فجرب مرة واحدة أن تلتقي بالشباب في لقاء مفتوح.

دولة القاضي أنهي مرافعتي أمامك مدافعاً عن حقي في الأردن الوردي الذي أحلم به، لأذكرك أن التاريخ سيسجل فاجعل صفحتك طيبة في سجلاته، وأنت فقط من يستطيع أن يجعل ذكراه بين الأردنيين طيباً، ولا تحسبني متفائلا برئاستك ولا متشائما منها، ولكنني أبحث عن فسحة أمل في هذه الأيام أن مسيرة الإصلاح في الأردن ممكنة، فكلي رجاء أن لا تفشل في حكومتك لأنها آخر فرصة وبعد مفاوضات شاقة مع قناعاتي قبل أن تكفر في الإصلاح بالأردن.

سدد الله خطاك

ملاحظة قمت بإرسال هذه المقالة إلى إيميل رئاسة الوزراء

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية