حجب المواقع الإباحية محلياً وعالمياً

الخميس 18 نيسان 2013

بعد أن أكد مصدر حكومي مطلع أن المواقع الإباحية سيتم حجبها بقدوم عام ٢٠١٤، فاجأنا مصدر حكومي مطلع آخر (على ما يبدو أكثر اطلاعاً)  أن قانون الاتصالات الجديد لن يحجب المواقع الاباجية بشكل مباشر (أو مركزي) بل عن طريق خدمة سيقدمها المزود لمن يريد أن يحجب من المستخدمين.  بناءا على هذا التصريح من المفروض أن يعدّل النص المقترح التالي في في مشروع قانون الاتصالات:

 مادة( ٦١ مكرر) “على المرخص لهم [مزوّدو خدمة الانترنت] حجب النفاذ إلى المحتوى الاباحي عبر شبكة الاتصالات العامة بالوسائل الممكنة و على المجلس أن يصدر التعليمات المناسبة من أجل ضمان قيام المرخص لهم بالاجراءات الازمة لتحقيق ذلك. يصدر المجلس التعليمات التي تنظم حجب النفاذ إلى المحتوى الإباحي مع بيان الوسائل المستخدمة لتنفذ الحجب وآلية إيقاف الحجب في حال طلب المستخدم ذلك من المرخص له”.

 أخبار جميلة. و لكي لا أتهم بتشجيع هذا النوع من المواد، أريد أن أؤكد على أن الخطاب حول حجب المواقع الإباحية ليس أخلاقياً، بل هو حول الوصاية الأخلاقية التي تفرضها الحكومة على الشعب. نعم إن الجدل حول حجب المواقع الاباحية عالمي ولا يخص الأردن فقط، وهي النقطة التي غالباً ما يثيرها المطالبون بالحجب المركزي. فحتى البرلمان الأوروبي الذي يفخر بدعمه للحريات الشخصية لم ينفذ من اقتراح الحجب المركزي الذي قدمه عضو البرلمان الأوروبي من الحزب الاشتراكي الهولندي في خطة عمل “للقضاء على  القوالب النمطية بين الجنسين”،  و قد تم رفضه.  و هناك أستراليا التي قدمت قانوناً لتطبيق غربلة المواقع التي تصنف تحت “رافضة للتصنيف” (Refused Classification)، و لكنها تراجعت عنه. أما آيسلندا ما تزال تبت في مشروع قانون لحجب جميع المواقع الإباحية. قد يجد مؤيدو الحجب في هذا دعماً لموقفهم إذ يقولون أن أكثر الدول ديمقراطية تدفع بذات الاتجاه، ولكن هل يمكن يمكن مساواة “النية” بالتطبيق؟ ففي كل مجتمعات العالم، تجد مجموعات تدعو إلى تولى الحكومة مهام الحجب لكن كما رأينا من الأمثلة السابقة، حتى في الدول الديمقراطية (حيث البرلمانات أكثر تمثيلا للشعوب)، ترفض الشعوب وصاية الحكومة على أخلاقياتها.  يبقى مثال الدول المطبقة فعلياً للحجب مثل الباكستان، إيران، الصين و قطاع غزة والتي ليست بالمناطق الصديقة للحريات في الأصل. انضمت الى هذه الدول مؤخراً مصر. فقد رأت الحكومة المصرية أولوية في تخصيص أربع ملايين دولار لحجب المواقع الإباحية استجابة لمطالبة مجموعة شعبية إسلامية، على الرغم من اقتصاد متدهور تتصاعد فيه الاحتجاجات العمالية لتحسين الرواتب ومستوى المعيشة.

لكن كل هذه المحاولات للحجب نضعها في كفة، و في الأخرى نضع تجربة تونس التي كانت عدو الانترنت الأول بسبب الحجب، وخرجت من هذه الدائرة بعد الثورة. فقد كانت “الوكالة التونسية للإنترنت”  (ATI) المسؤولة عن إدارة جهاز الحجب في الدولة ومراقبة الشبكة، والنفاذ الى معلومات المستخدم حسب طلب الحكومة في زمن بن علي، ولكنها تخلصت بعد الثورة من كل أجهزة الحجب. قد نمضي ساعات طويلة في مناقشة شرعية الحجب وإمكانية تطبيقه وتكلفته أو حتى أخلاقيته، ولكن لا يوجد أفضل من الاستماع الى رأي معاذ شكشوك، مدير الوكالة التونسية للإنترنت حالياً، والذي عاصر فترة تطبيق الوكالة لنظام حجب شبكة الإنترنت التونسية تنفيذا لأوامر الرئاسة.

وأخيراً نشكر المصدر المطلع لتطميننا بأن الحكومة قد تأخذ القرار الصائب بعدم الزيادة من أعبائها لتنظيم أخلاق مواطنيها. ونتمنى ألا يأتي مصدر مطلع رقم ثلاثة وينفي ما قاله مصدر مطلع رقم اثنين.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية