من هو الأردني؟ شخص يحمل كيس نايلون

الأربعاء 07 آذار 2012

…يحمل كيس نايلون ويمشي على الشارع بجانب الرصيف وليس عليه.

Photo by janinsafran

 بقلم أحمد حميض

يبدو أن سؤال “من هو الاردني” يشكل هاجساً كبيراً وخطيراً عند بعض الكتاب والسياسيين. يحدثونك عن فك الارتباط والتوازن الديمغرافي “الحساس” والهوية الوطنية والوطن البديل والأطماع الصهيونية وحتى الإثم الشرعي عند تبني هذه الجنسية أو تلك. يعني الموضوع خطير جداً جداً جداً.

أنا اكتشفت أن الموضوع أكثر بساطة.

في رحلة استغرقت ٢٠ دقيقة في شوارع عمان قمت بعدّ عشرات الناس يحملون أكياس نايلون ويمشون على الشارع بجانب الرصيف وليس عليه. ويمكن القول أن معظم الناس يمشون في الشارع وهم يحملون أكياس نايلون. وهكذا قررت أن هذا هو ما يجمع الأردنيين.

الموضوع ليس تهكمياً.

كيس النايلون: رمز الاستهلاك الرخيص. يتم انتاجه من النفط. زهيد الثمن (هكذا نفكر)، ويمر بعدة مراحل إنتاج ونقل، لكنه يستخدم بالمعدل لعشر دقائق ثم يرمى، ليطير في أرجاء هذا الوطن أو ليدفن في باطن الارض ويعيش هناك لمئات أو آلاف السنين.

بلد فقير الموارد. شعبه يعاني نسبة مرتفعة من البطالة. موازناتنا في عجز (أي نعيش على الدين) ولكن أقنعنا انفسنا ان كيس النايلون شيء جيد. وإذا نظرنا الى ما نبني ونأكل ونستهلك، فإن فكرة كيس النايلون تنطبق على كل حياتنا تقريباً: حلول سريعة، غير مبدعة، استهلاك سهل، وغياب التفكير في الاستدامة.

المشي على الشارع بجانب الرصيف وليس عليه: رمز لغياب المدنية الحقيقية. المدنية تم اختصارها في السيارة وشارع السيارة ونفق السيارة وجسر السيارة. اما الرصيف فهو للزينة. وبصراحة: طز في المشاة. وطز في الأم التي تحاول جر عربة الاطفال. المهم السيارة. ويفضل ان تكون مرسيدس وان تكون معفاة من الجمارك بشكل او بآخر.

طبعا احيانا لا يوجد رصيف اصلاً. ولكن توجد محلات لبيع المنتجات المستوردة البلاستيكية التي توضع في أكياس النايلون. ويوجد خطوط كهرباء وهاتف وماء وحتى حاويات قمامة. ولكن.. لا رصيف.

تمدد عمراني غير مدروس ولا مصمم. انحياز لأصحاب العقارات. تفكير تجاري بحت ولا مكان للانسان الذي يمشي.

الانتقال من ثقافة استهلاك كيس النايلون المصنوع من نفط مستورد الى ثقافة الانتاج والتصدير، واستعادة الحياة المدنية بفضاءاتها العامة وأرصفتها التي يمشي عليها الرجل والمرأة والصفير والكبير، هو ما يجب أن يوحد الأردنيين.

تصوير ليث مجالي

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية