برامج “البث المباشر”: من الماسورة المكسورة إلى الواسطة والشحدة

الأربعاء 14 أيار 2014

لكل إذاعة أردنية برنامج “بث مباشر” يقدمه نجم تُعرف المحطة باسمه، مثل محمد الوكيل، عصام العمري، محمد الحويان، ياسر النسور وغيرهم. لكن الساحة شهدت مؤخرا انسحابات لأبرز نجومها، تزامنت مع اتساع دائرة منتقدي برامج “البث المباشر” الإذاعية، ومنهم عاملون في الإعلام الحكومي الذي انطلق منه هذا النوع من البرامج الصباحية.

اتُهمت برامج “البث المباشر” الإذاعية بأنها مجرد برامج تنفيسية لا تصنع تغييرا جوهريا، تعتمد على اتصالات من مواطنين شاكين من مشاكل فردية وثانوية، مثل ماسورة مكسورة أو شارع غير مزفت. وإذا تمت متابعة الشكوى مع المسؤول المعني يكون الحل فرديا لصالح المتصل فقط.

مؤخراً بدأ هذا الاتجاه بالتغيّر، إذ جاء محمود الحويان عبر إذاعة جي بي سي ليقدم “صوت المواطن” في حلة جديدة، بعيدا عن تلقي شكاوى المواطنين التي تشكل مصدر إزعاج للمسؤولين. “صوت المواطن” هنا لم يعد قويا يطالب بحقه في خدمة جيدة ويُحمل الحكومة مسؤولية تراكم النفايات أمام منزله، بل أصبح ضعيفا وفقيرا يبحث عن فرصة عمل أو يستجدي دعما ماليا فيعطف عليه الحويان ويتوسط له في وظيفة أو صدقة.

في 12 أيار 2014 يتلقى برنامج “صوت المواطن” على إذاعة جي بي سي اتصالا من سيدة من الطفيلة تطلب وساطة محمود الحويان لتشغيل ابنها في الدفاع المدني، وتروي قصتها التي ينقلها الحويان في اتصال هاتفي مع مدير الدفاع المدني فريد الشرع.

الحويان: وين فريد بيك.

الشرع: أهلا عطوفة أبوسيف

الحويان: بالأمس شكرنا جهود الدفاع المدني في التحرك السريع لإطفاء حريق بناء الدوار السادس. واليوم قصدناك لمساعدة أردنية من الطفيلة لا معيل لها سوى ابنها الوحيد بين خمس بنات، عمره 17 سنة ولم يحصل على شهادة التوجيهي، وتريد تشغيله في الدفاع المدني.

الشرع: عمره 17 سنة يخالف أحد شروط التعيين في الدفاع المدني بأن يكون قد أتم 18 سنة. لكنني أعد بتشغيله حال إتمامه 18 سنة.

الحويان نقلا عن السيدة المتصلة: سيتم 18 سنة بعد ثلاثة شهور.

الشرع: هذا وعد مني بتشغيله في مديرية دفاع مدني الطفيلة حال إتمامه 18 سنة.

الحويان بعد إنهاء الاتصال وتقديم الشكر والإشادة للشرع: وإلى حين تشغيله الشرع تبرع بخمسين دينار شهريا.

وهكذا بوساطة أبوسيف (مقدم البرنامج في إذاعة جي بي سي) يعد مدير الدفاع المدني، على الهواء مباشرة، بتشغيل شاب من دون التنافس على الوظيفة، تقديم طلب عمل، مقابلة شخصية أو حتى التأكد من مطابقته لشروط المهنة في الدفاع المدني.

وهكذا بوساطة أبوسيف (مقدم البرنامج في إذاعة جي بي سي) يعد مدير الدفاع المدني، على الهواء مباشرة، بتشغيل شاب من دون التنافس على الوظيفة، تقديم طلب عمل، مقابلة شخصية أو حتى التأكد من مطابقته لشروط المهنة في الدفاع المدني.

ويتكرر مشهد الوساطة في اتصال آخر لم يقصد منه المتصل طلب الوساطة لكن الحويان جعله كذلك. يريد المتصل فقط توصيل فكرته لوزير الأوقاف بتشغيل خريجي تخصص اللغة العربية كأئمة في المساجد لكونهم يجيدون قراءة القرآن الكريم بلغة سليمة. الحويان يُعجب بالفكرة ويطلب من المتصل إرسال أسماء من يعرفهم من خريجي اللغة العربية ويودون العمل كأئمة. فيُجيب المتصل باستحياء أن أخاه من هؤلاء، لكن الحويان يشجعه ويؤكد أن لا عيب في أن يطلب الإنسان لنفسه. فيعود المتصل ليقول أنه يريد طرح الفكرة من أجل الجميع.

ويتيح الحويان من وقت البرنامج لمتصلين يستجدون دعما ماليا ويستمع لشكاويهم ويتأوه لبكائهم، ويعد عجوزا ضريرا يشكو المرض والفقر بأن يؤمن له منحة الحج، فيرد العجوز بأن معونة صندوق المعونة الوطنية لا تكفيه لدفع إيجار منزله المتراكم منذ شهرين. وينهي الحويان الاتصال بالطلب من منسق البرنامج تسجيل اسم العجوز في الدفتر الأخضر. لكن لم يتضح في هذه الحلقة ما هو “الدفتر الأخضر”.

يتلقى برنامج “صوت المواطن” بعض الاتصالات من مواطنين يشتكون من ماسورة مكسورة هنا وأزمة سير هناك. لكن الحويان يوجز الرد ويسارع في إنهاء المكالمات بوعود بمتابعتها من المعنيين، وهو ما لا يحصل على الأقل في ذات الحلقة.

مقتطفات من حلقة يوم 13 أيار

إحدى الشكاوي تنال اهتمام الحويان لكونها عن نفس موضوع الحلقة القادمة من برنامجه “الملف” على التلفزيون الأردني، عن الدروس الإضافية في المدارس الحكومية. يمتنع الحويان عن الإدلاء برأيه في القضية لأنه سيناقشها مع الوزير، ويطلب من المتصل الحضور مع جمهور الاستوديو التلفزيوني، لكن المتصل يعتذر لأن البرنامج يتزامن مع أوقات دوامه في العمل. فيصر الحويان طالبا منه مغادرة عمله قبل ساعة من نهاية الداوم.

وينتقد الحويان مظاهر اجتماعية مثل “البنطلونات الساحلة” وتسريحة الشعر “سبايكي”، ويتغنى بالماضي حيث كانت هذه المظاهر ممنوعة فـ”كان ينحط الكاز على الشعر فيحرقه حرقا” و”يقف المدير على باب المدرسة والعصا بيده ليعيد للبيت الطالب بزي أو تسريحة غير ملائمة”.

وبين اتصال وآخر، يلقي الحويان بقصائد شعر يحبها ويدندن أغنياته المفضلة التي يبثها البرنامج، ويقدم بعض الحكم عن “الأسفنة” التي يمارسها سياسيون “أغبياء يحيطون بالمسؤولين”. ويتنبأ بحروب ويكشف عن أسرار في السياسة الدولية، فيعلق مثلا على ربطات عنق وزير الخارجية الأمريكي ويتحدث عن وزير الدفاع الأمريكي الذي يدير الجيش من مكتبه في البنتاغون لكنه سيغادره قريبا لزيارة دولتين في المنطقة يرفض الحويان الكشف عنهما ويتنبأ بصيف ساخن في المنطقة.

والحويان الذي يحب الشعر يدعو إلى وقف “المهرجانات الغنائية حيث تعزف الدفوف وترقص الغواني ويأخذ “المطرم” شيكا خلف الكواليس”. ويتابع: “نقول للسياح العرب القادمين لحضور مهرجان جرش وغيره أن لا يأتوا”. ويختم بقصيدة شعر بدوية يعلق عليها بعبارة “ما ضيعنا غير نون النسوة”.

كل ذلك حدث خلال ثلاث ساعات هي مدة حلقة واحدة من برنامج واحد على إذاعة جي بي سي، والذي يتكرر صباح كل يوم.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية