الوأد هو الحل

الثلاثاء 05 نيسان 2011

بقلم جابر جابر

لدينا في الاردن فساد سياسي يجعل المناصب الحكومية تُوَرَثُ كما العقارات، ولدينا كذلك فساد اقتصادي، قام به من يوصفون بانهم حيتان “البلع ” مما أنهك خزينتنا الفقيرة أصلا، وجيوبنا الخاوية فعلا. ولدينا كذلك  فساد أخطر وأكثر ايلاما وأشد اثرا، الا وهو الفساد المجتمعي، والذى أرى ان الفساد السياسي والاقتصادي ما كانا ليوجدا لولا انتشار هذا النوع من الفساد انتشار النار في الهشيم. ومن مظاهره الأنانية التي تختصر الوطن بشهدائه وتاريخه وبطولات ابنائه في المصلحة الشحصية للفرد. ومن مظاهر هذا الفساد ايضاً الفهم الخاطئ للوطنية بحيث صار الإنتماء عبارة عن شريط لمتعب السقار، وشماغ لابد وأن يكون احمر اللون وعلم رباعي الالوان سباعي النجمة لو كان رافعه يعرف ما الذي تعنيه هذه الراية لما فعل نصف ما يفعل.

لكن ما استفزني اليوم للكتابة هو أن يكون أول ما تستفتح به نهارك وحتى قبل فنجان القهوة هو خبر قتل شاب اردني لشقيقته في احدى الحلقات المستمرة لمسلسل جرائم “الشرف” التي لا يبدو ان لها نهاية تلوح في الافق.

ما الذي سيحدث الان؟

الحكومة بالطبع ستدين هذه الجريمة النكراء، ومجلس نواب ال 111 سيدين هو الاخر وسيصف الامر بالجريمة البشعة التي لا تمت بصلة الى أخلاقنا، ودائرة الافتاء لابد وانها ستقول أن هذه الجريمة ما كانت لتحدث لولا انتشار العري والاختلاط، وجمعيات حقوق الانسان ستصرخ وتدين، وجمعيات الدفاع عن المراة سيبح صوتها ” المخنوق اصلا” وهي تستصرخ المسؤولين في هذا البلد ايقاف هذه المهزلة.

أما المجتمع فإنه لن يبالي على الاطلاق بما حدث، بل انك لو ناقشت أفراد المجتمع أو حتى طلاب الجامعات لأصابتك الصدمة. لماذا؟

لأنك ستجد تكراراً لنفس السيناريو الذي سمعتُه بعد حفلة الزعران في دوار الداخلية. ستجد عبارات من قبيل: بتستاهل، الله لا يردها، الله يحيها الايد اللي ضغطت الزناد، اللي بتفرط بشرفها بدها ذبح مش بس طخ ” (ثم بعد هذا يحلو لنا ان نصف انفسنا باننا مجتمع غير عنيف).

هل تظنون أنني أتجنى على شبابنا الجامعي المثقف المتعلم الواعي والذي علينا أن نرفع رؤوسنا به عاليا؟ حسنا.
بينما كنت اناقش مع صديق لي مشكلة صعوبة توفر الامكانيات المادية اللازمة  للزواج عند شبابنا الاردني قال لي ان المشكلة ان الاناث يحصلن على العمل بينما لا يحصل عليه الذكور، وكنتيجة لهذا الامر كان لزاما علينا “كمجتمع ” أن نمنع الفتيات من دخول الجامعات، بما انهن يجب أن يمنعن من العمل حتى نحظى به نحن الذكور، بما اننا من نعيل الاسر، والاناث كما هو معروف مصيرهن و”اخرتهن” الى بيت الزوجية.

والحقيقة ان كلمة منع الإناث من دخول الجامعات قد أرعبتني جدا، لانني رأيت فيها أمراً آخر، فماذا لو ان أحداً عزا هذه الجريمة “قتل الاخت” الى دخول الفتيات الى الجامعات وطالبهن بأن يكتفين بالتعليم الثانوي؟

بالطبع سيرد عليه شحص آخر ان من “تفرط بشرفها” في الجامعة قد تفرط به وهي عائدة من المدرسة اذ تكون في تلك الايام امرأة كاملة النمو وقد يضحك عليها شاب ما كما سيضحك عليها ان هي دخلت الجامعة.

وعندها سيطالب صديقي ومن ينتهج نهجه ان نمنع الفتيات من دخول المدارس الثانوية أو الاعدادية ونكتفي بالتعليم الابتدائي، او أن نكتفي بتعليم الاناث في البيوت. وما العيب في هذا؟

لكن هنا برز لي سؤال اخر ماذا لو أن الفتاة غير الجامعية وغير الثانوية والتي لم تحظى حتى بتعليم ابتدائي نزلت الى السوق وقام البائع بإغوائها؟ اليس هذا جائزا؟

وعند هذا الحد من التفكير وصلت الى الحل الذي سيرضي صديقي عني وسيحل موضوع جرائم الشرف والى الابد وسيجعلنا ننام كما الاطفال دون كوابيس موضوعها الاوحد هو الجنس.

علينا ان نفعل كما كان اجدادنا العرب يفعلون قبل الف وخمسمئة عام. الوأد. نعم الوأد.

وهكذا نحل موضوع الشرف ولا يصبح مجتمعنا الشرقي الذكوري مهددا بالعار الذي سيلحقه به غشاء البكارة.

صحيح ان اخواتنا يغتصبن في العراق وفلسطين، وصحيح ان اموالنا تنهب، وصحيح ان ديننا يهان، لكن هذا كله يهون عند ال “سم المربع ” الاهم في حياتنا.

علينا ايها السيدات والسادة ونحن نطالب بالاصلاح السياسي والاقتصادي ان نفكر جديا وان نعمل سويا على الاصلاح الاجتماعي والذي صدقوني يبدو لي اصعب بكثير واهم بألف مرة.

وعندما نصل الى مجتمع ال”نحن” فيه تسبق ال “انا” سترون ان الفساد قد فر عن بلادنا الى غير رجعة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية