مراجعة نقدية: ساعة ونص كوميديا 

الخميس 01 آب 2013

الجوائز السنوية للبرامج الكوميدية المعروضة على قناة رؤيا الفضائية في الفترة المسائية 

من المشاكل الأساسية التي يعاني منها من يحاول مراجعة عمل إبداعي محلي أو إبداء رأيه فيه (حتى لا نقول نقده) هو الإحراج الاجتماعي الناتج عن وجود “درجتين من الانفصال” على الأكثر بين أي شخصين في الأردن، فيصبح من الضروري مجاملة كل من ساهم بهذا العمل تجنباً للإحراج مع أقاربهم وصحابهم ومعارفهم الذين تجمعك معهم علاقات شخصية وعلى الأغلب تجمعك معهم مباشرة. وبالتالي فحتى لو لم تعجبك جوانب من هذا العمل، أو حتى لو وجدته غير قادر على تحقيق هدفه الأساسي (على الأغلب التسلية والترفيه) تضطر لأن تلجأ لعبارات تتراوح بين “منيح ورهيب وعظيم” أو “ممتاز… بالنسبة للأردن” على أقل تقدير، حتى ما يزعل حدا، مما يساعد على انتشار الأعمال ذات المستوى العادي وقبولها كأمر واقع طبيعي ومعتاد.

على العموم، فإن النظرة إلى الأعمال الإبداعية خاصةً الكوميدية منها انطباعية بالدرجة الأولى، ولا تحمل هذه النظرة تلك القيمة أو الجدية، فليس فيها جانب علمي أو شخصي بالتأكيد؛ أنت تقدم منتج للتسلية، والمتلقي يزودك بردة فعله ببساطة: شاهدت أو سمعت أو قرأت وتسليت واستمتعت أو ما تسليت ولا استمتعت وغيرت القناة. طبعاً هذا لا ينتقص من الجهود المبذولة، فمن البديهي أن كل عمل و برنامج يحتاج لساعات من العمل الجاد، تماماً مثل كل طالب توجيهي يقضي ساعات في الدراسة، بغض النظر عن تباين النتائج.

AbuMahjoobجائزة “فتاحة المعلبات الكترونياً بإستخدام الليزر”
لتوظيف التكنولوجيا في مشاريع ليس لها داعي

أبو محجوب

لو قمنا بعمل استفتاء شعبي لقياس نسبة من يرغبون برؤية أبو محجوب كشخصية ثلاثية الأبعاد ثري دي، فإن النسبة ستقارب الصفر بلا شك لسبب واحد: “ليش؟”. الشخصية أصلاً مرسومة على الورق، هكذا يعرفها الناس وهكذا تعودنا عليها. كما أن ضعف التنفيذ فنياً جعلها أسوأ على عدة مرات، فأصبح أبو محجوب بالخلفية الصفراء المملة والحركة الروبوتية سبب للصداع شوهت الزلمة في العقل الجمعي. وعلى سيرة التشويه، أداء نديم سراج لصوت أبو محمد أعطى انطباع أن أبو محمد في أوقات فراغه بحكي يتخوث مع محلات الأدوات الصحية لعمل مقالب “غاية في الطرافة” من خلال مكالمات الإزعاج. بالمحصلة النص ضعيف ولا يقدم جديد والتنفيذ بائس وتحتاج إلى جهد كبير لمتابعة الحلقة حتى النهاية.

1

ملاحظة على سيرة الثري دي: في برنامج من نفس النوع إسمه ٢٠٥٠، الإنتاج الفني كرسم وتحريك أفضل من أبو محجوب بكثير لكنه للأسف “غير قابل للمشاهدة” بسبب استحالة التعامل مع القصة والحوار.

رانيا شوجائزة قناة الديوان الملكي على اليوتيوب
لأفضل إنتاج فني وأضعف محتوى

ذي رانيا شو

إمكانات فنية عالية، كاميرات ممتازة، تصوير إحترافي مع توظيف “شالو دبث أوف فيلد”،  إنتاج جميل، صوت بجودة عالية وموسيقى أصلية حلوة، كل ذلك يتمحور حول شخصية فذة وجودها وحده كافي لعمل أي مشروع مهم، لكن للأسف كل هذه العوامل تجتمع لإنتاج شيء ناقص. فكرة الشخصيات التي تلعبها رانيا رائعة جداً، وأداء رانيا ممتاز كما هو متوقع منها، لكن قصر طول الحلقات (قصيرة جداً حتى بالنسبة لسكتش كوميدي) لم تسمح باستغلال هذه الشخصيات. الكثير من الحلقات مبنية على نكتة وحدة، ضعيفة في معظم المرات (سباق على جهاز الركض ينتهي بإنه احدى المتسابقات ضريرة! حلقة المغنية عند الطبيبة النفسية لا يظهر فيها حتى شو هي النكتة بالآخر). كاتبة النص سهى النجار موهوبة كممثلة ومنتجة محتوى وكان يمكنها أن تطلع بنكت أفضل من “جدك كان مفكر السنيورة لزقة ظهر”. بالنسبة لبرنامج شارك فيه بشكل أو بآخر نص عمان، كان ممكن يكون أحسن ومسلي أكثر. رانيا شو مثال آخر على تجربة كان من الممكن أن تكون أكثر نجاحاً بكثير كبرنامج على اليوتيوب مش على التلفزيون؛ في حلقات بتحضرها على التلفزيون وبتنصدم، وبعدين بترجع بتحضرها بالصدفة أونلاين بتكتشف انها مش كثير عاطلة.

3

صد ردجائزة العم غافل/زعل وخضرة برعاية التلفزيون الأردني
للبرنامج الذي لا يمكن مشاهدته تحت أي ظرف

صد رد بالقرية

تخيل انك بعد يوم عمل طويل عملت سندويشة وجلست أمام التلفزيون تاكلها بهدوء بينما تشاهد أي اشي. في هذه اللحظات لست معنياً بتغيير القناة أو البحث بين القنوات بقدر ما أنت مهتم بأكل السندويشة (عملية تستغرق من ثلاث إلى عشر دقائق) بغض النظر مستوى الشيء المعروض أمامك، بشرط أنه ما يقلب معدتك. إذا وجدت نفسك منزعج لحد أنك اضطررت لمسك السندويشة بإيد والريموت بإيد لأنك مش قادر تتحمل ما يجري أمامك، يكون هذا البرنامج لا يمكن مشاهدته تحت أي ظرف. مشهد من صد رد بالقرية: رجل وزوجته يتصايحان  بصوت عالي لدرجة تجعل من المستحيل فهم ما يقولانه، وينتهي المشهد بالرجل يصيح: “حمارة إنتي حمارة” (صوت ضحك مسجل!)

0

fe maleجائزة المنتخب الأردني لكرة القدم
لبرنامج الإجماع الوطني الأكثر شعبية

في ميل ٢

يمكن ما راح يتأهل على كأس العالم، ويمكن مش أحلى كرة قدم في العالم، لكنه مسلي، ويتمتع بقبول واسع. في شبه اتفاق على إنه هذا هو أفضل برامج ساعة ونص كوميديا: يقدم البرنامج أفضل موهبة مضحكة بالفطرة (رجائي قواس مع الاحترام للجميع)، مستوى الإنتاج صوت وصورة وإخراج ممتاز، الألوان حلوة، الإيقاع سريع، الكتابة جيدة كان ممكن تكون شوي أحسن، والشخصيات الثانوية ناجحة بنسبة عالية نصاً وأداءً.

وحتى لا نفرط في المديح فنعتاد عليه، لا بد من الإشارة إلى أكبر مشكلة يعاني منها في ميل وكل الفترة الكوميدية لهذا العام والعام الماضي، لا بل يعاني منها كل الأردن وهي: بلطجة المعلن. هناك فكرة مجنونة تولدت لدى عباقرة التسويق والإعلان في الشركات وفي وكالات الإعلان في البلد، بأن رعايتهم لعمل تعني الحق في اغتصاب هذا العمل وتشويه كل مشهد منه بالمنتج الفظيع تبعهم! لا يمكن أن تفهم مدرسة التسويق التي تخرّج منها هؤلاء الذين يعتقدون أن المنتج في وجهي هو أفضل طريقة لإقناعي بشرائه. إنها الفلسفة التي وصفها رجائي في الحلقة الخامسة بينما كان يشرب علبة عصير راعي البرنامج، بأنها فلسفة مهاوش في بيع الكريمات.

تخيل أن وكيل المعلن كأنه بحكي معك بالنص التالي حرفياً: “احنا كشركاء معاً في هذا المشروع شايفين إنه قصة الغلاف لمجلتك لهذا الشهر وكل عناوينك إلّي اشتغلتوا عليها طول الشهر سخيفة وما إلها قيمة، وإحنا شايفين إنه قيمة مشروعنا المشترك كثير بتزيد إذا غطّينا كل شغلكم والوجه تبعكم بصفحة زرقا مكتوب عليها إسم المنتج تبعنا بخط كبير. مش أحسن هيك؟ وبالمناسبة الشيك بنص المبلغ إلي اتفقنا عليه مرمي على الأرض هناك، إبعث رئيس التحرير تبعكم ياخذه، ويشطف مكتبنا بطريقه وهو مروح”. يعني باختصار (صوت رجائي): “عزيزي سواتش وسامسونغ وبيبسي وتروبيكانا، إنته فاهم موضوع الرعاية و”البرودكت بلايسمنت” غلط وعرض أختي.”

4

Screen Shot 2013-08-01 at 11.59.52 AMجائزة رسامة الكاريكاتير أمية جحا
للتعاطف مع أي شيء فلسطيني

فنجان البلد

يعني يمكن البرنامج ليس بدرجة سوء صد رد بالقرية، ولكنه ليس ببعيد.  أحياناً بعض الأفكار مش بطالة لكن التنفيذ تعيس على كل المستويات وتحتاج لبذل جهد لإكمال الحلقة حتى النهاية. بعض الآراء ترى إنه “ممتاز…بالنسبة لفلسطين”، “ويا أخي لازم نشجع الشباب الفلسطيني” في تكرار طبيعي لكل المبررات التي تساق للإحتفال بكل إنتاج متواضع في الأردن.

0.5-01

N2O2جائزة كسوف الشمس
للحماس والترقب الذي ينتهي بخيبة أمل

خرابيش و-N2O 

بتسمع عن الكسوف بتتحمس وبتشتري نظارات والدولة بتعطل. بتستنى طول اليوم، ببدأ جزء من الشمس يصير أسود بتكيف. بعد ثلاث ساعات كمان شوي من الشمس بتكون صارت أسود، بتكون بديت تزهق. بعدين بتمر ساعات قمة في الملل، بتروح بتنام وبتصحى بتلاقي نص الشمس صار أسود، بعدين بتكتشف إنه الكسوف كله فيلم كبير. ثاني يوم بتسمع بالجريدة مليار إنسان يتابعون كسوف الشمس حول العالم.

بالنسبة للأصدقاء في خرابيش فإن هذا الموسم الرمضاني هو النقطة التي يجب البدء عندها بالتفكير إلى لوح الرسم الأبيض. مخيم في ضانا، خلوة في البحر الميت، أسبوع اجتماعات ومقابلات داخلية، بغض النظر لا بد من اعادة التفكير بالاتجاه، خاصةً فيما يتعلق بما اطلقوا عليه بدون وجه حق “ستاند أب كوميدي”. بصراحة، ليس هناك بصمة مميزة لأي من الشباب ممن أطلق عليهم إسم “نجم خرابيش”؛ هناك أسلوب متكرر في قراءة نص ضعيف، عادةً ما يكون نسخة من “أنا نفسي أعرف…” متبوعة بمشاهدة إما بديهية أو غير موجودة، متبوعة بدعاية لسامسونغ بطريقة أو بأخرى. عدد المشاهدات على يوتيوب ليس هو المقياس، والتوقعات من خرابيش أعلى بكثير من المستوى المقدم، وهو ما يؤدي إلى خيبة أمل مضاعفة.

1.5

jarجائزة الأزمة المصرية
للبرنامج الأكثر استقطاباً وخلافية

الجار قبل الدار 

من الصعب أن تجد شخصين يتفقان على تقييم للجار قبل الدار، وهو انعكاس للبرنامج نفسه الذي يحتوي على جوانب إيجابية وأخرى سلبية. النص عادي، الممثلون أفضل بقليل، الترجمة من الإنجليزية المحكية إلى العربية المكتوبة رائعة، وصوت الضحك المسجل ينتمي إلى حقبة سابقة انتهت في أواسط التسعينات.

2.5

بحكيلك القصةجائزة الآر بي جي-٣٢ الهاشم
لفخر الصناعة الوطنية

أنا بحكيلك القصة ٣ 

مجموعة شباب بتعرف شو بتعمل. النص بغطي موضوعات من التوجيهي لوادي الذئاب بطريقة مبدعة عفوية وسريعة لدرجة مستعد يلخصلك ست أجزاء فيلم روكي بأقل من تسعين ثانية، بتضحك خلالها بصوت عالي على الأقل ثلات مرات. الرسم ممتاز، وكثير مرات ما بتبع للنص مية بالمية، مما يتطلب انك تركز في الإثنين. حتى السؤال في في آخر الحلقة وجزء “وإذا عرفت الجواب” دائماً مفاجأة حلوة ومبتكرة. طبعاً صحابنا عباقرة التسويق والإعلان تركوا البرنامج الوحيد إلي فعلاً بنفع يكون إله راعي وجوائز، وإلي بنعرض أكثر من مرة خلال اليوم وخلال الساعة ونص كوميديا، لأنه يمكن ما بنفع واحد يطلع يحكي “إشرب هذا الاشي” أو “احكي بهذا الاشي” في نص الحلقة. يمكن لو وعدوهم يدحشوا شعار الشركة في كل رسمة كان مشي الحال.

4.5

qatayefجائزة عبير عيسى في مسلسل حارة أبو عواد
للدرس المباشر واستخلاص العبر في آخر كل حلقة

حكي قطايف

حصل فريق “مسرح الشارع” على تعاطف في بداياته تقديراً للفكرة التي شفعت لتواضع مستوى الفكاهة. تدرج مسرح شارع صعوداً من الشارع إلى احتفالات وزارة العمل إلى افطارات مركز حماية الصحفيين إلى فندق اللاندمارك ومر بعملية ريبراندنغ كامل فأصبح حكي جرايد، وفي رمضان حكي قطايف، الذي يمكن القول بأنه قريب جداً من عدم اجتياز إختبار السندويشة المذكور أعلاه ومن الصعب فعلاً متابعة حلقة كاملة منه. تكفي الإشارة هنا إلى السؤال المحير: أثناء تصوير سكتشات شهرزاد وشهريار التي تتكرر في كل حلقة إلي بكون فيها أمجد حجازين بلعب دور شهرزاد، كيف ما طلع حدا من فريق العمل أو الشب إلي حامل الميكرفون أو حتى شب الديليفري إلي جاب الغدا وحكالهم: “شباب! شو عم بتعملوا بشرفكم!”.

1

شرش الطولجائزة الناطق الرسمي بإسم الحكومة
لتوضيح الأمور البديهية والمعروفة (مستر أوبفيوس)

شرش الطول

اختار شباب شرش الطول موضوع مضمون وسهل وهو اللعب على الحنين للذاكرة وأيام الشباب (نوستالجيا) وهو موضوع محبب للجميع. يعني كل البرنامج عبارة عن صفحة فيسبوك أو حتى فيديو ثمن دقائق بعنوان “لمواليد الثمانينات فقط”. مع ذلك القيمة المضافة على الفكرة في إعادة التمثيل والتقديم جعلت البرنامج مسلي في معظم الأحيان، وإن انزلق في أوقات إلى مستوى التهريج (بمثال إياد التعمري إلي أحياناً بكون مضحك وأحياناً بكون مبالغ في ادائه، لكن بشفعله إنه اشتغل على الصوت كمان). أضف إلى ذلك إلى إنه أغنية المقدمة منيحة.

3.5

خلال تجربة قناة رؤيا في السنوات الثلاثة في تبني أعمال ذات طابع مختلف يقدمها شباب، لم يراع كل الأطراف فكرة اختلاف تعاطي المتلقي مع المحتوى بين اليوتيوب والتلفزيون: فما تشاهده خلال استراحة الغدا في الشغل عن طريق لينك سريع عارض من الفيسبوك يختلف في تأثيره عن برنامج على التلفزيون تنتظره بموعد ويتخلله إعلانات وترويج للقناة، فهما تجربتان مختلفتان تماماً. حتى مستوى توقعاتك من برنامج يتوفر له منتجين ورعاة رسميين وطواقم عمل ومواعيد بث تختلف عن مجموعة شباب بيتسلّوا بنزلوا مقطع يوتيوب كل ما يطلع معهم اشي مستاهل.

هذا العام تنبهت القناة المنتجة لبعض هذه الأمور فبدا واضح عدم تقييد البرامج بمدة زمنية معينة أو بتقديم ثلاثين حلقة، ولكن الخيارات جعلت التجربة بأكملها خلال الساعة ونصف متواضعة بشكل عام، بمستوى متدني من الفكاهة قارب على التهريج أحياناً، ودفعك للتفكير في عدة مواقف بالسؤال الذي يجب أن يبقى المعيار الأساسي والبوصلة لأي برنامج كوميدي محلي: كيف يختلف هذا عن أي شيء عرضه التلفزيون الأردني في آخر عشرين سنة؟

النتيجة النهائية

2

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية