نعم للحماية الاختيارية. لا للعبث بحرية الإنترنت

الخميس 02 آب 2012

بقلم أحمد حميض – حملة “بعرف أحمي حالي”

منذ العام ١٩٩٥ اعتمد الأردن سياسة الإنترنت المفتوح غير المفلتر، متميزاً عن الدول العربية التي يقمع فيها حق المواطن في الوصول الى المعلومات. وقد كان لهذه السياسة المتطورة أثر إيجابي على تطور صناعة الإنترنت في المملكة، وتنمية النقاش السياسي الاجتماعي الحر الذي تشهده ساحة الإنترنت الأردنية اليوم.

المواطن الأردني واع ومتعلم. وكمجتمع استطعنا التعامل مع الانترنت المفتوح بشكل جيد. ولم ننزلق كبلد في مهاوي قمع حرية الانترنت وتكميم الافواه.

أما اليوم فنرى توجها حكومياً خطيراً، يتمثل في فتح الباب لسياسة الحجب المسبق للانترنت. ونسمع عن قانون الاتصالات الجديد الذي سينص على ايجاد “انترنت نظيف” خالي مما يسمى “المواد التي تمس بالاخلاق العامة”.

من المعروف أن العبارات الفضفاضة وغير الواضحة مثل “الاخلاق العامة” تستخدم كذريعة من قبل الحكومات أو جهات أخرى لتبرير منع شتى المعلومات والمنشورات. والحجج الاخلاقية الفضفاضة يمكن استخدامها بسهولة للحجر على الفكر والتعبير أو في المعارك السياسية.

فكيف وصلنا الى هنا؟ بدأ الموضوع بحملة على الفيسبوك تدعو الحكومة لحجب المواقع الاباحية. والقائمون على هذه الحملة وان كانوا ينطلقون من مبدأ حماية الاطفال واليافعين من المحتوى الإباحي، إلا انهم من حيث يدرون أو لا يدرون، قد فتحوا باباً لتهديد حرية الأردنيين ولتدخل الحكومات في حرية الوصول الى المعلومات، وهو حق أصبح واحداً من حقوق البشر الأساسية.

ويعرف الجميع انه حتى في المملكة العربية السعودية، وهي من الدول التي تفلتر الانترنت بشدة، فإن مشكلة المحتوى الإباحي منتشرة جداً. فوسائل تجاوز الحجب متاحة، والسوق السوداء موجودة، ونقل الملفات الاباحية عن طريق البلوتوث ممكن.

ثم إن تركيز هذه الحملة على المواد الاباحية يظهر قصوراً خطيراً في فهم مخاطر الانترنت، التي تشمل المحتوى ذات الطابع العنيف أو الارهابي الخ الخ. وللأسف فان كثيرا من الآباء والأمهات يتم تخويفهم من المحتوى الإباحي وإحراجهم أخلاقياً ودينياً للموافقة على تأييد حملة وسياسات حجب الإنترنت.

وهكذا نقف اليوم على أعتاب مرحلة “كنس المشاكل تحت السجادة”. والموضوع لا يتعدى كونه حملة علاقات عامة، تظهر الحكومة كمدافع عن أخلاق الأردنيين.. والضحية هنا: حرية الانترنت.

وكمجتمع علينا أن نسأل انفسنا: من القادر على وضع المعايير الاخلاقية؟ الفرد والعائلة.. ام جهات رسمية أو مؤسسات او حملات تتحدث كمدافع عن الاخلاق؟ فلتكن دول حجب الإنترنت مثل السعودية عبرة لنا.. فهناك تم، لفترات، حجب مواقع ليست إباحية، بدواعي أخلاقية مختلفة. إن قبول مبدأ الوصاية الاخلاقية ليس من شيم المجتمعات الحرة.

رداً على هذا التوجه الخطير، فقد قام مجموعة نشطاء من رجال ونساء، من أمهات وآباء، بإطلاق حملة مضادة، بعنوان “بعرف أحمي حالي”. فما هي اهداف هذه الحملة التي اجتذبت اكثر من ١٠ آلاف مؤيد خلال أشهر؟

 أولاً: رفض التدخل الحكومي في حرية الانترنت ورفض سياسة حجب المواقع.

ثانياً: نشر الوعي ببرامج ووسائل الحماية المنزلية (والمدرسية والمكتبية) التي تمكن المستخدم من حماية نفسه وأولاده من اي محتوى ضار (حسب الرغبة والمعايير الشخصية).

ثالثاً: دعوة شركات الاتصالات لتوفير إنترنت مفلتر مجاناً وبشكل اختياري عند الإشتراك او بعده، مع تجنب اي نوع من الحجب المسبق.

رابعاً: الدعوة إلى سياسة التربية الواعية كأفضل وسيلة للحماية. فالوعي الذاتي هو افضل حماية ضد مخاطر الانترنت.

هذه هي مبادئنا. أما من يريد ان يصف حملتنا بأنها تدافع عن المواقع الاباحية او “نشر الرذيلة” فنقول له أن هذه محاولة رخيصة للتشويه، أو فهم خاطىء لمقاصد الحملة.

نحن شعب واع ومتعلم. لا نحتاج الى وصاية اخلاقية أو فكرية. والعالم أصبح فضاءً مفتوحاً، نعرف جميعاً أن فيه الصالح والطالح. كما أن المجتمع الأردني، من خلال أكثر من عقد ونصف، تعامل مع الإنترنت المفتوح ووصلت نسبة انتشاره إلى مستويات عالية.

فهل نسمح لهذا البلد الحر أن ينزلق الى مهاوي مصادرة الحرية والفلترة المسبقة؟

فلنبق الانترنت حراً.. ولنتعامل مع الانترنت بوعي.. ولنعطِ المواطن الاختيار؟

رابط حملة “بعرف احمي حالي”

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية