من أيام عمان المسرحية: أنا كارمن … حاقول إيه؟

الأحد 04 نيسان 2010


Ana Karmenبقلم ريما الصيفي

تدخل علينا تلك الخادمة، تخاطب الجمهورقبل بدء العرض تستشهد به و تخبره عن مشاكل العاملين الوافدين. ثم تعتلي خشبة المسرح وتبدأ التنظيف. تشكي ضنك العيش وقسوة مديرها الذي يهددها بالخصم وقطع الرزق. تؤول ذلك لرفضها لتحرشه بها …”عشان معرفش أقول الأه …طب أاه مهو من غلبي بقول الآه” و “حتى الشكوى بقت بفلوس”.

تطلق العنان لنفسها تحلم. تريد أن تصبح امرأة حرة منطلقة… أن تحيا بحق”عايشة”، مثل كارمن  بطلة قصة عرض المسرح الذي تنظفه. تغني على موسيقى تلك الأوبرا احلامها فتخلع ملابس الخادمة وتصبح أمرأة من حقها أن تحب وتعشق وتتحررحتى لو اتهموها بالجنون. تخبرنا عن مشاكل تواجهها امراة مثل كارمن فتحكي قصة لمعاناة المرأة من قمع زوج فاشل وتتطرق للخلع كحل ..ثم تحكي عن مشاكل المراة المطلقة وتشكي مشاكل العنوسة واتهام المجتمع لها بالخطافة .

تقارب بين قصص مجتمعها و قصة كارمن تلك المرأة المتمردة وحبيبها دون خوسيه الذي اراد قمعها بعد ان احس بالفشل فأبت الا ان تتمرد …فقتلها عندما شك بخيانتها له .. وتقول “هو قال انها خانتوا ليه ؟؟ علشان يقتلها “.

تتخبط تلك المرأة بين قصة و قصة …تشرح لنا قصة كارمن كما تراها… و تقول أن كارمن و إن قُتلت فقد عاشت بحق …تخبرنا عن رغبتها أن تكون بحق “عايشة “. تعود لواقعها تدخل الخادمة لتكمل عملها بتنظيف المسرح خلف الستار حتى لا يكون لمديرها حجة لطردها.

يعلو صوت المذيع يطالب الجمهور باقفال الموبايلات لاقتراب بدء العرض. نسمع أصوات صراخ واستغاثة خلف الستار وتخرج لنا بطلة عرض كارمن. تتخبط وتشكو ايضا… هناك من اراد منعها اعتلاء خشبة المسرح، هناك من أراد قمع صوتها، هناك من يستهزء بقيمة المسرح. فتقول انا مثل امينة رزق. وتخبرنا عن معاناة الفنانين والنقابة “الفنان زمان كان يعملولو نقابة و اليوم النقابة يعملولها فنان .”

وثقافة العيب… تخاف….لا تتذكر دورها ولاعنوان المسرحية …فتقول “أنا كارمن …اقول ايه؟” وتبدأ بتبرير نسيانها. تبدأ العرض، تغني خوفها.
ثم تتذكر فتقول أن العرض عن الحب: أنا كارمن العاشقة. تبدأ موسيقى الرامبا لتمثل حالات الحب …ينقطع هذا الأداء بمكالمة من عشيقها المتزوج، و ترفض ذكره لزوجته لانها ايضا تحس. وتحكي معه عن لحظات عشق تخطفها معها في الأوتوبيس … ثم يطلب مقابلتها في ندوة عن فلسطين يحاضر فيها … فتشعر بغزة على جنبها فتقول لعشيقها “غزة و راحت”.

تستدرك نفسها و تعتذر للجمهور و تقول ان العرض يدور حول كارمن الفلسطينية التي غادرها زوجها للمفاوضات منذ 15 سنة . “هو ادخلوه في عصمة المفاوضات و المؤمرات اما ان فأدخلوني في عصمة الأرض مقابل السلام” تعيش الوحدة وتتمنى رؤية زوجها …حنين الأرض لأهلها ووحدتها و هوانها دون أهلها.

ثم تتدارك نفسها مرة أخرى و تقول أن العرض عن العيش: “أنا كارمن مراة البواب”…الي مات بطابور العيش، فأصبحت رئيسة جمعية “تمكين المرأة من رغيف العيش.”

ثم تقول انا كارمن المراة العاملة التي تتعرض للتحرش …أنا كارمن المعيدة …أنا كارمن الغنية ..أنا كارمن الفقيرة ..أنا كرم الذي أصبح كارمن… وأصبح راقصة …و رقصت ورقصت حتى انتهى العرض .

و عجت القاعة بالصفيق.

أمتعت سماء ابراهيم علي مخرجة و مؤلفة ومؤدية العرض الجمهور بأدائها المتنوع (تمثيل ومونولوج  وغناء ورقص) لعرض يعالج قضايا تواجه المرأة من اسقاطات واتهامات تطال المرأة المتزوجة المقموعة والعانس والعشيقة والمرأة العاملة ومعاناة المراة الفلسطينية. واستفزت أسماء مشاركة الجمهور و تفاعلهم  من خلال مواجتها الصارخة بعيوبهم. وكان كل هذا من خلال قالب كوميدي راقي لا يخلو من الفكاهة المصرية المعهودة.

أجادت سماء تسجيد واقع المرأة الذي أصبح اشبه بملهاة  و كان اختيار “أسماء ” لشخصية كارمن لتمثيل طموحها بالتحرر من قوالب المجتمع  اختيارا موفق فهي مثال المراة التي لا تقدم التنازلات بحق نفسها.

“أنا كارمن … حقول ايه ؟”  تمثيل و تأليف وإخراج: سماء ابراهيم علي.  مخرج منفذ: أيمن الخياط.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية