أحلام أردنية بسيطة

الأربعاء 01 حزيران 2011

بقلم جابر جابر

استيقظت صباح الاربعاء الماضي فرحا مسرورا فاليوم هو عيد الاستقلال وقد كان لهذه الذكرى مكانتها الخاصة في القلب لسبب بسيط جدا الا وهو اجواء الاصلاح (او الحديث عن الاصلاح) التي نعيشها، وكذلك ما حصل حولنا ووصول ربيع الثورات الى العالم العربي، الامر الذي سيتأثر به الاردن لا محالة.

وقد سمحت لنفسي أن تحلم، وأن تشطح في أحلامها في بعض الاحيان ومما حلمت به يومها، ولا زلت
احلم يا بلد، أحلم يا اردن أن أستمع الى خطاب دولة رئيس الوزراء الاكرم متوجها للشعب: “نزولا عند رغبة شعبنا الاردني العظيم وازاء الغضب الشعبي المتصاعد، ولأنني مع بالغ الاسف لم استطع القيام بالمهام الاصلاحية التي اوكلها لي جلالة الملك المعظم فقد قررت التقدم باستقالتي إلى جلالته، وكلّي أمل أن يتمكن خليفتي في هذا المنصب من القيام بعمله على الوجه الذي يرضي الله عز وجل ويرضي ملكنا المفدى وشعبنا العظيم.”
اتوقع انني ان سمعت هذا الخطاب فسأبكي بكاءً مراً.

أحلم يا بلد أن يكون لدينا في الاردن إعلام رسمي مهني يعرض وجهة النظر الحكومية ووجهة النظر المخالفة، اعلام رسمي ينحاز للحقيقة، ينحاز للوطن. أحلم بإعلام يراقب الحكومة ومجلس الامة ولا يمتهن نفسه  ورسالته المقدسة عبر التطبيل والتزمير لهما.

أحلم يا بلد بمعارضة قوية، معارضة وطنية حقا، معارضة تخرج من مكاتبها وتختلط بالشارع، فتحس بوجعه، وتضمد جرحه، وتصرخ بألمه، معارضة تجيد مخاطبة الشارع بلغة يفهمها.

أحلم يا بلد ان نبتعد جميعا عن الإحساس الدفين داخلنا بأن هويتنا مهددة.
أحلم يا بلد ان يكون لدينا اقتصاد محلي قوي، كما لدول العالم المتقدمة، ولأشطح هنا قليلا ولأقل لماذا لا يكون لدينا اقتصاد كالاقتصاد الياباني؟

أحلم يا بلد ان يكون لدينا صناعات محلية تجبر العالم على ان يحتاج إلينا حاجة ماسة.
أحلم يا بلد ان يكون لدينا تعليم مدرسي وجامعي نباهي به الدنيا، تعليم جامعي يخرج منه الطالب قادرا على مواجهة الدنيا بقلب ثابت، تعليم جامعي لا مكان فيه “للطوش” ولا لمعارك “ليش بتتطّلع”، ولا للتفريغ العاطفي، بل النقاش والحوار والبحث العلمي والتعلم.

أحلم يا بلد ان ارى فِرَقاً غير الفيصلي والوحدات تحصل على بطولة الدوري.
أحلم يا بلد ان لا يرتبط اسم النادي الذي أشجعه بمكان ولادة جدي.
أحلم يا بلد ان لا تستنفر قوى الامن عناصرها بسبب مباراة القطبين.
أحلم يا بلد ان نتعلم حكومة ومعارضة كيف نختلف، وكيف نتناقش دون تخوين او اقصاء، بقلوب بيضاء واياد مفتوحة، وعقول امام الاختلاف مشرعة.

أحلم يا بلد ان يكون لدينا مجلس نواب يعرف ان مهمته الاولى تمثيل الشعب لا التمثيل عليه، مجلس نواب انتخبنا اعضاءه بناء على البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي الاصلاحي لدى اعضائه، لا بناء على كرم الجيب، او على اسم العائلة التي ينتمي اليها نائبنا العزيز.

أحلم يا بلد ان ارى شوارعك نظيفة، أن لا ارى طلابا جامعيين يلقون بالقمامة من شبابيك سياراتهم او من شرفات البيوت، وكان عمال الوطن “عمال النظافة” عبيد لدينا.

أحلم يا بلد بمجتمع تسبق ال “نحن ” فيه ال”أنا”.

أحلم يا بلد بأن يكون الاخلاص في العمل، والابداع في المجال، والنهوض بمصالح الامة ان تكون هذه كلها ادواتنا للتعبير عن الولاء والانتماء، لا الهتاف بالمناسبات فقط.
احلم بان يكون التعبير عن الانتماء عبر فعل الصواب: عبر وضع حزام الامان، عبر التقيد بالشواخص المرورية، لا عبر حجم العلم فقط.

أحلم يا بلد ان اصعد الى الباص فأرى نصف الركاب على الاقل يقرأون.
احلم يا بلد ان اشاهد بعيني هاتين كاتباً اردنياً يحصل على جائزة نوبل للآداب.

احلم يا اردن ان لا تكون صفوف الانتظار في مجمع الباصات فقط، بل وفي المكتبات العامة ايضاً.

احلم بان ارى عالم ذرة اردني، وعامل بناء اردني، وان تختار الفيفا لاعبا اردنيا كأفضل لاعب  كرة قدم على مستوى العالم اردني.

هل شطحت كثيراً؟ ربما.

ولكن الاحلام لم تعد هراء ولا أماني، وباتت في كثيرمن البلدان واقعا، وربما سيجيء دورنا في رؤية الاحلام واقعا قريباً، بإصلاح حقيقي، وبعقليات منفتحة، وب”كلنا الاردن” من الممكن أن نصل.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية