الإعلام يحجب أسماء شركات مخالفة: كأنك يا بو زيد ما غزيت

الأربعاء 15 أيار 2013

كل يوم يمر من دون أن تفصح صحيفة الرأي عن اسم شركة المياه المعدنية التي كشفت التحليلات المخبرية في الجامعة الأردنية عن تلوث عبواتها المنتشرة في السوق الأردني، يزداد عدد المتضررين ممن يشربون يومياً ليترات من المياه الملوثة ويجهلون ذلك.

صحيفة الرأي قررت أن “تمسك عن الافصاح عن اسم الشركة“، مع إقرارها بأن الشركة “تشتري منها العديد من الدوائر الحكومية وتشهد تواجداً كبيراً في السوق الأردني أيضاً”، وبالرغم من قوة ومصداقية مصدر معلومتها. فإدارة الجامعة الأردنية، وهي جهة رسمية وكبرى الجامعات الأردنية، تكلفت 1500 دينار للتحقق من تلوث عبوات المياه المعدنية في مختبراتها الأكثر تطوراً ودقة في المملكة.

التعليقات التي كتبها قراء خبر “الرأي” في 13/5، طالبت الصحيفة بالكشف عن اسم الشركة “لان ذلك يختص بصحة الانسان الذي هو أغلى ما نملك”، كما يقول المعلق حسن زعرب، و”من منطلق مسؤولية الجريدة الاجتماعية حتى يحذرها الناس”، وفقا للمعلق محمد القيسي، و”حتى لا تؤثر على صحة الناس”، كتب المعلق عطشان. وعلق أبورحمة: “ليش بتشجعوا الفساد وين اسم الشركة أكيد لواحد مدعوم اكتير”، فيما كتب أحدهم تحت اسم “مياه غدير”: “يا ريت نعرف اسم الشركة على شان الواحد يدير باله”، وكشف بذلك عن اسم الشركة المعلومة لطلاب الجامعة الأردنية ومعارفهم.

comments 1

في اليوم التالي تلقت صحيفة الرأي تهديداً من مدير عام شركة المياه المعدنية التي أظهرت التحليلات المخبرية تلوث عبواتها، يقول فيه: “أي وسيلة إعلام تنشر أو تشير إلى اسم الشركة سيتم مقاضاتها“، وأنه “تم توجيه إنذار عدلي الى رئاسة الجامعة على اعتبار انها أساءت وأضرّت بسمعتها في السوق والاسواق الخارجية”.

الجامعة بدورها، “اشتكت قضائياً على الشركة بعد اكتشافها تلوث المياه في عبوات تم تزويد الجامعة بها بناء على اتفاقيات مع الشركة… وأبلغت دائرة الغذاء والدواء بنتائج فحوصاتها المخبرية لعبوات المياه التي تبيعها هذه الشركة”، وفقا لتقرير الصحفي عبدالرزاق أبوهزيم في صحيفة الرأي.

خبر “الرأي” في 14/5 عن تهديد مدير الشركة، أثار 15 تعليقاً جديداً لقراء يطالبون الصحيفة بحقهم في معرفة اسم الشركة. يعلق ليث: “المواطنين حقهم كمان يعرفوا. عشان كم قرش يعني الناس تتسمم. اذا ما عرفنا شو الشركة بدنا نلجأ للقضاء كمان”، ويتساءل د. علي الابراهيم: “من ايش مستحيين او خايفين نكتب اسم الشركة. اذا المختبرات متأكده من فحوصاتها مش لازم نحارب الفساد بالتستر عليه”، ويؤيده سامي ساخراً: “نعم من حق الشركه أن تخفي اسمها عن الناس لتبقى تبيع ماءها الملوث، ولكن ليس للناس حق ان يعلموا أن الماء الذي يشربوه ملوث!!! هكذا تكون الديموقراطية والا بلاش”. ووفقاً لميسرة “يجب إعلام الرأي العام بالأسماء حتى يتم ردع المخالفين”، ويوافقه سامي “لو يتم ذكر اسماء هؤلاء الفاسدين ما بضل عنا فاسد”. “عندها كل تاجر يتشدد في الرقابة الذاتية على منتجه لكي لا يفقد ثقة الناس وتنهار شركته بلحظات عند فضح الاسم”، يقول محمود.

comments 2

وباستثناء التصريحات الرسمية الصادرة عن مؤسسة الغذاء والدواء، التي تتضمن أسماء الشركات والمطاعم التي يتم إغلاقها بعد ثبوت مخالفتها للمواصفات الصحية المعتمدة، يمتنع الإعلام، في العادة، عن ذكر اسم الشركة المخالفة حتى لو تمكنت الوسيلة الإعلامية من إثبات وتوثيق المخالفة.

أبرز الأمثلة كان تحقيقاً أعدته مؤخراً الصحفية حنان خندقجي من وحدة الاستقصاء الصحفي في راديو البلد/موقع عمان نت، والتابعة لشبكة أريج. كشف عن “تجاوزات صحية وبيئية.. وتلاعب بالمواصفات في مصانع ألبان“. ورغم توفر الأدلة وتوثيقها بالتصوير الفيديوي والتحليلات المخبرية، امتنع موقع عمان نت عن نشر أسماء المصانع.

التقارير الصحفية عن مخالفات شركات المياه المعدنية ومصانع الألبان في الأردن، ليست جديدة. ففي آب 2011 نشرت صحيفة الغد تقريراً عن “إغلاق 19 مصنع ألبان إثر احتواء منتوجاتها على ملوثات“، ولم تذكر أسماء المصانع فيها حينها. وفي آذار 2012 نشرت نفس الصحيفة تقريراً بعنوان “وزارة الصحة تغلق مصنع تعبئة مياه معدنية و59 محطة تحلية العام الماضي“، ومرة أخرى من دون ذكر أسماء المصانع.

السؤال المهني والأخلاقي حول نشر أو عدم نشر أسماء الشركات التي يثبت تلوث منتجاتها أو مخالفتها للمواصفات والمقاييس، يثار مجدداً مع كل تقرير يكشف حالات مشابهة. وفي كل مرة يتغلب خوف الإعلام من تهديد الشركة المخالفة على المصلحة العامة للمواطنين المستهلكين وللشركات غير المخالفة التي تتضرر من مقاطعة المواطنين للمنتج عموماً، وتقرر الوسيلة الإعلامية عدم نشر اسم الشركة و”كأنك يا أبو زيد ما غزيت”.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية