لماذا تمتلك أغلب المساعدات الرقمية صوتًا مؤنثًا؟‎

الخميس 12 آذار 2015
siri

(نشر هذا التقرير على موقه هايبرستيج في 11 آذار 2015).

نسمع صوتها يوميًا تقريبًا. كل على جهازه، سواء أكان ذكرًا أم أنثى. سواء أكان الجهاز آي فون أم أندرويد. تأتي المساعدات الرقمية  كـ «سيري» و«غوغل ناو» بصوت مؤنث بشكل افتراضي، حتى أن أول فندق بطاقم موظفين من الروبوتات، لم يتجاوز الأمر وكان صوت هذه الروبوتات مؤنثًا. تمتلك الكثير من شخصيات الذكاء الصناعي بصمة التأنيث في شخصيتها، لماذا؟

في أحد المقالات المميزة من livescience تخبرنا تانيا لويس عن هذا الهوس، وبعض محاولات فهمه.

يظن كارل فريدريك مكدورمان، عالم الحاسوب والخبير في التفاعل بين البشر والحاسوب، أن المسألة نمطية ولا يظن أن هناك إجابة واضحة عن السبب وراء هذه الظاهرة.

قد يكون أحد أسباب الشخصية الأنثوية التي تمنح لأنظمة الذكاء الاصطناعي أو للأندرويد (وهي روبوتات مصممة لتبدو وتتصرف كالبشر) هو أن هذه الآلات قد تميل لأداء مهمات تسند عادة للإناث. مثلًا، يتم تصميم الكثير من الروبوتات لتؤدي وظيفة العاملات في مجال الضيافة، المساعد الشخصي أو دليل متحف.

إضافة لذلك، فإن القسم الأكبر من المهندسين الذين يصممون هذه الأنظمة والروبوتات من الرجال، ويظن ماكدورمان أن الرجال يجدون السيدات أكثر جاذبية، كما أن السيدات لا تجدن مشكلة في التعامل مع سيدات أخريات.

صوت سيري

تمثل سيري أشهر الأمثلة التي نعرفها عن الذكاء الاصطناعي. يعني الاسم بالنرويجية «امرأة جميلة تقودك إلى النصر» وتتكلم سيري بصوت أنثى أمريكية تعرف باسم سامانثا. استحوذت آبل على سيري في 2010 من مؤسسة أبحاث SRI International غير الربحية. ويمكن الآن أن يختار المستخدم إما صوتًا مذكرًا أو مؤنثًا لسيري ويمكن ضبط الإعدادات لتتكلم بلغات مختلفة.

يدرس مكدورمان شخصيًا كيفية تفاعل الرجال والسيدات مع أصوات الجنسين. في إحدى الدراسات، شغّل وزملاؤه مقاطع صوتية لإناث وذكور، وأعطي المتطوعون في الدراسة استبيانًا عن أي الصوتين كان الأفضل بالنسبة لهم. ثم أعطى الباحثون المتطوعين اختبارًا لقياس درجة الاقتناع بخيارهم. قال الرجال في الدراسة أنهم فضلوا أصوات السيدات على أصوات الرجال، فيما قالت السيدات أنهن يفضلن الأصوات المؤنثة ضمنيًا أكثر من الأصوات الذكورية بشكل أكبر مما ذكروا في الاستبيان.

يظن مكدورمان أن الرجال يخجلون من البوح بتفضيلهم الرجال وفقًا للعادات والتقاليد المجتمعية المعاصرة، لكن السيدات لا تخجلن تفضيل السيدات.

ثورة النساء الآليات

هل تمتد صيحة الشخصيات المؤنثة إلى الروبوتات أيضًا؟

عندما نتحدث عن الأصوات فإن احتمالات استخدام الأصوات المؤنثة أعلى من استخدام الأصوات الذكورية بنسبة واضحة، لكن عندما نحاول أن نبني روبوتًا بشريًا بالكامل، يكون ذكوريًا بشكل دائم تقريبًا.

وحتى عندما تكون الروبوتات الشبيهة بالبشر مؤنثة، تميل لتكون مصمة بشكل أنثى شابة وجذابة.

تقول كاثلين ريتشاردسن، الباحثة في مجال علم الإنسان في كلية لندن الجامعية، وناشرة كتاب «دراسة إنسانية للروبوتات والذكاء الاصطناعي»: «عندما يأتي الأمر لتلك الأصوات التي لا تصدر من أجساد بشرية، تكون فرص كونها أصوات مؤثنة أعلى قليلًا من كونها مذكرة. لكن عندما يأتي الأمر لصناعة روبوتات تشبه البشر في أجسادها، يقع الخيار غالبًا على الجسد والشكل الذكري».

مثلًا، صمم مهندس الروبوتات الياباني هيروشي إيشيغورو من جامعة أوساكا بعض أشهر الروبوتات الشبيهة بالبشر في العالم مثل Repliee R1، الذي صممه ليشابه ابنته التي كان عمرها في لك الحين 5 أعوام. طور هذا المهندس أيضًا روبوت Repliee Q1Expo، والذي صم ليشبه أياكو فوجي وهي مذيعة أخبارية في وكالة الأنباء اليابانية. كما أنه صمم نسخة روبوتية عن نفسه أيضًا تميزت بواقعية مخيفة.

طور إشيغورو مؤخرًا سلسة من الروبوتات باسم «Actroids» قامت بتصنيعها شركة كوكورو، ليتم تشغيلها في أول فندق يتألف طاقمه بالكامل من الروبوتات في العالم. ستتولى هذه الروبوتات التي ستأخذ شكل شابات يابانيات كموظفات استقبال، نادلات، وعاملات تنظيف.

يأخذ الذكاء الصناعي شخصية أنثوية في الخيال العلمي أيضًا. مثلًا في فيلم «Her» الشهير والذي كان لآراء النقاد الكثير لتناقشه حوله، نرى في الفيلم نظام ذكاء صناعي (باسم سامانثا أيضًا) أدت دورها الممثلة سكارليت جوهانسون. وانتهى الأمر بمشغلها البشري أن وقع في حبها.

نضيف هنا أن مكبر الصوت الذكي الجديد من أمازون، والذي يحمل اسم أمازون إيكو لا يتم تفعيله إلا بمناداة الشخصية الأنثوية وراءه أليكسا.

ما الذي تعكسه هذه العادة في تصميم روبوتات جذابة، كاملة بشخصيات أنثوية عن المجتمع؟

تظن ريتشاردسن أن هذا قد يعكس ما يظنه بعض الرجال عن السيدات: أنهن لسن مخلوقات بشرية بالكامل، يستنسخون ما يرونه من الصفات الضروري توافرها، ولا يعطون روبوتاتهم الصفة الذكورية إلا عندما تكون على درجات أعلى من التعقيد.

تتابع، قد يكون أحد الأسباب الأخرى هو أن الأنوثة توحي بخطورة أقل وتعطي انطباعًا بالثقة أكثر من الذكورة. يمكن أن نلاحظ ذلك بشكل أكبر في الروبوتات التي تعطى شخصية طفولية. تعطي هوليوود وفقًا لريتشاردسن في تصورها للروبوتات في أفلام مثل The Terminator أو The Matrix صورة مخيفة للروبوتات الذكورية. لكننا إذا صممنا الروبوتات بشخصية طفولية فسيتعامل معها المستخدمون بأريحية أكبر.

من جهة أخرى يتحدث براندون غريغز من CNN عن نفس الموضوع وببعض التفاسير الإضافية. من الواضح أن لا إجابة واضحة للموضوع وكل الإجابات تأتي من باب التخمين.

الفكرة الجديدة التي يطرحها براندون أن الموضوع يعود للحرب العالمية الثانية، عندما كانت أصوات السيدات مستخدمة في مجال المعلومات لتمييزها عن أصوات الطيارين الذكور الآخرين. كان أغلب العاملين على مقاسم الهواتف في تلك الفترة من السيدات أيضًا. ماجعل المجتمعات المتتالية تعتاد أكثر على الصوت الأنثوي في هذا المجال.

سلبية الموضوع إن أردنا مناقشتها في هذا الباب لا يمكن أن نعيدها للشركات مباشرة. حاولت آبل مثلًا إعطاء خيار صوت ذكوري لسيري، مع أن اسمها بقي أنثويًا ومن النادر أن نجد مستخدمًا أو مستخدمة حولوا صوت سيري إلى ذكوري. الفكرة هنا أن أغلب هذه الشركات تقوم ببعض دراسات وأبحاث السوق قبل طرح المنتجات، وتظهر الأبحاث تفضيل الصوت الأنثوي بأغلبية ساحقة. التمييز الجنسي هنا يأتي من المجتمع بشكل أساسي ربما.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية