أطلال المدارس السورية: خريطة بالمدارس السورية المتضررة والمدمّرة

أطلال المدارس السورية: خريطة بالمدارس السورية المتضررة والمدمّرة

الأربعاء 17 حزيران 2015

بقلم جوزف آدمز، ترجمة تقوى مساعدة

 (نشر هذا التحقيق بالإنجليزية على موقع Syria Direct في 28 أيار).

واحدة من كل خمس مدارس سورية تضررت أو دُمّرت أو تم تحويلها لملجأ للعائلات النازحة.

بين مدارس باتت تُستخدم كقواعد للمعارضين، ومدارس تم قصفها جويًا في هجمات براميل النظام، فإن هنالك أكثر من أربع آلاف مدرسة في سورية مهجورة، أو متصدعة، أو مدمرة، مما يحرم حوالي 2,6 مليون طفلًا من الالتحاق بالمدرسة، أي ما يمثّل ثلث أطفال سوريا.1

وينتهي الأمر ببعض الأطفال كلاجئين أو جنود بعد أن تُقصف مدارسهم، أما البعض الآخر فإنهم يتلقون لحسن الحظ تعليمًا غير رسمي، على أيدي متطوعين يدرسّون الأطفال في بيوتهم.

لا يحترم أي طرفٍ في هذه الحرب قداسة المدارس في سوريا. ولكن الأرقام تشير إلى أن النظام السوري هو من يشن أكثر الهجمات تدميرًا ودموية على مدارس الأطفال.

في هذا التقرير ذي الثلاثة أجزاء، يستقصي مشروع «أوبن سيريا» الدمار الذي لحق بالنظام التعليمي السوري، بدءًا بتحديد مواقع 22 مدرسة متضررة ومدمرة في حلب ودمشق، والتي قُصفت بين كانون الثاني 2014، وأيار 2015، كما تظهر في فيديوهات وصور فوتوغرافية وصور أقمار صناعية مفتوحة المصدر.

وفي جزئه الثاني، التقرير تفجير مدرستيّ سعد الأنصاري وروضة الرجاء في الثاني عشر من نيسان والثالث من أيار في حلب هذا العام. كما نروي قصة التعليم غير الرسمي، والمدارس السرية  في حلب: ماذا يفعل الأطفال بعد إغلاق المدارس؟ وإن كانوا محظوظين بما يكفي ليتعلموا مجددًا، فأين يتعلمون؟

أخيرًا، سنعاين مقاطع فيديو متوفرة كمصادر مفتوحة وصورًا للتأكد من موقع الهجوم ومن الذخائر ومن القوى المهاجِمة التي يعتقد أنها هاجمت مدرسة سعد الأنصاري في الثاني عشر من نيسان.2

أولًا: خريطة بالمدارس المتضررة والمدمرة في سوريا

في «أوبن سيريا» لا نسجّل على خريطتنا التفاعلية إلا الهجومات التي نعرف مواقعها بالتحديد. ولتحديد إحداثيات المدارس المتضررة أو المدمرة التي يصعب الوصول إلى عناوينها وبيانات الاتصال معها ميدانيًا، فقد قمنا بتنقية صور أقمار صناعية للمدن والضواحي والقرى السورية لتتم مطابقتها مع مقاطع فيديو وصور للمدارس التي تعرضت للقصف.

حددنا موقع 22 مدرسة مدمرة في حلب ودمشق تعرضت للقصف في الفترة ما بين كانون الثاني من سنة 2014 وحتى شهر أيار من سنة 2015، كما هو مسجّل في مقاطع الفيديو المتوفرة كمصادر مفتوحة، والصور الفوتوغرافية وصور الأقمار الصناعية.

وتحققنا من الوسائط الإعلامية التي وثقت كل اعتداء مُسجّل، كما قدمنا ترميزًا لونيًا لدرجة الدمار، يتراوح بين «معتدل» إلى «شديد» إلى «مدمرة بالكامل».

ومن بين الاثنين وعشرين هجومًا التي تعرضت لها مدارس الأطفال في كل من حلب ودمشق، فلقد توصل «أوبن سيريا» إلى أن سلاح الجو والمدفعية السوري مسؤولٌ عن كل المدارس التي قُيّمت على أنها «مدمرة بالكامل»، بالإضافة إلى قرابة 60% من الهجمات التي أدت إلى مقتل خمسة أشخاص أو أكثر.

الخريطة المبينة أدناه، والتي تظهر بشكل أفضل على متصفّح كروم، تبين مواقع المدارس المتضررة والمدمرة في سوريا، كما أنها تروي قصص ثلاث مدارس في حلب ودمشق، قُتل فيها عشرات الأطفال. نرحّب بأي معلومات إضافية أو تصويب، على أن تُقدّم معه البيانات الدقيقة لموقع الهجوم.

تحذير: الصور في هذه الخريطة، وبقية هذا التقرير مثيرة للانزعاج. لعرض الخريطة (ولمشاركتها) باستخدام نسخة الشاشة الكاملة، اضغط/ي هنا.

اضغط على أيقونة المعلومات «i»  لتعرف أكثر عن الخريطة التفاعلية، ثم اضغط على أي من النقاط المرمزة لونيًا لتعرف أكثر عن الهجوم الذي تمثله. اضغط/ي على «وسائط إضافية»  للوصول إلى مقاطع فيديو وصور الهجوم التي تم التحقق من صحتها، ولرؤية الهجمات على المدارس في ريف حلب أو في جنوب دمشق، فاختر/اختاري خيار الابتعاد عن الصورة واسحب/ي الخريطة إلى المكان الذي تريد/ين أن تنظر/ي إليه عن قرب. بحث «أوبن سيريا» أيضًا في تفجير ثلاث مدارس في حلب ودمشق، وتم ترتيبه بحسب معيار تقييم الدمار ذي الدرجات الثلاث. اضغط/ي أو اسحب/ي المؤشر على شريط الخريطة السفلي الخاص بكل مدرسة، ولقراءة قصة المدرسة، اضغط/ي على أيقونة المعلومات «i»  في الزاوية اليمنى العلوية. [ لم يستطع حبر ترجمة المعلومات على الخريطة مباشرة نظرًا لتضمينها في المساحة التفاعلية]

ثانيًا: تدمير مدرسة سعد الأنصاري وروضة الرجاء، روايات شهود عيان

سعد الأنصاري الموقع: مدرسة سعد الأنصاري، حي الأنصاري، حلب 36°10’45.65″N,  37° 7’56.89″E :الإحداثيات

12 نيسان 2015، الساعة 11:20 صباحًا، أنهت المعلمتان في مدرسة سعد الأنصاري بيان فلاجة وعلياء حج حسن حصصهما الصباحية. جلستا تتحدثان في غرفة المعلمات الصغيرة، التي تطل نافذتها على ساحة المدرسة. المعلمتان فاطمة الجمعة وهديل محمد سعد، تقفان قرب نافذة غرفة المعلمات، بينما معلمات أخريات يتمشين في الأنحاء.

أفاد أحد شهود العيان بأن طائرة مروحية -أو طائرة نفاثة تحمل الصواريخ- قصفت عمارة سكنية غير مكتملة تقع شرق المدرسة. ثم تفكك الصاروخ، إلا أن أجزاءه -رأس حربي غير منفجر وقطع من هيكله الخارجي- تابعت باتجاه مدرسة سعد الأنصاري، ودمّرت المبنى السكني الفارغ وضربت الزاوية الشرقية لسور ساحة المدرسة مُزيحة إياها بحوالي 25 مترًا نحو الجنوب الغربي.

وهناك انفجر الرأس الحربي، وأخذت كُتلٌ من الرماد بحجم الطوب تتطاير من الجدار المصدوع نحو ساحة المدرسة، وتتطاير معها شظايا من الصاروخ، واخترقت هذه الشظايا مبنى المدرسة.

انقطع رأس كلٍّ من بيان وعلياء مباشرة بسبب اختراق الشظايا المعدنية لجدران ونوافذ غرفة المعلمات، والواقعة على بعد 37 مترًا جنوب غرب مكان انفجار الصاروخ عند الزاوية الشرقية لسور المدرسة.

شظايا الزجاج والصاروخ اخترقت جسديّ فاطمة وهديل، فماتتا وسقطتا عند أقدام بيان وعلياء.

وبحسب تصوير المسعفين فقد ظهرت بيان وعلياء وهما ما تزالن جالستان، رؤوسهن مقطوعة، ومغطيات من رأسهن حتى أخمص أقدامهن بالإسمنت المسحوق، أما فاطمة وهديل فعلى الأرض قرب النافذة.

يصيح المسعفون: «أكياس جثث، أكياس جثث!»

تحذير: المشاهد في الفيديو التالي مثيرة للانزعاج.

المسعفون يضعون بيان وعلياء وفاطمة وهديل في أكياس الجثث، ويعملون بسرعة لأن المدرسة قد تتعرض للقصف مرة أخرى. المصدر: نظام الأسد يرتكب مجزرة في حلب، الأنصاري.

school_2صور ما بعد الهجوم تسجّل مشهد الأشلاء الناجمة عن الشظايا التي اخترقت جدران غرفة المعلمات، لتردي كلّ من فيها قتلى. قطع المعدن حفرت ثقوبًا في الجدار الإسمنتي الذي كانت تجلس أو تقف أمامه كل من بيان وعلياء وفاطمة وهديل. المصدر: النظام يرتكب مجزرة عبر قصف مدرسة الأنصاري بحلب، أخبار أورينت، متوفر كفيديو على يوتيوب.

وفي الوقت الذي تطايرت فيه القطع المعدنية في غرفة المعلمات، تطايرت قطع من الهيكل الخارجي للصاروخ على ساحة المدرسة، لتقطع رأس عثمان محمد أمين وهو أحد طلبة المدرسة، حيث سقط على الدرجات المفضية إلى مدخل المدرسة الرأسي حيث تصفى دمه من جسده هناك.

عبدالله جزماتي انقطعت ساقه التي اخترقتها شظية بينما كان يركض باتجاه الصف، أما الحديد والإسمنت وشظايا الزجاج المتطاير قتلت ثلاثة طلاب آخرين هم محمود أبو بكر وعبد الرحمن نصف رطل وعبد العزيز أمين.

محمود وعبد الرحمن مصابان في أحشائهما، أما عبد العزيز وهو طالب في الصف الأول فقد أصيب في صدره، وتوفّي لاحقًا في مستشفى في تركيا.

السور المحيط بالمدرسة مدمّر جزئيًا،غرفة المعلمات مملوءة بالجثث الأربع، مدمّرة ومغطّاة بالركام. غرفة صفية أخرى مدمرة، زجاجها مكسّر، يتناثر فيها غبار الإسمنت والدم متروكٌ في الداخل.

الغراس الموقع: روضة الغراس، حيّ سيف الدولة، حلب 36°11’1.19″N, 37° 7’54.24″E :الإحداثيات

3 أيار 2015: كان الأطفال في روضة الغراس يقرأون دعاء الصباح ، وكان أطفال مدرسة الرجاء (وهي مدرسة من حي آخر) يتقدمون لامتحان في غرفة أخرى.

قالت إحدى معلمة روضة الغراس لـ«أوبن سيريا»: «سمعنا المروحية تحوم فوقنا، حاولت أن أجعل طلابي يضحكون، أن أفعل أي شي لأشتت انتباههم، فأنا لم أتخيل مطلقًا أن يقصفوا روضة أطفال».

بعد ذلك بثوانٍ سقط برميل متفجر على المدرسة.

تابعت المعلمة: «في تلك اللحظة فقدت الإحساس تمامًا، كل شيء في الغرفة طار. أذكر التراب على وجهي، وأذكر عندما مسحت وجهي فرأيت الدم يغطي الغرفة».

school_3النظام يقصف بالبراميل المتفجرة روضة أطفال الغراس، في حي سيف الدولة،. مشروع خدمات البحوث الإنسانية، مشروعٌ شريكٌ لـ «أوبن سيريا»، والمشروع خدمة استشارية تعمل من عمان، وتختص بجمع المعلومات عن بعد، بالحصول على إحداثيات المدرسة والصور بعد القصف. المصدر: HRS (خدمات البحوث الإنسانية).

قُتل ستة عشر طفلًا في هجوم بالبراميل المتفجرة على روضة الغراس، وتم سحب الضحية الأخيرة، وهي طفلة صغيرة من تحت الركام بعد مرور أربعة عشر يومًا.

عمار السلمو، مدير قوات الدفاع المدني في حلب، يقول «كنا نعلم أنها مفقودة، مرت عدة أيام دون أن نتمكن من إيجادها، حتى قادتنا رائحةٌ إلى زاوية يصعب الوصول إليها تحت الركام … كان جسدها مطويًا على نفسه تحت الإسمنت المهشّم».

المحصّلة

يدير أحمد عتّال، أستاذ الرياضيات واللغة الإنجليزية، مؤسسة ارتقاء، التي تدارُ من حلب وتعمل على تدريب المعلمين. وتدير المؤسسة سبع مدارس في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضين بما في ذلك مدرسة سعد الأنصاري.

قال العتال لـ «أوبن سيريا»: «قمنا بإغلاق مدرسة سعد الأنصاري بعد أن قُصفت، إلا أن الأطفال الذين كانوا يدرسون فيها، ظلوا يأتون إليّ ويسألونني متى سيعودون للدراسة .. كنت عاجزًا عن التصديق، كنت أقول لنفسي: معقول يا ولد؟! لقد قصُفت مدرستك للتو!».

كان في مدرسة سعد الأنصاري 41 معلمًا، يدرسّون 596 طالبًا من الصف الأول وحتى الثاني العشر، المدرسة كانت واحدة من أكبر مدارس حلب، أما الآن فهي مغلقة الأبواب أمامهم.

وأوضح العتال «ما كان بإمكاننا أن نغامر بإرسال الطلبة إلى مدرسة سعد الأنصاري، ولهذا جهزنا مكانًا آخر .. فعليًا، هي شقة أحدهم، جهزناها لنعقد فيها الامتحانات النهائية».

بذل العتال وفريقه كل ما بوسعهم حتى يتمكن الطلبة الناجون من مدرسة سعد الأنصاري أن ينهوا سنتهم الدراسية دون تأخير، حيث قاموا بتكثيف المنهاج وأعدوا الطلبة للدروس والامتحانات الأكثر أهمية.

«ثم اجتمعنا لنلصق الإعلانات على أعمدة النور، وفي المساجد والحدائق، حتى يعرف الجميع عن عقد الامتحانات النهائية، وعندما جاء للامتحان حوالي 80 بالمئة من طلبة سعد الأنصاري، غمرنا شعورٌ هائل».

إلا أن صفوف «الارتقاء» التي تُعقد في غرف المعيشة هي، بطبيعة الحال، الاستثناء لا القاعدة. تحصل مؤسسة الارتقاء على التمويل لتدفع الإيجارات والرواتب من المنظمات الإغاثية، حتى أن أقارب العتال يساعدون ويعطون المؤسسة مبالغ صغيرة من المال كل شهر.

يوجد في حلب مئة وثلاثون مدرسة غير رسمية، يفتقر 60% منها إلى الدعم، ولحسن حظ هذه المدارس فإنها تستلم 50 دولارًا في الشهر. الأساتذة متطوعون بلا راتب، وقد لا يأتون دائمًا إلى الحصص، ويدرسون بينما النوافذ مغلقة، محتمين من الضوء، وربما من الجواسيس أيضًا.

ويضيف العتال «أغلب المدارس غير الرسمية في حلب متصلة بمؤسستنا بطريقة أو بأخرى، أما تلك غير المتصلة بنا، فإنهم يدرسون ما يريدون عندما يمكنهم ذلك». ويتابع «هذا هو حال التعليم الآن في حلب.. شبكة من الصفوف في غرف الجلوس في الشقق والمساجد والتسويات، ويأمل المعلمون والآباء أن يحمي التعليم السري أرواح أبنائهم».

«بعد مذبحة مدرسة سعد الأنصاري، هدمت روضة الغراس،  في حي سيف الدولة المجاور في الثالث من أيار»، يقول العتال. «لقد أغلقنا كل مدارسنا في حلب بعد ذلك».

ثالثًا: الاستقصاء، من قصف مدرسة سعد الأنصاري؟

الموقع الجغرافي لمكان الهجوم

حدد «أوبن سيريا» الموقع الجغرافي لمدرسة سعد الأنصاري باستخدام صور الأقمار الصناعية، وكان الموقع المحدد على بعد 3.3 كيلو متر جنوبي غرب قلعة حلب، وطابقنا صور الدمار الفعلي ومعالم الشوارع والمدينة.

لتحديد موقع مدرسة سعد الأنصاري، اعتمد «أوبن سيريا» على صور لما بعد الهجوم، وفي مقطع فيديو تم رفعه على يوتيوب يوم 12 من نيسان 2015، أي في نفس اليوم الذي وقع فيه الهجوم، نلاحظ (1) شارعًا متعرجًا (2) بوابة خارجية سوداء، (3) ، برجان لكل منهما ثلاث نوافذ (4) ساحة مدرسة مثلثة الشكل محاطة بسور، والساحة مملوءة بهياكل مرمى كرة القدم وحلقات كرة السلة، (5) جدار ساحة مدرسة باللون البني الفاتح، تتسع الساحة قليلًا من ثمّ تميل باتجاه الجنوب الغربي، وتواجه زاويتها الشرقية زقاقًا يمرّ من بين صفوف لمباني شقق غير مكتملة، كل هذه الملامح متوفرة في صورة الأقمار الصناعية عند الإحداثيات 36°10’45.65«N, 37° 7’56.89«E.

school_4يظهر شارع متعرّج، مدرسة ببوابة سوداء، برجان لكل منهما ثلاث نوافذ، ساحة مدرس جدارها باللون البني الفاتح، تبدأ واسعة ثم تضيق، قبل الوصول إلى زاوية من صف من الشقق غير الجاهزة يتجه باتجاه الشرق، هذه الملامح الخمسة تتطابق عند هذا الحد مع صور الأقمار الصناعية. المصدر: وكالة سمارت للأنباء، ديجيتال غلوب، والكاتب.

تقييم الدمار

يقدّر «أوبن سيريا» الدمار في مدرسة سعد الأنصاري الظاهرة في الصور المعروضة، متركزًا في الزاوية الشرقية من الجدار المحيط بساحة المدرسة ضمن عشرة أمتار تقع في الاحداثيات 36°10’45. 80″N, 37° 7’58.61″E.

school_5لا تتوفر صور حالية لمدرسة سعد الأنصاري. لذا، فقد قام «أوبن سيريا» بتقييم الجزء المدمر من السور، المدرجة صورته في الأعلى، ضمن عشرة أمتار تقع في الاحداثيات 36°10’45.80″N, 37° 7’58.61″E. المصدر: ديجيتال غلوب، الكاتب.

تشظى الرأس الحربي أصاب مبنى المدرسة والسور المحيط بها بشكل واضح في أربع مواقع على الأقل، ودخلت سبع شظايا على الأقل غرفة المعلمات، وبعد أن اخترقت الشظايا أجساد أربعة أشخاص اخترقت الجدران بعمق بشكل هندسي دائري.

school_6لم يتمكن «أوبن سيريا» من أن يتأكد إن كانت ذخيرة جوية أو قذائف مدفعية هي التي ضربت ضمن مدى العشرة أمتار الزاوية الشرقية للسور المحيط بساحة المدرسة. شظايا القذيفة تم إطلاقها من موقع الانفجار بشكلٍ ثقّب مبنى المدرسة. يقيّم «أوبن سيريا» الضرر الذي تعرضت له المباني على معيارنا ذي الدرجات الثلاثة على أنه ضرر «شديد». فلقد دخلت سبع شظايا على الأقل غرفة المعلمات، وقتلت أربعة أشخاص. المصدر: الكاتب، ديجيتال غلوب، «النظام يرتكب مجزرة عبر قصف مدرسة الأنصاري بحلب»، أورينت نيوز، متوفر على يوتيوب.

يقيّم «أوبن سيريا» الضرر الذي تعرضت له المباني على معيارنا ذي الدرجات الثلاثة على أنه ضرر «شديد».3

تحديد الأسلحة والجهة المسؤولة عن الهجوم

ما يزال «أوبن سيريا» بحاجة للحصول على صور لشظايا الصاروخ، حتى نتمكن من التعرّف على نوعه وبالتالي التأكد من الجهة التي هاجمت مدرسة سعد الأنصاري.

وبالطبع فإن التعرف إلى أنواع الأسلحة بعد انفجارها هو أمر بالغ الصعوبة، فقد تتسبب أنواع مختلفة من الأسلحة بأضرار متشابهة، مما قد يربك جهود تحديد نوعية السلاح المتفجر المستخدم في هجوم ما إن لم تتوفر مقاطع فيديو وصور دامغة لشظايا القذائف وهياكلها الخارجية والحفر التي أحدثتها في مكان الانفجار.

ورغم أن روايات شهود العيان تختلف حول كمية ونوع القذائف التي ضربت مدرسة سعد الأنصاري، إلا أنهم جميعًا يتفقون على أن قذيفة جوية ضربت المدرسة أولًا، وهذا يعني أن قوات النظام هي من قصفت المدرسة لأن النظام هو الطرف  المحلي الوحيد في النزاع  الذي يملك قوة جوية.

«أوبن سيريا» أكد هذه الرواية، ولكن بشكل جزئي، فالصور لما بعد الهجوم تُظهر الضرر الذي لحق بالمبنى، وتتطابق آثار التشظي مع ما قد يسببه سلاح تقليدي أو غير تقليدي تم إطلاقه جويًا.

ولكن الضرر الناجم عن الهجوم، والإصابات والضحايا ينطبق عليها ما قد ينطبق على هجوم بالمدفعية الثقيلة كذلك، ولو قلنا أن الهجوم على المدرسة تم بصاروخ أو قنبلة تم إطلاقها عن هيكل دوار فيمكن حينها استثناء المعارضة، ولكن لا يمكن استثناؤهم في حالة سلاح المدفعية.

مع ذلك يستخلص «أوبن سيريا» أن النظام السوري هو المسؤول غالبًا عن الهجوم على مدرسة سعد الأنصاري، نظرًا إلى روايات شهود العيان، ونظرًا إلى أن المدرسة تقع في حي تسيطر عليه المعارضة، وهي هدف ملائم لغزو طائرات النظام وليس للمدفعية الصديقة.4

وبحسب رسالة إلكترونية أرسلها إلى «أوبن سيريا» ريتشارد ستيفينز مدير منصة «الوعي الجماعي للذخائر غير المنفجرة» –وهي مجتمع إلكتروني يضم خبراء في التخلص من الذخائر غير المنفجرة- «تحليلي الأولي أن ما تم استخدامه هنا هو قنبلة تقليدية متوسطة القوة شديدة التفجّر، أو قنبلة مرتجلة تم القاؤها من طائرة.5

ورغم أن شهود العيان قالوا أن الصاروخ الذي ضرب المدرسة ألقي من طائرة – وأنها قذيفة باريوم حراري- إلا أنه ليس لدى «منصة الوعي الجماعي للذخائر غير المنفجرة»  أي دليل يدعم هذه الرواية. إن القذائف والصواريخ عادة ما تُسقط رؤوسًا حربية متفجرّة أصغر حجمًا، لتترك ضررًا وتشظيًا أصغر نسبيًا.

وبحسب ستيفنز فإن «القنابل الملقاة من الطائرات تحتوي كمية أكبر من المواد المتفجرة، وغالبًا ما تلقى دون هدف محدد، أما القذائف والصواريخ فهي أصغر حجمًا، وعادة ما يكون رأسها مدببًا بحيث تدمر هدفًا أو مركبةً محددة».

وأضاف «هذا الهجوم لا يشبه هجومًا بقذيفة أو بصاروخ، ومن ملاحظاتي الأولية، لا أظن أن أمامي أي دليل على استخدام قذيفة باريوم حراري، فهي تّحدث دمارًا هائلًا».

وأخيرًا، فلقد دمر الهجوم على مدرسة سعد الأنصاري مبنىً سكنيًا يبعد حوالي عشرين مترًا جنوبي شرق سور المدرسة، وبالتالي، فإن انفجارًا قادرًا على هدم إسمنت مسلح يطابق القوة التفجيرية لذخيرة تقليدية أو غير تقليدية تم إلقاؤها من طائرة.

وعلى وجه التحديد، فإننا نظن أن الذخيرة التي استخدمت في الهجوم هي قنبلة متعددة الأغراض من طراز  FAB-500 M62 روسية الصنع، وعليها رأس حربي وزنه 213 كيلو غرام لا يمكن تحقيق مداه إلا بإلقائه من الجو، وهو ما لا يتسنى إلا لقوات النظام.6

school_7الهجوم على مدرسة سعد الأنصاري دمّر مبنى سكنيًا بالكامل تقريبًا، يبعد حوالي 20 مترًا جنوبي شرق الزاوية الشرقية المدمرة من ساحة المدرسة. لاحظ/ي الإسمنت المسلح الذي تحوّل إلى ركام، والسيارات المشتعلة في الخلفية، بالتالي فالدمار مطابق لقوة تفجيرية لذخيرة تقليدية أو غير تقليدية تم إلقاؤها من طائرة. المصدر: «النظام يرتكب مجزرة عبر قصف مدرسة الأنصاري بحلب» ، أورينت نيوز، متوفر على يوتيوب.

هوامش

1.  حول عدد المدارس المدمرة أو المتضررة أو التي أعيد استخدامها لأغراض أخرى، انظر/ي تقرير «أطفال سوريا: جيل ضائع؟» اليونيسيف، 2013. لتقديرات حول عدد الأطفال السوريين خارج المدارس، انظر/ي «أطفال سوريون تحت الحصار»، اليونيسيف.

2.  ترجم «أوبن سيريا» شهادات شهود عيان تروي تفاصيل قصف سعد الأنصاري والتي نشرت في تقرير لمؤسسة الارتقاء بعنوان «مجزرة سعد الأنصاري»، متوفر على فيسبوك، 2015.

3.  يستند «أوبن سيريا» في مقياسه لتقدير الضرر ذي الثلاث درجات، بين «متوسط» إلى «شديد» إلى «مدمر بالكامل»، إلى تحليل صور برنامج الأمم المتحدة للتطبيقات الفضائية التشغيلية، التي التقطت من أقمار صناعية، والتي استخدمت لتقييم الضرر في المؤسسات التعليمية في قطاع غزة عقب العملية العسكرية الإسرائيلية عام 2014 المعروفة بـ«الجرف الصامد». للاطلاع على التحليل، انظر/ي «تقييم الضرر في المؤسسات التعليمية في قطاع غزة، الأراضي الفلسطينية المحتلة»، برنامج الأمم المتحدة للتطبيقات الفضائية التشغيلية، 2014.

4. اعتمد «أوبن سيريا» على خريطة للقتال في حلب، من إنتاج archicivilians.com، لتحديد مناطق سيطرة أطراف النزاع في وقت الهجوم على سعد الأنصاري، بعنوان «خريطة: الوضع العسكري في حلب بعد ثلاثة أسابيع على العملية العسكرية الفاشلة للنظام، سوريا، 10 آذار، 2015». رغم أن الخريطة قد جُمّعت بعد شهر على الهجوم على سعد الأنصاري، لم يجد «أوبن سيريا« أخبارًا أو أنباء على وسائل الإعلام الاجتماعي تفيد بسيطرة قوات النظام على حي الأنصاري.

school_8

5. رسائل إلكترونية بين «أوبن سيريا» وريتشارد ستيفنز عبر موقع «الوعي الجماعي للذخائر غير المنفجرة»بين 17 و19 أيار 2015.

6. ينهار الإسمنت المسلح تحت ضغط يبلغ 15 باوندًا للإنش المربع، يولده الانفجار. لحساب الوزن بالكيلوغرام لرأس متفجر قادر على تفجير أو إحداث أضرار شديدة بإسمنت مسلح في إطار دائرة نصف قطرها 18 مترًا، وهي مساحة الضرر في سعد الأنصاري والمباني الملاصقة له،  وبالتالي تقدير نوع السلاح، عدنا إلى المعادلة  التالية:

RL = D * W 1/3

حيث RL يمثل نصف قطر المدمر للرأس الحربي، وW يمثل وزن الرأس المتفجر بالكيلوغرام، وD يمثل نصف القطر المدمر لكيلوغرام واحد لرأس متفجر من الـ TNT، والذي يبلغ تقريبًا 3 متر، عندما يكون الضغط 15 باوندًا للإنش المربع.

بالتالي، فإن 18 = 3 * W 1/3 ، أو 216 كيلوغرامًا.

هذا الوزن المفترض قريب من قنبلة FAB-500 M62 متعددة الاستخدام. وسلاح يحمل رأسًا متفجرًا وزنه 213 كيلوغرامًا لا يمكن تفعيله إلا بإسقاطه من طائرة وهو ما لا يقدر عليه إلا النظام.

حول مناهج تقدير الرؤوس الحربية، انظر/ي دراسة إيتزكوفتيز شيفرينسون وجوشوا ر. وميراندا بريب بعنوان «تهديد خام: حدود حملة صواريخ إيرانية على النفط السعودي».

Itzkowitz Shifrinson, Joshua R. and Miranda Priebe. «A Crude Threat: The Limits of an Iranian Missile Campaign against Saudi Arabian Oil.« International Security 36 (2011): 167-201.

للمزيد حول المواصفات التقنية لقنبلة FAB-500 انظر/ي «FAB M62»، على موقع WeaponSystems.net


* جوزيف آدمز: أمضى جوزيف فترة زمالته مع برنامج «بورين» 2013-2014 في عمان، وهو مؤسس مشروع «أوبن سيريا». حاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير في العلوم السياسية من جامعتي كاليفورنيا، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو طالب في برنامج الماجستير لدراسة اللغة العربية في جامعة ميديلبيري.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية