سبع نساء مقهورات: شهادات على التوقيف الإداري بحجة الحماية من جرائم «الشرف»

الأحد 25 كانون الثاني 2015
women-detention-jordan

في سجن الجويدة، تقضي عشرات النساء أيامهن في المهاجع بعد توقيفهن إداريًا بحجة حمايتهن من جرائم «الشرف». فبالاستناد إلى قانون منع الجرائم في الأردن، يوقف الحكام الإداريون -أي المحافظون أو المتصرفون- في الأردن قرارات توقيف إداري بحق نساء يعتقد هؤلاء المحافظون أن حياتهن في خطر، في الغالب بتهديد من أحد أقاربهن على خلفية «الشرف»، رغم أن القانون نفسه لا يحدد ذلك كسبب مشروع للتوقيف الإداري.

 حين زار فريق حبر سجن الجويدة للنساء في أواخر تشرين الأول الماضي، كجزء من سلسلة تقارير نشرها وسينشرها حول انتهاكات لحقوق المرأة على خلفية «الشرف»، قابل سبع نساء موقوفات بحجة حمايتهن -بحضور إحدى مندوبات الأمن الوقائي في السجن- ونقل قصصهن.

أدناه شهادات هؤلاء النساء كما روينها لفريق حبر، مكتوبة على ألسنتهن بتحرير بسيط لضمان تسلسل النصوص. جميع المقابلات التي أجريت في السجن تمت دون تسجيل صوتي أو صور كما اشترطت إدارة السجن، وتنقل بأسماء مستعارة حفاظًا على خصوصية صاحباتها.

______________________________________________________________________________________________________

ندية – بهية، 37 سنة، إربد

أول ما عرفت إني حامل، سلّمت حالي.

كنت خايفة إخواني يقتلوني. ما كانوا عارفين، ما حدا من العيلة كان عارف. رحت على المخفر وهناك حوّلولني على المحافظ، والمحافظ وقّفني. هاد الحكي من أربع سنين. كانت أول مرة بتوَقّف.

ولا حدا من أهلي زارني أو اتصل فيي من يومها. طلبت أكثر من مرة أتواصل مع محافظ إربد. مرة ردّ وقال لي إنتِ عليكِ خوف. قلت له بطلع كفيلة نفسي، بس ما رضي إلا إذا بتكفلوني أهلي، وأنا ما بدي أطلع معهم.

في آخر حملي، طلّعوني على المستشفى، خلفت برّا ورجعت على السجن. والرعاية* أخذوا ابني.

كنت أشوفه مرة في الشهر لحد ما صار عمره سنة. بس قبل ثلاث سنين، قالوا لي إنه في ناس بدهم يتبنوه**. طلبوا مني أتنازل عنه وما تنازلت. بس أخذوه غصب عني. سألت مين اللي تبناه، ما قالولي. ومن يومها ما شفته.

* دار رعاية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية.

** رغم أن التبني غير قانوني في الأردن، إلا أن وزارة التنمية تمكن عبر مراكز الرعاية التابعة لها بعض العائلات البديلة من «احتضان» أطفال تلك المراكز بعد موافقة الوزير أو محكمة الأحداث.

______________________________________________________________________________________________________

سارة، 31 سنة، الرصيفة

أبوي زوّجني صغيرة، وأنا عمري 16 سنة. قبل خمس سنين اتطلقت. عندي بنتين، وحدة في صف ثالث ووحدة في الروضة، عايشين هسا مع أبوهم ومرته، وما بعرف عنهم إشي.

قبل ثلاث سنين، كنت مروحة من الشغل وكانت أزمة كثير، واحد وقّف لي بباص وقال لي اطلعي بوصلك. ووصلني وأعطاني رقمه وقال لي إذا بتحتاجي إشي رني لي. أنا ارتحت له، وهو وعدني بالزواج.

مرة كنت طالعة معه في الباص، وهجموا مجموعة علينا ووقفونا. كان معهم مواس. واحد منهم طلع من صحابه، كان ماخد رقمي من تلفونه وكان يتصل عليّ وأنا ما أرد. هجم عليّ بالموس وجرحني، وعملها غصبًا عني.

عندي بنتين وبدي أشوفهم. صار لي ثلاث شهور موقوفة مش شايفتهم.

 مشيت السيارة 10 دقايق بعدين وقفت عند كشك قهوة. كان في شباب واقفين هناك، فأشرت لهم إني بخطر. هم أخذوا رقم السيارة وبلغوا الشرطة، والشرطة إجت ووقفتنا وأخدتنا. هناك أنا حكيت كل اللي صار. اتصلوا في أهلي عشان ياخدوني، بس أهلي ما رضيوا. بتت في النظارة يومها، وبعدين طلّعوني أهلي.

من يوم ما اتطلقت صارت مشاكل مع أهلي. أبوي منعني اشتغل وسكر عليّ الباب. ما بده بناتي يعيشوا في بيته، وما بده يصرف علي وعليهم. طلعت من عنده سكنت أنا وبناتي، واشتغلت عشان أقدر أعيّشهم.

أبوي شكاني للمتصرف. حكيت لهم تعالوا شوفوني، من الشغل للبيت. بدي أشتغل وأصرف على بناتي. بس المتصرف ما أعطاني مجال أحكي. حكى لي يعني أبوكي كذاب؟

وقتها توقفت شهر ونصف. بعدين لقيت أبوي جاي، تكفّلني وقال لي جبتلك عريس. لما ما رضيت فيه، رجع اشتكى عليّ. ما شفت إلا الشرطة جايين علي، أخذوني على النظارة بعدين على المتصرف. وقتها المتصرف قال لي: هاي أبوكِ جايب لك عريس، شو بدك هسا؟ ورجّعني على الحبس. ما قعدت برّا غير أسبوع ونصف.

من يومها ما رجع حدا زارني، حتى تلفون ما بيردّوا عليّ.

أضربت عن الطعام 10 أيام عشان أطلع. بعثت استرحامات وما حدا رد. أنا عندي بنتين وبدي أشوفهم. صار لي ثلاث شهور موقوفة مش شايفتهم.

تعبت وصاروا ياخدوني على المستشفى. الدكتور حكى لي صار عندك بداية فشل كلوي والتهابات، فاضطريت أفك إضرابي.

إخواني عمره ما حدا فيهم آذاني، بس بيخافوا من أبوي، مع إنه عمره 75 سنة.

______________________________________________________________________________________________________

صفاء، 29 سنة، عمّان

صارلي 7 سنين متزوجة. عندي ولد عمره 6 سنين وبنت عمرها 4 سنين.

زوجني شافني مع حدا في البيت، وعرف إنه في بيني وبينه علاقة. اشتكى علي بتهمة الزنا وكان بده يحبسني. هو رجع أسقط عني الشكوى، بس المحافظ وقّفني. والشخص اللي كنت معه توقف إداري كمان.

صار لي موقوفة من ثلاث شهور. زوجي كان بده يتكفّلني ويطلّعني وأرجع عنده، بس أهلي ما بدهم. هم مش راح يآذوني، بس خايفين عليّ من أعمامي وولادهم.

أبوي وإمي بيجوا يزوروني، وببعتوا لي فلوس. أنا مش مقتنعة إنه في خطر عليّ. أهلي مش مقاطعينني وما في خوف عليّ منهم بس هم متضايقين مني، وخايفين حدا يتعرض لي. حكوا لي راح نخليكِ تقريبًا سنة لبين ما تهدا الأمور.

زوجي إجا زارني، وبتواصل معي باستمرار. بس ولادي ما شفتهم ولا مرة. أبوهم مش حابب يخلّيهم يشوفوني بهيك وضع.

هو بده يتكفّلني بأي لحظة، بس بستنى أهلي يوافقوا. قاللي إذا أبوكِ وقع تعهد إنه ما يأذيكِ أنا بتكفلك.

المحافظ ما تدخل. قال بتطلع بس تحلوها بينكم. بعثت له استرحام مرة، بس ما رد.

______________________________________________________________________________________________________

رنا، 24 سنة، الأغوار الجنوبية

بس خلّصت دراسة، بلشت الطوش مع أهلي. أنا كنت بدي أشتغل بس إخواني ما خلّوني.

مرّة مسكوا معي تلفون وتخانقوا معي. أخوي ضربني، فهربت من البيت.

غبت عن البيت أسبوع، وأهلي عمموا عليّ. الشرطة مسكتني في بيت شريكي، وودّوني عند متصرف الأغوار الجنوبية وهو وقّفني.

أنا حكيت للمتصرف إنه أخوي ضربني، بس هو ما اقتنع.

شريكي كمان توقّف إداري. إحنا بدنا نتزوج. أنا موافقة وأهلي وأهله موافقين، شريكي بعث لي أربع إقرارات عشان نتزوج*.

أهلي راحوا أكثر من مرة يتكفولني، بس المتصرف بيقول لهم خايف أطلّعها معكم تعملوا فيها إشي. بس أنا فش علي خوف من أهلي. بحكي معهم تلفونات، وبيجوني زيارات.

أهلي أكدوا لي إنه مش رح يصير عليّ إشي إذا بتزوج شريكي وبنطلع، بس المتصرف رافض الموضوع بدون تحديد سبب أو شرط. ببعث له في الأسبوع مرتين استرحامات وبعثت استعجال للمحكمة الشرعية عشان نكتب كتابنا وما في فايدة. صار لي سنة على هاد الحال.

* في بعض الحالات، يسهّل الحاكم الإداري زواج الموقوفة إداريًا حتى يتسنى للزوج تكفيلها وإخراجها من السجن، كبديل عن كفالة الأب.

______________________________________________________________________________________________________

حنان، دير علّا

عندي ولد، قرّب يوفّي السنة. أنا مش متزوجة.

لما حملت، أم شريكي حكت لأهلي، فسلمت حالي للمتصرف ووقّفني. بعدها بثلاث شهور، أخذوني على المستشفى، خلّفت ورجعت على السجن، وأخذوا الولد على الرعاية*.

بشوف ابني مرة كل شهر. هم بيجيبوا لي إياه. أنا كنت بدي أسميه محمد على اسم أبوه، بس الحكومة سمّته عبد الغني.

أبوي حاول يودّيني على دكتور يخليني أنزّل، بس أنا ما رضيت. كان يضربني ويحاول يعمل أشياء مش كويسة. كان بده يخليني أنام معه وأنا ما كنت أخليه.

أبوي كان يضربني ويحاول يعمل أشياء مش كويسة. 

من وعمري و18 سنة وهو بيعمل زي هيك. بيجي بيقول لي بوسيني، أبوسه على خده، بيقول لي لأ هان، ويأشّر على ثمه. هاد أبو هاد؟

حكيت لأمي بس ما قدرت تعمل إشي. أكثر من مرة حاولت أشتكي عليه. ومرة رنيت على الشرطة عشان أشتكي عليه وما ردوا. لما عرف أبوي طردني من الدار.

أهلي ما بيزوروني، وما حدا بتصل علي. آخر مرة حكيت مع أهلي قبل أربع شهور. إمي بتخاف تحكي معي لأنه أبوي برفض. هو ما بده يطلّعني وأنا ما بدي أطلع معه.

حكيت مع محامية عشان تبعث لي كتاب للمحكمة الشرعية وأكتب كتابي أنا وشريكي عند المحافظ**. بدي أطلع مع جوزي وابني.

* دار رعاية تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية.

** في بعض الحالات، يسهّل الحاكم الإداري زواج الموقوفة إداريًا حتى يتسنى للزوج تكفيلها وإخراجها من السجن، كبديل عن كفالة الأب.

______________________________________________________________________________________________________

سناء، 19 سنة، الرصيفة

أبوي كان بده يزوّجني ابن عمي، وأنا ما بدي إياه. كنت كاتبة كتابي وفلّيت من الدار قبل العرس بأسبوع.

أبوي عمّم علي. ضليت ثلاث أيام في الشارع، بعدين لقيوني. صار لي موقوفة هسا أربع سنين.

قبل هاي المرة، انسجنت في مركز الخنساء للأحداث سنة ونصف. كان عمري 16 لما طلعت. كنت هاربة من الدار وقتها كمان.

أبوي بعت تعهدات إنه ما بتعرض لي سبع مرات، بس أنا ما بدي أطلع معه. لو خالي يتكفلني بطلع معه بس أبوي مش موافق، ومحافظ الزرقاء بيقول ما بتطلعي إلا مع أبوكِ، مع إنه عارف إنه في علي خوف من أبوي.

مرة إجا خالي مع شيخ، وقال لي في واحد بده يتزوجك ويطلّعك، بس أبوي ما رضي.

إخواني كلهم صافين مع أبوي، ولا حدا فيهم اتصل فيي. وإمي منفصلة عن أبوي من لما كان عمري عشر سنين. بحكي مع إمي كل أسبوع، بس هي ما بتقدر تتكفلني.

أبوي زارني أول ما انسجنت بس. اتصلت معه وإجا عشان يتكفلني، وطلعت معه على النظارة بس قلت له بديش تتكفلني.

إمي خايفة عليّ بتحكي لي ديري بالك وما تطلعي معه.

______________________________________________________________________________________________________

رنين، 19 سنة، الأغوار الشمالية

كنت فالّة مع حبيبي 8 أيام. حبيبي برضه في السجن، وهو كمان عمره 19 سنة.

إمي وأبوي متوفين. كنت عايشة مع جوز إمي، وأخوه بلّغ عني والشرطة ووقفوني. صار لي تسع شهور هون.

أول ما مسكوني أخدوني على المخفر. الشرطي هناك حكى لي إنهم بدهم يودّوني على المأذون، عشان نكتب الكتاب أنا وحبيبي، بس ما ودّوني.

بعدها ودوني على متصرف الشونة. خلاني أوقع على أوراق ما بعرف شو فيهم، ما حكالي. بعدين ودّوني على إربد وهناك كمان وقعت على أوراق عند المحافظ. ما سألوني إشي، ولا حكوا لي إشي.

عندي ست أخوات وأخ عمره 16 سنة، كلهم عايشين مع جوز إمي. هو منيح بس مرته قوية. أختي الكبيرة راح تتزوج ابنه.

ما حدا منهم تواصل معي ولا زارني. ما بعرف إذا جوز إمي عرف إني توقفت، بس مفيش علي خوف، ما حدا راح يأذيني.

بس هسا ما في حدا يتكفلني ويطلّعني من السجن. من لما توقّفت ما بعرف شو صار برّا.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية