المال والأصل والوجه الحسن: مفاتيح اللجوء إلى الأردن

الإثنين 17 آذار 2014

رسميًا وشعبيًا، ليس كل اللاجئين سواء. فالحكومة الأردنية تفرق بين اللاجئين بحسب تأثيراتهم الاقتصادية والديموغرافية، لكن موقع عمون أبرز عاملًا  ثالثًا للتمايز بينهم قبل أيام: “الجمال الفائق”.

فقد أُغلقت حدود الأردن الشمالية أمام فلسطينيي سوريا قبل أشهر باعتبار أن استقبالهم “مقدمة لموجة تهجير أخرى الأمر الذي لا يخدم القضية الفلسطينية“، بتعبير عبد الله النسور. وبلغ التذمر من اللجوء السوري ذروته بعد أن انحسرت لدى الكثيرين غريزة إغاثة الملهوف، وألقت “الأعباء الاقتصادية” بثقلها على حياتهم، خاصة وأن السوريين -كالفلسطينيين- “يأتون بملابسهم“، ولا يأتون و”الدولارات في أكياس” بأيديهم.

كل ذلك مفهوم. لكن ما أثاره تصريح النائب حازم قشّوع حول فتح الأبواب للاجئين أوكرانيين من ردود فعل أخذ المفاضلة بين اللاجئين أو الوافدين إلى مستوى جديد. ففي تصريح غريب على أقل تقدير، أعلن قشوع رئيس لجنة الشؤون الخارجية “استعداد المملكة لاستقبال لاجئين أوكرانيين”، انطلاقًا من “مسؤولية الأردن في متابعة الأزمة الأوكرانية” بصفته رئيسًا حاليًا لمجلس الأمن الدولي، رغم عدم تلقي الأردن أي طلبات لجوء من هذا القبيل.

فكرة لجوء أوكرانيين وأوكرانيات إلى الأردن أطلقت في أذهان الأردنيين جميع الصور النمطية المتعلقة بنساء البلد المأزوم، باعتبارهن لا شيء سوى أجساد مغرية. فقد عمّت الشبكات الاجتماعية تعليقات ساخرة على الخبر، من باب أن موجة لجوء أوكرانية ستهدد العائلات الأردنية بـ”خراب الديار”، مع تلميحات -أو تصريحات- تربط الأوكرانيات بعاملات الجنس.

هذه التنميطات المهينة تُوّجت في “تقرير” نشرته عمّون الإخبارية “استطلعت” فيه آراء عدد من الأردنيات حول الاحتمالية التي لا توجد على الواقع سوى في رأس قشّوع.

التقرير طفح بالإشارات الجنسية التي ترسم تهافت الأردنيين على الزواج بالأوكرانيات أو مواعدتهن في حال لجأن إلى الأردن، (واختيار صورة التقرير واحدة من هذه الإشارات)، مقدمًا إياهن على أنهن مجرد أدوات جنس، وممررًا في الوقت ذاته صور شبيهة متعلقة باللاجئات السوريات، بلغة مسفّة ورديئة يبدو أنها تمثل فكرة الكاتب عن الفكاهة.

هذه الإهانات امتدت لتطال مجموعات أخرى من النساء، في خطاب ذكوري عنصري ومحتقِر للذات في الوقت نفسه. فقد ارتأت عمون نقل رأي نسبته لسيدة لم تعرّفها سوى بكنيتها تبدي فيه تخوفها بالقول إن “النسوة العربيات فتنن الأردنيين، فكيف بالأجنبيات والأوكرانيات اللواتي تظهر المياه السائلة في أجوافهن أثناء الشرب؟”.

وفي مقابل هذا الاقتباس -الذي يدفع للتساؤل حول ما إذا كانت السيدة المنسوب لها موجودة بالفعل أم أن رأيها مجرد نطق باستيهامات الكاتب حول الموضوع- تدخل سيدة باسم أول فقط لتطالب بعدم السماح بلجوء الأوكرانيات، بل باستقدام الصوماليات والإثيوبيات كي تظهر نساء الأردن “الأجمل والأروع في عيون الأردنيين”.

حتى لو كانت هذه الاقتباسات وغيرها مما بُني عليه التقرير صحيحة بالفعل، فإن إعطاءها المساحة لنفث عنصرية قميئة بلا أدنى مراجعة هو مسؤولية موقع عمون التامة. واختيار صناعة تقرير فحواه الصور النمطية والإهانات المنطلقة من تفوق أخلاقي (ذكوري) ما لا يمكن أن يبرَّر بنقل حديث الناس، خاصة عندما تُرتب المنصة لاستضافة كل ما يرشح ذكورية وعنصرية وإسفافًا (وللحصول على تعاريف لهذه الصفات، راجع/ي التعليقات على التقرير نفسه).

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية