عام على حلم يوم

السبت 24 آذار 2012

بقلم تيسير الكلوب

اليوم تمر سنة على يوم أردني حجز موقعه في التاريخ، فأصبح هذا التاريخ ينسب إلى حدث، إنه ذكرى مرور سنة على تاريخ اسمه 24 آذار، أنا لا أكتب اليوم لأروج للفكرة التي قامت عليها، ولا أريد أن أبرر حق الاعتصام أو حق فضه، ولا أريد أن أدخل في جدال إن كان خيري جميل رحمه الله مات شهيدا أو مات ميتة طبيعية ولكنني مقتنع أنه على أقل تقدير يستحق كل الاحترام لأنه مات وهو خارج يعبر عن رأيه.

ما أريد أن أتحدث عنه هي مشاعر وأفكار جالت في خاطري في هذا اليوم قبل عام وفي هذا اليوم بعد عام من ذلك اليوم. أتذكر لحظة دخولي دوّار الداخلية، كنت قد وصلت وقت صلاة العصر، ولا أنس لحظتها ذلك الفتى الذي كان يعتلي البك أب ويضع العلم الأردني سارية خلف ظهره ويشرح للشباب أنه مستقل ولم يخرج لأنه يمثل حزب أو إخوان بل خرج لأنه شاب يريد الإصلاح في الأردن.

أريد أن أنقل ولو جزءاً بسيطاً من المشاعر التي ما زلت أحملها حتى الآن عن ذلك اليوم لكل من لم يكن في الدوار، أنا لن أستطيع أن أقنعكم ولكن سأحاول أن أنقل هذه الخواطر لكي أقول للجميع، أيها الناس لا تظلموا من كان في ذلك اليوم فهذه هي المشاعر والأحاسيس التي حملها، وأنا لا أبرر بل أوضح.

لم تكونوا هنالك لترَوا كيف ارتفع العلم فوق هامات الشباب ارتفاع أعلى سارية علم في العالم في جبل القصور، لم تسمعوا أصوات الشباب تهتف حبا للوطن وفداءً له، لم ترَوا تلك الفتاة التي بقيت حنجرتها تصدح ليومين متتاليين، ولم تكونوا مع ذلك الشاب الذي لم يتوقف عن الدبك على الأغاني الوطنية.

لم تكونوا متواجدين لترَوا القلق في أعين الشباب عندما قطعت الكهرباء وكانت الحجارة تسقط فيتم حمل الشباب المصابين إلى الخيام، ولم تنظروا للعائلات التي كانت تجلس على الرصيف ترتشف كاسة شاي وسندويشة لبنة اشترتها من بائع العربة والحجارة تتطاير من فوقهم – لا أنسى أن أقول لكم أن عربة البائع هذه قد أمست حطاماً.

هل تريدون أن أحدثكم عن الشباب الذي لم يردّوا على الإساءة بالإساءة أو على الحجر بالحجر؟ أو عن الذين استقبلوا الشتائم بالسكوت، والوعيد والتهديد بالابتسامة؟

لن أنسى صوت الشباب وهم يغنون سوف نبقى هنا كي يزول الألم، أو حتى البريق الجميل الذي تراه في أعينهم، والتعاون والتآخي الذي كان بينهم، ولن أنسى قلق الأم الذي كان مرافقاً لجميع الشباب في الميدان.

ولكني سأعترف هنا بالسؤال الذي يلح علي ويدفع صدري ليخرج منه، فأنا وغيري من الأردنيين منذ سنة نخرج للحيز العام الأردني الرحب نطالب بالأردن الذي نحلم به ولو علمنا أنه مستحيل، لكن حالاً أصابني مؤخراً أسمعه يقول لي: أين الأردنيين؟ هل اكتفوا من هذا الحلم؟ ما هذه الأعداد التي لا توصل الصوت؟ هل سئم الناس؟ هل اكتفوا؟ هل نسوا؟ هل شبعوا؟ هل تحقق حلمهم؟ أين أبطال الديجيتال بالآلاف على الفيسبوك والتويتر؟ أنا يا سادتي المراقبين لا أحرّض بل أتساءل وأستفسر، فأنا شاب أردني بسيط لا يملك لهذا الوطن من خير أو شر إلا حلما يحمله في قلبه الصغير.

ما زال السؤال والتعجب يراودني ليلاً ونهاراً. ويبقى سؤالي دائماً بلا إجابة، لكن على أي حال سأظل أحمل في داخلي عهداً أقطعه أمام الله ووطني بأن أبقى معارضاً ما حييت ليس من أجل المعارضة، بل لأنني لا أقبل الواقع مهما كان بل أتمنى الأفضل لوطني لأنني أؤمن أنه يستحق أكثر من الأفضل.

الرابع والعشرين من آذار يوم شبابي أردني لم يحدث من قبل ولم يتكرر بعدها ولن ينسى كل فتى وفتاة كان يومها على الدوار هذه التجربة، يوم كان فيه الشباب الأردني على قلب واحد، ترك الكل خلفياته وراء ظهره وجاء ليجتمع على كلمة اسمها الأردن، فيا إخوتي لا تنزعجوا إن كتبت عن هذا اليوم، فهو قد ذهب بلا عودة ولم يبق منه إلا ذكرى فاسمحوا لي بأن أسترجعها ولو بالكلام.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية