العرس الديمقراطي هو الأولوية 

الأربعاء 05 كانون الأول 2012

أما وقد أكدت الصحيفة اليومية الرسمية في الأردن وعلى مدى اليومين السابقين وعلى لسان جلالة الملك بأن الانتخابات جارية في موعدها (23 كانون الثاني) باعتبارها استحقاقاً لمسيرة الإصلاح، شاء من شاء وأبى من أبى، فلا شك أن الشهرين القادمين سيشهدان تكراراً لمظاهر العبث والفكاهة التي ترتبط تاريخياً بالعرس الديمقراطي الأردني.

بدايةً، ليس هناك أي إشارة إلى أن عرس هذا العام في دورته الثالثة خلال خمس سنوات سيكون مختلفاً عن سابقيه، بدليل أن “الضمانات” معادة ومجربة: “إننا ملتزمون بإجراء الانتخابات النيابية في الربع الأخير من هذا العام، وسوف تقوم الحكومة بوضع كل الإجراءات والترتيبات، التي تضمن أن تكون هذه الانتخابات بمنتهى الشفافية والنزاهة، للوصول إلى مجلس نواب، يمثل آمال وطموحات أبناء شعبنا العزيز.” جلالة الملك،  ٩ حزيران ٢٠١٠. أما فكرة أن العرس هذه المرة يأتي كالكرزة التي تزين كعكة الإنجازات الإصلاحية التي تحققت حتى الآن وبالتالي لا بد أن يكون مختلفاً تنفيذاً ونتائجاً، فهي فكرة واهمة بدليل أن التعديلات الدستورية التي “فاخرنا” بها العالم كانت غير ذات قيمة، خسارة فيها الوقت الذي ضاع على مناقشتها؛ فإهمال التعديل الدستوري حول محكمة أمن الدولة وقانونها الذي اقرته الحكومة في شهر آب الماضي والاستمرار بتحويل معتقلي التظاهرات السلمية إلى المحاكم العسكرية (وفكرة ووجود سجناء سياسيين ومعتقلي رأي ذاتها!) مثال كافٍ على صورية التعديلات الدستورية والدستور ودليل عدم الجدية “بالإصلاح”، الكلمة التي أفرغها من معناها تكراراستخدمها بدون وجود أي مؤشرات على نية تطبيقها.

لن تختلف نتائج عرس السنة عن غيرها، فمعدل إعادة انتخاب نواب المجلس السابق في المجلس اللاحق تتراوح بين 30 إلى 40 بالمئة منذ عام 1989 وحتى 2010 (أرقام تقريبية من دراسة قيد الإعداد)، معهم حوالي 30 إلى40 بالمئة من نواب المجلس الذي سبق المجلس السابق ممن غابوا عن آخر مجلس (ضرورة تغيير الوجوه على طريقة الكراسي الموسيقية) وبعض رجالات الدولة من ضباط أمن متقاعدين وكبار موظفي الأمانة والوزارات يعاد تدويرهم في موقع جديد، ويبقى الثلث الأخير للوجوه الجديدة من رجال أعمال ومقاولين و”أثرياء” حالفهم الحظ والاستثمار بالنيابة، ومن نشطاء المجتمع المدني الأليف التابع للدولة، ومن أشباه الحزبيين (خاصةً ذوي الميول اليسارية لإضفاء نكهة التعددية والجدية على المجلس).

لكن هذا لا يعني أن التكرار يعني الملل، فعبثية الحياة السياسية في الاردن تتجلى في أبهى صورها في هذا الموسم المثير الذي يحمل معه مشاهد مهمة، خذ منها حتى الآن:

العشيرة تحتل رسمياً مكان الحزب السياسي

عدا عن أنها تشكل مخالفة لقانون الدعاية الانتخابية، فإن الدعوات المتعددة المعلنة في الصحف إلى انتخابات عائلية داخلية للإجماع على مرشح دليل على أن فكرة  “أنتخب قريبي لأنه قريبي” قد أخذت طابعاً مؤسسياً، فأصبحت انتخابات العائلات تجري بكل شفافية “وبكل إنسانية” (بحسب بيان إحدى العائلات). وقياساً على هذا الخبر من جريدة الرأي: “مصادر سياسية اعتبرت أن الحكومة ترصد المخالفات (بشأن الدعاية الإنتخابية) لكنها تغض الطرف عنه في سبيل شحن الشارع تجاه الإنتخابات) (3 كانون الأول)، فقد يكون تعزيز دور العشيرة يجري أيضاً بشكل ممنهج لرفع نسبة الإقتراع، بما يحمله ذلك من خطورة على السلم الأهلي كما اثبتت الانتخابات الأخيرة.

مخالفة قانون الدعاية الإنتخابية
المـادة21- تكون الدعاية الانتخابية حرة وفقا لأحكام القانون ويسمح القيام بها من تاريخ بدء الترشح.
كيف يمكن لأي ناخب أن يثق بمرشح يعلن بكل وضوح بأنه لا ينوي احترام القوانين؟ منذ الدعوة للتسجيل للانتخابات بدأت إعلانات الترشح بالظهور في الصحف وفي الميادين العامة، بدايةً على شكل دعوات للتسجيل، ومن ثم على شكل تهاني بالأعياد والمناسبات الوطنية، ومؤخراً على شاكلة إجماع عشائري. فهذا المرشح المخالف للقانون لا يكتفي بكسر القوانين، لا بل يثبت بأنه سيبذل كل جهده لإيجاد طرق للتحايل عليها أيضاً، لأنه أذكى من الجميع.

 عجز الهيئة المستقلة وافتقادها للوسائل التنفيذية

“الهيئة المستقلة للانتخابات ليس معروفاً كيف ستختلف عن وزارة الداخلية في إشرافها على الانتخابات وتأمين نزاهتها، فإذا كان لدى السيد عبد الإله الخطيب كفاءات وقدرات من النوع المطلوب لتأمين إجراء انتخابات نزيهة فقد كان بالإمكان تعيينه وزيراً للداخلية، وبذلك توضع تحت تصرفه كل أجهزة الدولة ذات العلاقة بدلاً من عدد محدود من الموظفين لا يستطيعون السيطرة على الانتخابات بالقدر الذي تستطيعه وزارة الداخلية.” (فهد الفانك، الرأي 2 كانون الثاني). مصادر حكومية موثوقة كانت صرحت بأن الهيئة المستقلة جاءت نتيجة تلبية لرغبات أجنبية (في الجانب المشرق، يمكن العرس كله كذلك)، وأن كوادرها في الواقع من وزارة الداخلية. طالبت الهيئة المستقلة الجهات المعنية بتطبيق قانون الانتخابات في موضوع الدعاية الإنتخابية أكثر من ست مرات منذ شهر أيلول، واستمرت الدعاية الانتخابية على الصفحة الأولى في الصحف، جنباً إلى جانب مع التعليمات التنفيذية للهيئة. فإذا كانت الهيئة غير قادرة على ضبط (والأهم معاقبة) مخالفات قانونية بسيطة وواضحة كالدعاية الانتخابية، فكيف لها أن تضمن سلامة الإجراءات التنفيذية المعقدة من الاقتراع والفرز وشراء الأصوات ونقل الصناديق؟ أما خط “لأنه قرارك” الساخن على رقم 122 فأثبتت التجارب المتكررة بالاتصال به للتبليغ عن مخالفات الدعاية بأنه مثل أي صندوق شكاوى شكلي في أي دائرة حكومية.

هذا الظواهر الانتخابية وغيرها مما هو مفيد وممتع، توثقها بصرياً مدونة حبر الجديدة  “العرس الديمقراطي”. إذا صادفتم أي مظاهر أو إعلانات تستحق المشاركة لا تترددوا في إرسالها إلى [email protected]

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية