اعتصام ضد قطع أشجار برقش

الأربعاء 18 أيار 2011

بقلم ثمين الخيطان، تصوير ريم منّاع

عمّان – اعتصم العشرات من نشطاء البيئة مساء الثلاثاء أمام رئاسة الوزراء احتجاجا على تشييد أكاديمية عسكرية تابعة للجيش الأردني في غابات برقش بالقرب من عجلون شمال المملكة.

زهاء 50 شخصا من نقابيين، مهندسين زراعيين، صحافيين، كتاب، طلاب وآخرين من مختلف الأعمار اجتمعوا على الدوار الرابع في العاصمة للمطالبة بتغيير موقع المبنى الجديد للكلية العسكرية الملكية، التي يتضمن بناؤه في برقش اقتلاع أشجار.

“ليش ما يبنوا الكلية العسكرية بالصحراء؟” تساءل عمر قبعين، طالب جامعي شارك بالاعتصام.

وكانت القوات المسلحة الأردنية أعلنت في بيان الأسبوع الماضي عن تغيير خطط البناء في المشروع ذي الـ 1200 دونما، عقب احتجاجات قادها نشطاء بيئيون، مؤسسات مجتمع مدني وأعضاء في مجلس النواب.

قال بيان الجيش إن تصميم الكلية أخذ في الحسبان “الابتعاد لأقصى حد ممكن عن قطع الأشجار أو الاضرار بها”، مضيفا أنه الأراضي الحرجية التي تدخل ضمن حدود المشروع ستستخدم لأغراض التدريب فقط.

من التعديلات “الجذرية” التي أدخلت على مخططات المشروع، بحسب بيان الجيش، إلغاء ميدان للرماية ومهابط طائرات، إعادة توزيع بعض المباني بين الأشجار دون الحاجة لقطعها، فضلا عن إحاطة المشروع بأسلاك شائكة بدلا من الأسوار الاسمنتية.

“سيتم القيام بزراعة مكثفة لأنواع أشجار مشابهة للموجودة في الموقع وأنواع حرجية ومثمرة وبأعداد كبيرة”، ذكر البيان، داعيا إلى إلقاء “نظرة متأنية للمشروع من مختلف جوانبه ودون الوقوف فقط عند قطع شجرة أو عدمه”.

غير أن هذه التبريرات لم تكن مقنعة بالنسبة لنشطاء البيئة، الذين قالوا إن المشروع يؤدي إلى إيذاء النظام البيئي المتكامل الموجود في برقش، إذ يعيش في الغابة أزيد من 100 نوع من النباتات: 13% منها نادرة، 4% منها مهددة بالانقراض محليا وعالميا، و13% منها ذات قيمة طبية، بحسب أرقام الجمعية الملكية لحماية الطبيعة.

وتقول الجمعية إن الغطاء الأخضر يشكل 90% من مساحة برقش، بينما تغطي الغابات أقل من واحد بالمئة من مساحة المملكة، التي تعد كذلك من بين أفقر أربع دول في العالم بالمياه.

“الأمر يعني القضاء على نظام حيوي كامل ولا يتعلق فقط بقطع شجرة”، قال إياد عبّود، أحد سكان محافظة عجلون، التي تبعد زهاء 75 كم شمال غرب العاصمة عمان.

وزاد عبود أن “عمر أصغر شجرة سنديان يريدون قطعها يصل إلى 200 سنة”، واصفا تقطيع الأشجار بأنه “اجتثاث للتاريخ”.

“نحن مستمرون بالاحتجاج، حتى لو اضطررنا إلى تشكيل درع بشري أمام الجرافات”، أكّد الرجل في حديث لـ”حبر” خلال الاعتصام.

محمد البعول، مهندس كيميائي من سكان بلدة عنجرة المتاخمة لعجلون، يرى أن كلام الجيش “لا يصدق”.

“مستحيل… إذا أردنا فتح شارع واحد في المنطقة، علينا اقتلاع الكثير من الأشجار. فما بالك إن أردنا بناء معسكر؟” تساءل البعول.

تضمنت الشعارات المرفوعة خلال الاعتصام: “لا لإعدام غابات برقش”، “نعم لإقامة المشاريع التنموية مع المحافظة على غاباتنا الحرجية” و”نعم للتنمية لكن بالمكان الصحيح”.

“بالنسبة إلي، بشوف إنه يبنوها بمكان آخر أفضل، مش ضروري يغيروا بيئة الغابة”، قالت زينة حكيم، البالغة من العمر 20 عاما.

سالم محمد زيتون، محتج من سكان قرية عرجان في عجلون، يقول إن السلطات كانت قد استملكت قطعة أرض يملكها من أجل بناء الكلية العسكرية. “هذا المشروع يهدم كل المنطقة… الجيش حماة الديار، ولكن عمر معسكرات الجيش ما فادت الناس اللي حواليها”، قال زيتون، ذو الـ 57 عاما.

وعلل زيتون الأمر بأن الكلية العسكرية سوف تعني أنه “يمنع الاقتراب أو التصوير”، وغيرها من المحاذير التي تصعّب التحرك في المنطقة.

في الجهة الأخرى، بدأت تنشط مجموعات من المؤيدين لإقامة الكلية العسكرية في برقش، على اعتبار أنها ستساهم في تنمية المجتمع المحلي وتوفير العديد من الخدمات الغائبة وفرص العمل.

“إن الاشجار التي ستقطع لن يتجاوز عددها المئتين فقط والمنطقة تحتوي على ما يقارب 2 مليون شجرة، يعني الأشجار التي ستقطع نسبتها ضئيلة ولا تكاد تذكر”، كتب زياد عبابنة على حائط مجموعة في فيسبوك تحت اسم “نعم لبناء كلية عسكرية في برقش”.

وقال إن الكلية العسكرية في برقش ستساهم في تنفيذ مشروع صرف صحي، مركز صحي، انارة كاملة للطرق، مركز دفاع مدني، إضافة إلى نقل سكن الضباط الى القرى المجاورة للمشروع وجعل الكادر الفني والاداري من ابناء المنطقة ذاتها.

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية