موسيقى فاغنر بين أيديولوجيته ورومانسيته

السبت 23 أيار 2015
Wagner

هناك مؤلفٌ موسيقيٌ وحيدٌ في العالم يحرض على التنافر بين الشعوب بتبجيل وتقديس، وبتملق يدفع كثيرين إلى الشك، كما يفعل الموسيقي الألماني ريتشارد فاغنر، صاحب بعض أشهر المؤلفات الأوبرالية، والذي وجد أن طموحه أكبر من أن تطلق على أعماله اسم «مؤلفات أوبرالية»، فسماها «الدراما الموسيقية».

وُلد فاغنر في ألمانيا في العام 1813 وتوفي في إيطاليا في العام 1883. كان فاغنر موسيقيًا نزقًا، يمزج بين أيديولوجيته وموسيقاه، مؤسسًا ما عُرف لاحقَا بالمدرسة الفاغنرية. وإلى جانب هذه الشخصية العدائية والنزقة، كان يحمل جانبًا آخرًا رومانسيًا ومحبًا للمغامرات النسائية.

 في العام 1870، بدأ فاغنر بتأليف الجزء الأول من سلسلة من أربعة مجلدات ضخمة حملت كلها عنوان «حياتي» وتوقيع ريتشارد فاغنر. وقد تواصل نشر بقية الأجزاء حتى العام 1874،  سرد فيها حياته ومغامراته وأفكاره، وتحدث عن تفاصيل علاقته بنساءٍ وأدباءٍ ومفكرين.

وبعد سنوات من الأزمات بلا توقف والمنفى والمشاكل المالية والصراعات الموسيقية والسياسية المريرة، استقر فاغنر في سويسرا في العام 1870 وتزوج كوزيما، وحصل على قدرٍ من السلام والرضا، ودعم شعوره هذا عدد متزايد من الاتباع والإمداد المستمر من الملك لودفيج.

عُرف عن فاغنر أنه كان من الموسيقيين المفضلين لدى أدولف هتلر، بل أن هتلر لطالما أبدى إعجابه بموسيقى فاغنر واصفًا إياها بـ «بالملهمة». من جهته، لم ينفِ فاغنر يومًا كرهه لليهود ولم يخفِ عداءه لهم، بل كان من أشد المعادين للسامية، وممن ساهموا في توسيع القاعدة الثقافية لمعادي السامية في ألمانيا في عصره.

وعلى الرغم من أنه لم يؤلف أوبريتًا بمحتوى معادٍ لليهود، كما يقول يتز فيشر، لكن مواقفه تنعكس في خصال بعض شخصيات أعماله الأوبرالية. ويلفت إلى أن شخصية «ميمه» مثلا في أوبرا«خاتم النيبلونغن» تتضمن قوالب نمطية عن اليهودية بشكل متستر، مؤكدًا أن «معاصري فاغنر كانوا قد فهموا تلك الشفرة المعادية للسامية في الأدوار التي رسمها فاغنر لشخصياته».

وعلى الرغم من أن حياة فاغنر السياسية والاجتماعية ظلّت مثار جدل حتى اليوم، إلا أن ذلك لم يؤثر عليه كمؤلف موسيقي استطاع أن يؤسس مدرسة خاصة به، ويؤلف أعمالًا طليعيةً حتى اليوم.

يحتفل العالم هذا العام بالعيد 202 لمولد فاغنر الذي صادف أمس، الثاني والعشرين من أيار. اخترنا لكم في حبر قائمة موسيقية تضم بعض أبرز الأعمال الأوبرالية ألفها فاغنر عبر مسيرته الموسيقية.

أوبرا «الهولندي الطائر» كتبها فاغنر في العام 1843 بعد رحلة عائلية إلى باريس على متن سفينة تخللتها عاصفة قوية. وهي رواية من الفلكلور تتحدث عن سفينة أشباح، كُتب عليها أن تبحر إلى الأبد في المحيطات من دون أن تعود لترسو من جديد في مرساها. يعتبر ظهورها علامة شؤم للبحارة ونذير بكارثة وشيكة. عادة تظهر للعيان عن بعد، وإذا حاول أحد الاقتراب منها، يحاول أعضاء طاقمها أن يرسلوا معه رسائل لناس آخرين على اليابسة، يتبين في ما بعد أنهم ماتوا منذ زمن.

أوبرا بارسيفال دراما موسيقية من ثلاثة فصول ألفها فاغنر في العام 1857، تروي قصة الكأس المقدسة، تلك الكأس التي انسكب فيها دم المسيح من جنبه فوق الصليب وكان مباركًا.

أوبرا رينزي وهى ثالث أوبرا يؤلفها فاغنر، وهي من خمسة فصول وقدمها فاغنر لأول مرة فى درسدرن عام 1842. هي إحدى أساطير القرن الرابع عشر في روما، وتدور قصتها حول رينزي الذي مات في الكابيتول في روما وكان ضحية المؤامرة التي دبرها أعوان النبلاء أورسيني و كولونا، وقد تخلى عنه رجال الدين في الوقت الذي كان فيه مهددًا من الثوار. وكانت تلك الأوبرا بحق بداية تعرّف الجمهور والنقاد على موهبة فاغنر الموسيقية ومكانته المتوقعة. كما كشفت عن طابع درامي جديد بدأ يظهر في أوبراه.

 أوبرا  تريستان وايزولد دراما موسيقية من ثلاثة فصول قُدمت لأول مرة في ميونخ عام 1865. ويُقال أن تأليف هذا العمل يرجع إلى ماتيلدا الجميلة، زوجة التاجر أوتو فيسيندونك، الذي تعرف عليه فاغنر أثناء إقامته في زيورخ عام 1852، وكانت هي في الثالثة والعشرين، وأحبته وأحبها وتأثرت بشخصيته الساحرة وأقاما علاقة غير شرعية. ألّف لها فاغنر مجموعة من القصائد، وهي الاغاني المعروفة اليوم بأغاني فيسيندونك خلال عام 1857-1858، ووزع لها أغنية «أحلامي» للكمان والأوركسترا، وهو العمل الوحيد للكمان له، بل واعتبرها أهم من «تريستان وايزوالد» نفسها.

Richard Wagner: Tristan und Isolde from ΜΙΤSARAS //grafos on Vimeo.

للمزيد من أعمال فاغنر

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية