متلازمة الكرتونة (Carton Box Syndrome)

الإثنين 14 آذار 2011

بقلم هادي

كعادتي، أحب متابعة الشخصيات الكاريكاتورية في المجتمع. أتتبع حركاتهم وخطاباتهم. أحاول أن أصل إلى أعماق تركيبتهم النفسية. لا أعلم لماذا ولكن ربما كان اهتمامي المبالغ فيه بعلم النفس هو مصدر هذه الهوايه.

اليوم سأتحدث عن أحد نواب الوطن الأعزاء. أنه الاسلامي العلماني، المحافظ الليبرالي، المعارض الموالي، العشائري المتمدن، المتظاهر البلطجي، الأصيل المعاصر. الشخصيه الفذه، التي جمعت النقائض جميعها في توليفه سحريه واحده، أنه يحيى السعود.

في فيديو* مدته 49 ثانيه ظهر من وقت قريب على اليوتيوب يظهر النائب العزيز وهو يوزع كراتين الخير على أبناء الشعب المسكين بمناسبة عيد ميلاد جلالة الملك ال47. لمن لا يعرف فهذه الكرتونة تحتوي على معلبات سردين وتونه وثلاثة كيلو سكر و ثلاثة كيلو رز ونصف كيس حليب أطفال جاف. للحصول على هذه الكرتونة كل ما يجب عليك فعله هو الذهاب إلى مقر سعادة النائب و النظر إلى الكاميرا والدعاء لجلالة سيدنا. ولا عليك إن نسيت الخطوات (Procedure) فالنائب وأعوانه موجودون لتذكيرك.

احدهم لم يعرف ماذا يقول ربما من شدة الفرح بالكرتونة وعندما نهره النائب بضرورة الدعاء لم يتفتح عقله الا عن هتاف “يعيش جلالة الملك المعظم .. يعيش يا .. شكرا على الكرتونة يا عمي” وفي عينيه نظرة إلى الكاميرا. نظرة يملؤها الجوع والفقر والخوف من ضياع الكرتونة وعزة نفس ضائعة وكرامة مهدورة على باب النائب البطل.

ومن ثم يظهر شخص آخر وآخر وآخر يمثلون جميع شرائح الشعب ومن كافة الأصول والمنابت في لوحة تشكيلية سيريالية يعجز أشد المتشدقين بالوحده الوطنيه أن يصوروا مثلها. فالنائب السعود وعلى حد قوله “هاشمي الهوى.. فلسطيني الوجع.”

وطبعا ومن باب التذكير بمرجعية النائب الأسلامية تظهر لنا صورة بعض الأشخاص الملتحين في الخلفيه ومن ثم وللتأكيد على البعد الاخلاقي تظهر صورة ثابتة للنائب وهو يعطي الكرتونة لسيدة منقبة وهو ينظر في الاتجاه الاخر لكي لاتقع عينه لاسمح الله على عورة هذه المسكينة. فالنائب معروف أنه من أهل العفاف والسترة. وليس أدل على ذلك ألا ما قاله في تصريحه الصحفي المشهور في معرض رده على الفتيات لابسات “النص كم” في المظاهرات:
“من 15 سنة ما سلمت على أنثى لا تحل لي”

حقيقة انا لا ألوم الناس أبدا في هذا الفيديو. فالفقر لادين له كما أنني لن ألوم الخارجين في مسيرات الولاء بعد اليوم. فالجوع كافر والفقر أشد من أن يلجمه موقف سياسي أو مبدأ أخلاقي وعلى أي حال فالبلد بأكملها تدار بطريقة الكرتونه وإن اختلف الحجم أو المحتوى. ولكن حذار فهذه الجموع الجائعة التي ما أخرجها إلا فقرها وخوفها هي نفسها ستكون أول من يرتد ويقلب الكرتونه على رأس أصحابها.

*الفيديو:

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية