رأي | Opinion

يوم المرأة ليس مناسبة للتهنئة

الأحد 08 آذار 2015
international-women-day

بقلم تمارا كيلة

في عام 1914 دعت الشاعرة والروائية والفنانة البريطانية «مينا لوي» النساء إلى إجراء عمليات استئصال جراحية لأغشية بكارتهن لدى وصولهن سن البلوغ، كرمز لرفضهن ربط قيمتهن المجتمعية بسلامة هذا الغشاء، وفي نفس الوقت لتحريرهن من فكرة تسخير حياتهن وتفكيرهن ونشاطاتهن للحفاظ على هذا الغشاء كأنه أثمن ما يملكن.

قد تبدو دعوة «مينا لوي» متطرفة، بل قد يعتبرها البعض دعوة للفجور ونشر الرذيلة والفساد في المجتمعات، لكن إن تأنّينا قليلًا ولم نقفز لاستنتاجات سطحية تقليدية كالعادة، ولم نرفض الفكرة بتطرّف وثورة انفعالية تحت شعار الحفاظ على الشرف، بل حللنا تلك الدعوة، لربما وصلنا سويًا لدعوة أكثر عمقًا من دعوة «مينا لوي»، وهي استئصال الفكر المتخلّف الذي يسكن العقليات الذكورية تجاه أجساد النساء والرجال معًا.

لم أكتب اليوم لأهنئ سيدات وآنسات المجتمع بيوم المرأة العالمي، بل لأخز مؤخراتهن الكسولة عن اللحاق بركب الحرية.

تدخل وتخرج نساء كثيرات إلى ومن عيادتي كلّ يوم حاملات وجهًا من وجوه ظلم المجتمع لهن وظلمهن لأنفسهن قبل كلّ شيء، ولن أتوانى عن قول «جبنهن وجهلهن» في كثير من الأحيان.

فمِن تلك التي تعطّل ولدها الذي يبلغ الثانية عشرة من عمره عن مدرسته ليرافقها إلى موعدها في العيادة، كونه من غير المسموح لها الخروج من المنزل دون «ذكر» أيًا كان عمره أو درجة نضوجه، إلى تلك التي لا تتوانى عن الإقدام على أي عملية تجميل تجعلها مرغوبة من زوجها ولو على حساب إحساسها بجسدها ومتعتها الجنسية خوفًا من أن يتزوّج عليها، ودون أن تخشى على ضمور عقلها التدريجي عامًا وراء عام، إلى تلك التي تأتي بسريّة تامة لتسأل عن إن كان بالإمكان أن تتأكد من سلامة غشاء بكارتها بعد مداعبات من صديقها الذي ينوي الزواج منها يومًا ما، وإلى أخريات كثيرات في قائمة تطول يومًا بعد يوم، كما تطول قائمة قضايا المرأة الشائكة والقوانين المجحفة بحقها.

لم أكتب اليوم لأهنئ سيدات وآنسات المجتمع بيوم المرأة العالمي، بل لأخز مؤخراتهن الكسولة عن اللحاق بركب الحرية.

أريد يومًا ما أن أصبح أمًا، وأن أنجب طفلتي في مجتمع لا نسمع فيه عن فتاة تُزوّج لمُغتَصِبِها تحت رعاية القانون الرحيم، ولا أقرأ في جرائده خبرًا عن فتاة قتلها أخوها الطامع بإرثها تحت راية الشرف، ولا سيّدات يوجعهن ضميرهن على أبنائهن اللذين ولدوا من آباء أجانب ولا تعترف الدولة بحقهم في المواطنة.

أريد أن يكون لي الحقّ الكامل في الموافقة على إجراء عملية جراحية طارئة لأحد أولادي دون الاضطرار لاستدعاء أبيهم من الخارج للموافقة عليها أو استدعاء جدهم أو أحد أعمامهم أو في النهاية طلب موافقة المدّعي العام على ذلك، كأن هؤلاء جميعًا أكثر حرصًا وأكثر دراية مني بالخطر الذي يتهدد ولدي.

أريد فقط أن تختفي مسحة الحزن والخنوع عن وجوه مريضاتي.

أريد نساءً صحيحات العقل والقلب والروح، وهذا لن يتحقّق إن لم نكن مستعدات للتضحية بأنصاف الحيوات التي نحياها والأمن الزائف الذي نظن أننا نتمتع به.

كلّ 8 آذار وأنتن حرّات.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية