من رصد الصحافة: وساطات مع الإسلاميين، واستطلاع رأي

السبت 29 أيلول 2012
newspapers jordan

خلال الأسبوع الفائت، انشغلت الصحف المحلية بتحليل “الوساطات” التي قادتها شخصيات سياسية مقربة من “دوائر صنع القرار” لإقناع جماعة الاخوان المسلمين بالعدول عن قرار المقاطعة، فانتشرت التصريحات المتضاربة للجماعة والتي تراوحت ما بين نفي وجود مبادرات جديدة إلى كونها مبادرات “غير مكتملة وغير قابلة للنقاش“، وكثر النقد أيضا لإصرار الجماعة على موقفها وخسارة فرصة كبيرة للتوافق والخروج من عنق الزجاجة.

ولا بد من التذكير بأن هذه الوساطات تجري بالتزامن مع الأساليب والتكتيكات الجديدة التي تلجأ إليها الجماعة، ومنها الفيديو الذي تظهر فيه أسرة أردنية تغتسل في سلطة مياه الزرقاء بعد تكرار انقطاع المياه عنها، والذي سرعان ما اكتشف أمره وتبين أن “رب الأسرة ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين في الزرقاء”، حيث لا تخجل الجماعة من “تعرية الأطفال أمام الكاميرات بشكل مستفز للمشاعر واستغلال موضوع شح المياه”، الأمر الذي لا ينطلي على “عين الرأي” الساهرة على راحة المشاركين في الانتخابات.

وإذا وضعنا انتقادات “الرأي” جانبا، فإن هناك انتقادات أخرى تتسم بالعقلانية وتصف موقف الاخوان بالسلبي، وكأنهم “صعدوا إلى الشجرة” ولم يعودوا يعرفون طريقاً للنزول. على الرغم من نفي قيادات في الجماعة مناقشة أي مبادرات في اجتماعاتها، فإن تقاريرا أخرى أشارت إلى أن “أغلبية ضئيلة من داخل الجماعة” تدعو إلى المشاركة ولكنها لا تصمد أمام اصرار “الصقور” المتشددين في موقفهم.

وبحسب رأي الكاتبة جمانة غنيمات، فإن العرض الذي قدم، وان لم يكن انجازا عظيماً، إلا أنه كان كفيلاً بإخراج البلاد من المأزق وتحقيق درجة أعلى من التوافق، فقد تم اقتراح منح ثلاثة أصوات للناخب. ولكن موقف الجماعة قد يفسر على أنه إما رغبة في تسلم السلطة كاملة كما حدث في دول أخرى، أو أنهم ينظرون إلى أنفسهم على أنهم “شركاء وليسوا مشاركين” في القرار، أو أنهم يخشون من الاختبار الأعظم الذي ينتظرهم في السلطة، خصوصا وأن الاسلاميين في الدول الأخرى يجلسون مع “صندوق النقد الدولي، ويدافعون عن التعذيب في السجون، ويسيطرون على الاعلام”، مما يعني بالمحصلة خسارة شعبيتهم في حال استلام زمام السلطة.

أما “خصم الاخوان” اللدود الكاتب ناهض حتر، فهو لا يلوم الاخوان على رفضهم للمبادرة، وانما يعتبر رياض أبو كركي، وجواد العناني وفيصل الفايز – وإن ذهبوا بنوايا حسنة- شركاء باللاوعي في مؤامرة تستهدف الدولة الأردنية، لأنهم ذهبوا للتوسط لدى جماعة “تريد نشر الفوضى ولا تعترف بالدولة الأردنية” وهم، أي الوسطاء، لا يدركون الجهد الذي تقوم به “الحركة الوطنية الأردنية لإنجاح الانتخابات” حتى يكون لهذه الحركة ممثلون تحت القبة “عشية تسويات إقليمية كبرى”.

ليس هذا وحسب، بل إن الكاتب يهدد الدولة اذا استمرت بهذه الألاعيب، حيث سيجد نفسه، بصفته كبير وشيخ “الوطنيين الأردنيين” كما يحب أن يصور نفسه، مضطرا للبحث عن أساليب جديدة من خارج العملية الانتخابية للدفاع عن البلد والدولة من مؤامرة يحيكها كل أبناء الأردن ضد “الجماعة الوطنية” ذاتها التي لا أجد لها تعريفا سوى ما ورد على لسان الكاتب نفسه في مقالات أخرى، فهم على ما يبدو “الذين يملكون جرعة زائدة من الوطنية” على مقياس الوطنية الحترية المعروف ببوصلته وبموقفه من قرار فك الارتباط.

أما بعد، فنعود إلى أطرف اقتباس نشرته صحيفة الرأي من الاستطلاع الذي أجراه المعهد الجمهوري الدولي حول القضايا السياسية والاقتصادية في الأردن، والذي يجسد مقولة “كلٌ يغني على ليلاه”، ويعكس في أحسن الحالات قراءة انتقائية متوقعة من صحيفة تستعد بكل قوتها لخوض غمار انتخابات “مصيرية”.

جاء في العنوان الفرعي أن هناك “تفاؤل بقدرة الهيئة المستقلة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة”، وكتب ناقل الاستطلاع إلى العامة أن “الاستطلاع أظهر أن الأردنيين أكثر تفاؤلا بقدرة الهيئة المستقلة للانتخابات على ضمان اجراء انتخابات حرة ونزيهة”، ولكن النص الأصلي لنتائج الاستطلاع ينقل حقيقة أخرى جرى القفز عنها بسهولة معتادة. بحسب النص الأصلي، فإن 56 % من الناخبين لا علم لديهم بوجود الهيئة من الأساس، وعندما تم إخبارهم بمسؤوليات الهيئة، أبدى( 43 %) من  المستطلعين تفاؤلا، بينما أبدى (37%) منهم تشاؤماً!

ثم سقط سهوا من تغطية نتائج الاستطلاع في صحيفة الرأي أن هناك انقسام واضح في العينة بخصوص “الاتجاه” الذي تسير فيه البلاد، حيث يعتقد 43 % أن الأردن يسير بالاتجاه الصحيح، مقابل 45 % يعتقدون أنه يسير بالاتجاه الخاطئ، ولكن ناقل الاستطلاع لا زال مقتنعا بامكانية إخفاء 45% من الأردنيين أو اعطاء الأوامر لنسبهم فيما بعد إلى جماعة الاخوان المسلمين!

أنتظر بفارغ الصبر التغطية الصحفية الرسمية للانتخابات لأقوم بتجميع العناوين الظريفة، وأتمنى صدقا أن أفاجأ بعناوين أكثر واقعية لا تسير على نهج مذيعنا الرسمي محمد الوكيل، والذي تعالت قهقهاته في انتخابات 2010 عندما وصف أبناء عمان الذين لا يقبلون على صناديق الاقتراع بـ”المدللين”، أتمنى أن أجد فريقا آخر من غير الخونة ومن غير المدللين وله رأي آخر ويا حبذا لو يظهر في “الرأي” أسوة بغيره من الأردنيين “الشرفاء”!

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية