إدارة الدولة وأليكسا

الأربعاء 18 كانون الأول 2013
by Hussam Da’anah | بعدسة حسام دعنة

تصوير حسام دعنه

في ظل عاصفة أليكسا التي عطلّت جوانب كثيرة من الحياة اليومية في الأردن في الأيام الأخيرة نرى العديد من الآراء والتحليلات لأداء المؤسسات الحكومية في مواجهة المشاكل التي نتجت عن العاصفة. تاليا بعض المقتطفات من أقوال المسؤولين في شركة الكهرباء وأمانة عمّان. و أدناه يقدّم تيسير الكلوب مقالا عن الشرخ بين أداء الحكومة ومتطلبات الأردنيين، ودور الاعلام المدني في  التعبير عن التناقضات بين توقعات الشعب والخدمات الحكومية. ما رأيكم في التناقض بين تقييم الحكومة لخدماتها وأدائها لمسؤولياتها ونظرة الشعب لهذا الأداء خلال هذه الظروف الجوية؟ وكيف من الممكن أن نردّ على الأسئلة التي يطرحها تيسير الكلوب؟

شاركونا الحديث في قسم التعليقات تحت المقال.

من الوطنية للكهرباء: العمل جار لإصلاح أعطال الشبكة

“المهندس المسؤول عن توزيع الكهرباء في الشركة الوطنية زياد الحمصي أوضح أن الشركة تلقت حوالي 95 ألف شكوى لانقطاع التيار الكهربائي من مختلف المناطق، و أن العمل جار حاليا لإصلاح الأعطال التي طالت شبكة الكهرباء.”

منالأمانة: إجراءات احترازية لأي منخفض قادم

“شكاوى واتهامات المواطنين لسائقي الجرافات وكاسحات الثلوج التابعة لأمانة عمان بتقاضيهم مالبغ مالية مقابل فتح الطرق، أمر لم تثبته الأمانة حتى الآن، إلا أنها تسعى لفرض رقابة على السائقين بإيجاد مرافقين سواء من المهندسين أو الإداريين على الآليات التابعة للأمانة، بحسب مدير المدينة في أمانة عمان فوزي مسعد.”

” لأمانة أنجزت فتح ما يقارب الـ90% من شوارع العاصمة غير المائلة منها، وسيتم العمل على الطرق المائلة اعتباراً من الثلاثاء.”

“مركز طوارئ تلاع العلي تلقى أكثر من 900 شكوى خلال فترة المنخفض غالبيتها كانت تتعلق بالكهرباء.”

“وكان أمين عمان الكبرى عقل بلتاجي قد تعهد بمحاسبة أي موظف يعمل في الأمانة مهما كانت درجته الوظيفية دارت حول عمله شبهات التقصير أو الجهل خلال المنخفض الجوي الأخير.”

من”النسور: استكمال الإجراءات القانونية بحق شركات الكهرباء

“أكد رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور أنه سيتم استكمال الإجراءات القانونية اللازمة حسب الأصول بخصوص الملاحقة القضائية التي كلفت الحكومة الهيئة بالسير بها بحق شركات توزيع الكهرباء “شركة الكهرباء الأردنية وشركة توزيع الكهرباء الأردنية” ومدرائها العامين لتقصيرها بأداء الواجب، مشددا على ضرورة قيام هذه الشركات بتحسين الخدمات التي تقدمها لشرائح المستهلكين.”

“نائب عام عمان القاضي زياد الضمور سجلت لديه قضايا تحقيقية حيث يباشر صباح غد الاربعاء بالاستماع لعدد من الشهود التي تم دعوتهم للحضور الى دائرة النائب العام، مطالبا المواطنين المتضررين من شركات الكهرباء أو أي من الجهات التي لحق بها ضرر جراء التقصير أو الإهمال، بتقديم شكوى لدى دائرة النائب العام  للتحقيق بالقضية.”

“إدارة الدولة وأليكسا”  بقلم تيسير الكلوب

ليست هذه المرة الأولى التي يتعرض الأردن في تاريخه لمنخفض جوي، فقد تعرض الأردن سابقا لمنخفضات أكثر قوة من المنخفض الذي عشناه في الأيام السابقة، ولأمطار شكلت سيولا سببت فيضانات اجتاحت منازلا وأضرت بأرواح وممتلكات.

الفرق هذه المرة أن الأردنيين طوروا من نظرتهم لأداء إدارة الدولة، و قد تجسّد هذا التطور في تفعيل استخدام وسائل الإعلام المجتمعي لمتابعة آداء أجهزة الدولة وانتقاد التقصير الحاصل في أي جانب والتركيز عليه ونشره. فالأمر لم يعد مقتصرا على التغطية الإعلامية للتلفزيون الأردني ومراسليه الذي لا يوصل في العادة إلا وجهة نظر المسؤولين فتصبح وجهة النظر هذه “حقيقة” حتى لو خالفت الواقع. فكل مواطن أردني أصبح اليوم كما اصطلح التعبير مواطنا صحفيا يغطي الشارع الذي يحيط بمنزله وينقل آخر المستجدات في منطقته ومراقبة وتقييم للخدمات الحكومية هناك.

خلاصة الأمر أن الأردنيين تطوروا من ناحية مراقبة ومحاسبة الحكومة على إدارة الدولة أكثر بكثير من تطور الحكومة وأجهزتها في جانب الآداء، واستمرار هذا التفاوت في سرعة التطور سيشكل فجوة كبيرة بين مستوى الخدمة المتاحة ورضى المواطنين مما يعني تقديم خدمة لا ترقى لمستوى رضى المواطن، وهذه الملاحظة ليست مرتبطة فقط بمراقبة الأداء الحكومي، بل هي درس يجب أن يستفيد منه الجميع سواء كانوا نوابا أو أحزابا أومؤسسات رسمية، فالأردنيين لم يعد ينطوي عليهم الكلام بدون العمل وهم مستعدين لمحاسبة أي مقصر.

ضجر الأردنيون كان واضحا من أداء مؤسسات الحكم المحلي المتمثلة بالبلديات وأمانة عمان بالإضافة للجهات الحكومية كوزارة الأشغال والبلديات وشركات توزيع الكهرباء في المنخفض الجوي الأخير، وكان واضحا الدور الذي قامت به مؤسسة الجيش والأمن العام والدرك والدفاع المدني في فتح الطرق والوصول للمناطق المعزولة بطائرات الهيلكوبتر التي ألقت أكياسا من الخبز للمواطنين— على الهامش كانت بعض الشكاوي بأن لون الكيس أبيضا مما يعني صعوبة إيجاد الإبرة في كومة القش— مع العلم بأن فتح الطرق ليس مسؤولية الجيش، وفي أغلب دول العالم الجيش يتدخل في حالة الأزمات عند حصول كوارث طبيعية كزلازل وفيضانات التي تحتاج إلى كوادر منتظمة منظمة، بينما المنخفض الجوي الأخير لا يوصف بأنه كارثة طبيعية.

أكبر تخوف من شعور الأردنيين بعجز وضعف مؤسسات الدولة عن أداء واجبها هو تشكل قناعة بأنها أصبحت ضعيفة وعاجزة ولم تعد قادرة أن تقوم بواجبها وأن الأردني وجب عليه أن يفكر بسبل أخرى لتجاوز الأزمة. فالأردنيون هذه المرة قد قاموا باستئجار الجرافات لفتح الطرق ومن لم يستطع أن يستأجر جرافة تعاون مع أهل الحي لفتح الطريق، وفي النهاية كان هنالك شعور لدى الأردني بأن الدولة تخلت عنه في هذه الأوقات. أما المصيبة الأخرى فهي أن الحكومة ومؤسساتها ترى أنها قامت بواجباتها وزيادة بينما المواطن يطالب بالمزيد، فأصبحنا بحاجة لإعادة كتابة عقد الواجبات والحقوق بين مؤسسات الدولة والمواطن.

سعادة الناس واعتزازهم بدور المؤسسات العسكرية كالجيش والأمن عام والدرك والدفاع مدني في المنخفض الجوي الأخير يوازيه قلق وانزعاج من غياب المؤسسات الحكومية بإدارة الأزمة وإتمام واجباتها، وهذا أمر لا يجب أن يمر مرور الكرام مع جرعة تذمر وإجراءات شكلية، و لايجب أن يتم التعامل معه بإقالات ومحاسبات فحسب، بل يجب الإجابة على الأسئلة: “لماذا حصل ما حصل؟ وكيف نضمن أن لا يتكرر ما حصل؟”
“هل ما حصل من تقصير مرده بأن هنالك مشكلة إدارة لموارد الدولة وقت الأزمات؟ أم أن موارد الدولة لم تكن كافية لمواجهة أزمة كهذه؟ أم أن الدولة ليست دولة مستعدة لمواجهة الأزمات؟”

الأردنيون يستحقّون تقييماً صريحاً وواضحاً لما حدث.

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية