أرباح شركات الاسكان: بئر … الضخ منه ممنوع

الثلاثاء 23 تموز 2013

 بقلم جواد جلال عباسي

من المفروض ان لا يختلف احد على الحل الاساس لاشكالية ضريبة الدخل بالاردن وهو توسيع القاعدة الضريبية وتقليل التهرب والتجنب وأن تكون نسب الضريبة منطقية وغير طاردة للاستثمار. لكن السياسة الحكومية عملياً تصر على تضييق القاعدة الضريبية وحصرها بقطاعات معينة فيما تقلل ضريبة الدخل على قطاعات كبيرة وذات ربحية عالية لا تدفع حصتها العادلة من ضريبة الدخل. ولنا في قطاع شركات الاسكان مثالاً.

المعلوم أن شركات الاسكان تعفى من رسوم تسجيل العقار للبائع (والبالغة 4% من قيمة العقار) وهو حافز لكل من يريد الاستثمار في بناء الشقق والفلل وبيعها. فرسوم التسجيل لشراء شقة من شركة اسكان 6% من قيمتها لكن في حال شراء شقة من مواطن عادي تكون الرسوم 10%.

قبل قانون ضريبة الدخل الحالي (قانون مؤقت رقم (28) لسنة 2009) الصادر في 12 \ 2009 كانت شركات الاسكان تدفع ضريبة دخل مقطوعة بنسبة 1% من مبيعاتها على اساس تقدير الاراضي والمساحة لسعر البيع بدلاً من سعر البيع الحقيقي.

بعد القانون فرضت ضريبة دخل على شركات الاسكان بنسبة 14% من الربح والذي يتطلب مسك حسابات نظامية للشركات.

لكن الحكومة لم تشأ تطبيق القانون على شركات الإسكان. فخلصت إلى اتفاق مع “جمعية المستثمرين في قطاع الاسكان الاردني” وتم العودة إلى نظام ضريبة الدخل المقطوعة بنسبة 1.4% من مبيعاتها على اساس تقدير الاراضي والمساحة لسعر البيع لا سعر البيع الحقيقي (استنادا الى تقدير هامش ربح شركة الاسكان ب 10% فقط لكل شقة تبيعها). وأعفيت شركات الاسكان من متطلب مسك حسابات نظامية.

معظم شركات الاسكان لا تمسك حسابات نظامية وبالتالي لا تملك دائرة ضريبة الدخل أية ارقام عن دخل المتعهدين الفرعيين الذين يبنون الشقق ويشطبونها

كذلك تم اعفاء الشركات من اقتطاع 5% من قيمة الدفعات الشهريه التي تدفعها للمتعهدين الفرعين للمشروعات الاسكانية وتحويلها لدائرة ضريبة الدخل. مما يعني تهرب ضريبي برعاية حكومية لأن:

– معظم شركات الاسكان لا تمسك حسابات نظامية وبالتالي لا تملك دائرة ضريبة الدخل أية ارقام عن دخل المتعهدين الفرعيين الذين يبنون الشقق ويشطبونها. مع أن القانون يشترط توريد 5% من قيمة عقودهم الى ضريبة الدخل.

– الضريبة المقطوعة تفترض هامش ربح 10% لبيع الشقق (أي أن مبيعات مليون دينار لها ربح قبل الضريبة 100 الف دينار تستحق ضريبة بنسبة 14% اي 14 الف دينار). مع أن ارقام شركتين مدرجتين بالسوق المالي (العمد والمعاصرون)  تبيًن أن هامش الربح قبل الضرائب (وبعد كافة المصاريف الإدارية وتكلفة الشقق) كانت بمعدل 18% في 2011 و14% في 2012. وهذا لشركات مساهمة عامة ذات مصاريف إدارية عالية. فعملياً الضريبة المقطوعة تفترض أرباحاً اقل بنسبة 30 الى 50% من الارباح الفعلية فتصبح نسبة الضريبة الفعلية أقل من 10% بدلاً من نسبة القانون البالغة 14%.

ناهيك طبعاً أن الكثير من شركات الإسكان والتي يتجاوز عددها 1600 شركة لا تلتزم أصلا بتوريد ضريبة الدخل المقطوعة مع أن كل المبيعات وتفاصيلها موجودة في سجلات دائرة الاراضي والمساحة يومياً.

طبعا نظام الضريبة المقطوعة (لكل شركة لا ترغب في أن تمسك حسابات نظامية) ينتج أيضاً ازدواجية ضريبية وتشوهاً بين شركات الإسكان نفسها. فمثلا شركة عمد للاستثمار والتنمية العقارية اختارت ان تحاسب ضريبتها على أساس مسك حسابات ختامية وكانت نسبة ضريبة الدخل المدفوعة في 2011 و2012 14% (على القانون الحالي) مقابل نسبة ضريبة 7% و8% في 2010 و2009. فيما اختارت شركة المعاصرون للمشاريع الاسكانية نظام الضريبة المقطوعة فكانت نسبة ضريبة الدخل المدفوعة في 2012 و2011 12% و11% (على القانون الحالي) مقابل 13% و11% في 2010 و2009.

الخلاصة أن القانون الحالي بنسبة دخل 14% على شركات الاسكان منطقي ويزيد التحصيل الضريبي شريطة أن يطلب من جميع شركات الإسكان مسك حسابات نظامية بدلاً من الالتفاف على القانون، بمباركة حكومية، عبر الضريبة المقطوعة والتي اتى القانون الحالي اصلا لانهاء تشوهاتها. ومن غير المفهوم ان لا تتابع دائرة ضريبة الدخل مبيعات شركات الاسكان سنويا عبر دائرة الاراضي والمساحة وأن تطلب منهم تقديم الميزانيات والضريبة في وقتها تحت طائلة الغرامات.

كذلك فان طلب مسك حسابات نظامية من شركات الاسكان – مثلها مثل باقي شركات الاردن – يساهم في زيادة التوظيف في أعمال المحاسبة والتدقيق من دون كلفة اضافية كبيرة على الشركات.

لنوسع قاعدة دافعي الضرائب بدلا من تضييقها. فهي ضيقة أصلا بما فيه الكفاية

عود على بدء. يكفينا عبثاً في قانون الضريبة والنسب كل سنتين أو ثلاث. وبدلاً من اقتراح رفع النسب على قطاعات تدفع حاليا 30% و24% ضريبة دخل يجب أن نركز على أن تدفع كل شركة وشخص يربح ضريبته العادلة وبالنسب الحالية، كما يدفعها شهرياً موظفو وعمال الاردن. لنوسع قاعدة دافعي الضرائب بدلا من تضييقها. فهي ضيقة أصلا بما فيه الكفاية: بدليل أن ضرائب دخل 16 بنك مدرج في السوق المالي وثلاث شركات خلوي تشكل 47% من التحصيل الضريبي من كل الشركات في الاردن و37% من مجمل تحصيل ضريبة الدخل في الاردن.

طبعا لا ننسى أن أساس نجاح توسيع قاعدة دافعي الضرائب يتطلب شفافية كاملة ومساءلة في كل أوجه الإنفاق الحكومي.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية