باعتبارها «أملاك عدو»، صادرت السلطات الأردنية التي تولت حكم الضفة الغربية والقدس بين النكبة والنكسة ما عرف بـ«أملاك اليهود» التي كانوا يدعون ملكيتها في الضفة الغربية قبل 1948. وتشمل هذه الأملاك في الضفة الغربية والقدس مئات المباني والعمارات، وحوالي 40 ألف دونم من الأراضي في أقل تقدير. ومنذ احتلال «إسرائيل» للضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967، استمر الاحتلال بدوره بمصادرة هذه الأملاك حتى اليوم.
رغم أن الحق الفلسطيني بالأرض يعتبر مسألة سياسية ووطنية لا جدال فيها، إلا أن وراء قضية «أملاك اليهود» تعقيدات قانونية لا بد من استعراضها. خصوصًا وأن ملف «أملاك اليهود» المزعومة في الضفة الغربية تطور خلال عمل الحكومة الأردنية في الضفة الغربية قبل عام 1967، ثم أثناء حكم الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية بعد 1967، وتشابكت التداعيات القانونية للفترتين، الأردنية والإسرائيلية، بشكل لا يمكن تجاوزه.
فضلًا عن ذلك، تعتزم الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة نتنياهو، وعضوية حزب الصهيونية الدينية (سموتريتش) القيام بخطوة غير مسبوقة عبر «إعادة» هذه الأملاك إلى من يدعون ملكيتها من الإسرائيليين، وهذا قد يكون له تداعيات سياسية ودولية تُعتبر الأردن أحد الأطراف غير المباشرين فيها، بسبب التبعات القانونية للحكم الأردني قبل عام 1967.
وفقًا للتقديرات، وصلت مساحة الأراضي التي امتلكها اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية قبل النكبة ما بين 58 ألف و115 ألف دونم. وقدّر بعض الباحثين أن هذه الأراضي تشكل نحو 5,780 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية. ورغم وجود تقديرات مختلفة، أشار بعض الخبراء إلى أن هذه الأرقام قد يكون مبالغًا فيها. وفي تقارير إسرائيلية أخرى، تصل مساحة هذه الأراضي الى حوالي 40 ألف دونم فقط.[1]
في منطقة بيت لحم، بدأت عمليات الشراء منذ عام 1927، حيث جرى شراء 800 دونم. ومع مرور السنوات وحتى عام 1948، وصلت مساحة الأراضي اليهودية إلى حوالي 4,900 دونم (وهي التي استعادتها «إسرائيل» عام 1967 لإعادة بناء ما كان يعتقد أنها «غوش عتصيون»). في عام 1943، اشترى الصندوق القومي اليهودي (الكيرن كييمت) حوالي 4,273 دونمًا من الأراضي الواقعة بين القدس وبيت لحم. ويدعي مؤرخون إسرائيليون أن عملية الشراء المزعومة من قبل اليهود واجهت الكثير من العقبات بسبب صعوبات في تسجيل الملكيات، حيث كانت بعض الأراضي تُشترى بنظام الملكية المشتركة المعروف بـ«المشاع»، مما أدى إلى نزاعات قانونية مع الفلسطينيين الذين امتنعوا أحيانًا عن نقل الملكية رسميًا رغم البيع.[2]
بعد النكبة، وفي السنوات ما بين 1948 و1967، حكمت الأردن الضفة الغربية والقدس الشرقية. في عام 1950، أعلنت المملكة الأردنية الهاشمية رسميًا ضم الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى أراضيها. جاء هذا القرار بعد مؤتمر أريحا الذي عُقد في الأول من كانون الأول عام 1948، حيث حضره عدد من الزعماء الفلسطينيين وشيوخ العشائر، وأعلنوا تأييدهم لتوحيد الضفتين (الشرقية والغربية) تحت حكم الملك عبد الله الأول بن الحسين.[3] في 24 نيسان 1950، صادق البرلمان الأردني (مجلس الأمة) على قرار الضم رسميًا، وأعلن أن هذا الإجراء يأتي لحماية الأراضي الفلسطينية المتبقية والدفاع عن حقوق سكانها حتى إيجاد حل للقضية الفلسطينية. وقد رفضت «إسرائيل» هذا الضم واعتبرته غير قانوني.[4] خلال الفترة ما بين 1948 و1967 وضعت السلطات الأردنية يدها على الأملاك في القدس الشرقية والخليل ومناطق أخرى من الضفة الغربية والتي تركها اليهود الذين يدعون ملكيتها أثناء معارك النكبة، ومنعت اليهود من الوصول إلى حائط البراق والأماكن الدينية في البلدة القديمة. وصادرت الأردن الأملاك اليهودية في الضفة الغربية، ووضعتها تحت إدارة «حارس أملاك العدو» بموجب القانون البريطاني «قانون التعامل مع العدو لعام 1939» والذي تبنته السلطات الأردنية. وفي عام 1950، صدر أمر «حارس أملاك العدو»، الذي منح الحارس الأردني صلاحية إدارة هذه الأملاك وتأجيرها وجمع عوائدها، مع منع اليهود، حتى الحاملين للجنسية الأردنية، من استعادتها.
خلال الفترة من 1948 إلى 1967، استخدمت الحكومة الأردنية هذه الأملاك لأغراض عامة مثل المدارس والمكاتب الحكومية، كما أجّرت مئات العقارات للقطاع الخاص، وخاصة لعائلات فلسطينية هجّرت من أراضي عام 1948، أو الى منظمات دولية مثل الأونروا، حيث أجرت حوالي 500 وحدة سكنية وأكثر من 200 عقار تجاري، معظمها في القدس الشرقية.[5]
في القدس، تدعي تقارير إسرائيلية أن السلطات الأردنية قامت «بتدمير» مواقع التراث اليهودي، بما في ذلك 56 كنيسًا في البلدة القديمة، من بينها كنيس «حورفا» الذي يحمل مكانة خاصة لدى اليهود. وعادة ما تستشهد «إسرائيل» برواية تزعم أن الأردن قام بـ«تدنيس» المقبرة اليهودية على جبل الزيتون، حيث استُخدمت شواهد القبور في أعمال البناء، خصوصًا بناء المراحيض لمعسكرات الجيش الأردني![6] بعد أن احتلت «إسرائيل» القدس الشرقية عام 1967، فرضت على الفور القانون الإسرائيلي (بخلاف ما فعلته في الضفة الغربية التي وضعت تحت قوانين الاحتلال العسكري). نص القانون الإسرائيلي في القدس على إعادة الممتلكات اليهودية السابقة إلى أصحابها الأصليين، أي اليهود حسب الادعاء الإسرائيلي، لكنها اشترطت أن يقدم المدعي اليهودي حججًا قانونية حول ملكيته التي يريد استرجاعها.[7] نجحت بعض العائلات اليهودية في «استعادة» ممتلكاتها التي كانت مصادرة وفق القانون الأردني في القدس الشرقية، لا سيما في الحي اليهودي في البلدة القديمة وأحياء مثل الشيخ جراح وسلوان، لكن العملية كانت بطيئة ومعقدة وشائكة بسبب النزاعات القانونية والحساسيات السياسية.
أما في الضفة الغربية، فبعد احتلال «إسرائيل» لها عام 1967، انتقلت إدارة أملاك اليهود من «حارس أملاك العدو الأردني» إلى «الوصي على أملاك الحكومة» الإسرائيلية في الأرض المحتلة. تستند سلطة الوصي (والذي أصبح جزءًا من الإدارة المدنية عام 1981) إلى أمرين عسكريين: «الأمر المتعلق بالممتلكات الحكومية في يهودا والسامرة (رقم 59) للعام 1967»، و«الأمر المتعلق بالممتلكات المهجورة (الممتلكات الخاصة) في منطقة يهودا والسامرة (رقم 58) للعام 1967». في الأمر العسكري رقم 58، تقرر أن «الممتلكات المهجورة هي ممتلكات غادر مالكها القانوني، أو الشخص الذي يمتلكها بشكل قانوني، المنطقة قبل 7 حزيران 1967… تاركًا العقار في المنطقة [التي وقعت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي]». وقد اعتبر هذا الأمر، كتحصيل حاصل، أن العقارات والأملاك التي كانت تحت سلطة وإدارة «حارس أملاك العدو الأردني» هي أملاك دولة (أي الدولة التي سبقت الاحتلال الإسرائيلي) ولم ينظر إليها كأملاك كانت سابقًا مملوكة لليهود!
وعليه، لم يقم الاحتلال الإسرائيلي بإعادة الأملاك إلى أصحابها اليهود المزعومين، بل احتفظ بها الجيش الإسرائيلي كأملاك حكومية وفقًا للقانون الدولي الذي يمنح القوة المحتلة حق إدارة أملاك الدولة التي كانت تحت سيطرة دولة العدو «المخلوعة». وقد كانت مؤسسات الاحتلال الإسرائيلي، والتي يقودها وزير الجيش، ورئيس الأركان، وقائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي، والإدارة المدنية الإسرائيلية، تراعي اعتبارات القانون الدولي أثناء توسيعها للاستيطان في الضفة الغربية حينها، وضمن هذا الاعتبار فإن وضع الأملاك اليهودية في الضفة الغربية تحت إمرة الجيش (بدل من إعادتها لأصحابها) يأتي لغرض عدم إثارة إشكاليات قانونية حول السيطرة الإسرائيلية، مما قد يعوق توسيع الاستيطان.
تشير الإحصاءات إلى أن الأملاك اليهودية المصادرة خلال الحكم الأردني شملت حوالي 15 إلى 40 ألف دونم من الأراضي الزراعية وما يزيد عن ألفي وحدة سكنية وتجارية، خاصة في القدس الشرقية والخليل، مما جعل هذه الأملاك محل نزاع قانوني وسياسي طويل بعد عام 1967، إذ استخدمت «إسرائيل» الوثائق الأردنية (مصادرة الأملاك) لإثبات حقوقها في «استعادة» الأملاك اليهودية التي باتت مؤجرة للفلسطينيين (أي تحويلها إلى أملاك دولة)، بينما خاض الفلسطينيون معارك قانونية للحفاظ على حقهم في العقارات التي سكنوها منذ الحكم الأردني.
تناولت قضية المحكمة العليا الإسرائيلية رقم 3103/06 (قضية شلومو فاليرو ضد دولة إسرائيل للعام 2011)، مصير عقارات في الخليل يدعي ورثة فاليرو أنه اشتراها عام 1935. بعد وفاة فاليرو عام 1945، تم تقسيم ممتلكاته بين أبنائه الثلاثة، وكان مقدمو الالتماس في القضية هم اثنان من أبنائه بالإضافة إلى ورثة الابن الثالث.[8]
طالب مقدمو الالتماس من المحكمة أن تجبر الجيش الإسرائيلي المحتل بأن يعيد هذه الأملاك لأصحابها من ورثة فاليرو، معتبرين أن استمرار حيازة الدولة للعقارات هو بمثابة مصادرة غير قانونية تستوجب التعويض أو تسليم عقارات بديلة. في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي (الذي يتحدث أمام المحكمة باسم «دولة إسرائيل») أن العقارات يسكنها فلسطينيون منذ خمسينيات القرن الماضي، وأن هؤلاء السكان اكتسبوا حقوقًا قانونية بحكم الإقامة الطويلة وبصفتهم مستأجرين محميين وفقًا للقانون الأردني والقانون الدولي.
في الحكم، أكدت المحكمة أن نقل ملكية العقارات إلى «حارس أملاك العدو» الأردني كان قانونيًا بموجب القانون البريطاني «قانون التعامل مع العدو»، الذي يهدف إلى فصل أموال العدو مع الحفاظ عليها حتى تسوية سلمية. كما أوضحت المحكمة أنه بعد عام 1967 أصبح العقار تحت إدارة «الوصي» الإسرائيلي على أملاك الحكومة (أي الجيش الإسرائيلي)، باعتبار أن العقارات كانت «عقارات عامة» ولم تعد عقارات خاصة بموجب المصادرة التي أجرتها الحكومة الأردنية سابقًا، والتي استبطنها الاحتلال الإسرائيلي بموجب «اعتناقه» الشكلي لقانون الاحتلال الدولي. واستندت المحكمة إلى القانون الدولي، وتحديدًا اتفاقية لاهاي (المادة 55)، التي تلزم القوة المحتلة بإدارة الأملاك العامة دون تغيير الملكية.
قررت المحكمة عدم وجود التزام قانوني على الجيش الإسرائيلي بإعادة الأملاك إلى ورثة المالكين اليهود «الأصليين» أو دفع تعويضات لهم، طالما لم يتم التوصل إلى تسوية سلمية. وأكدت أن سياسات المتصرف الإسرائيلي، التي تمنع إعادة الأملاك أو التعويض عنها قبل تسوية النزاع، لا تستدعي تدخلًا قضائيًا كونها تخضع لاعتبارات الجيش المحتل (القانون الدولي للاحتلال) وليس لاعتبارات القانون المدني الإسرائيلي كما هو الحال في القدس الشرقية بعد ضمها.
ختمت المحكمة الإسرائيلية حكمها بالتأكيد على أن القانون الدولي هو المرجع الأساسي في التعامل مع الأملاك الواقعة تحت الاحتلال العسكري في الضفة الغربية، مشيرة إلى درايتها بوجود ازدواجية قانونية بين تعامل «إسرائيل» مع الأملاك في القدس الشرقية (إعادتها «لأصحابها») مقارنة بتعاملها مع أملاك ورثة فاليرو في الخليل (تخضع لقانون الاحتلال العسكري).
يرى اليمين الإسرائيلي بأن قرار المحكمة الإسرائيلية في قضية فاليرو يستند إلى تفسير «غير دقيق» للأوضاع القانونية والتاريخية، ويتجاهل الأسس الجوهرية للقانون الدولي التي يجب أن تحكم مثل هذه القضايا. وفقًا لمفسرين من التيار اليميني الاستيطاني، فإن مصادرة الأردن لممتلكات اليهود بعد سيطرتها على الضفة الغربية (1948-1967) كانت نتيجة «عدوان عسكري أردني» وضم «غير قانوني» للأراضي اتخذته الحكومة الأردنية، وبالتالي فإن الاعتراف بهذه المصادرات كأملاك حكومية أردنية هو خرق لمبدأ قانوني راسخ في القانون الدولي، وهو مبدأ «ex injuria jus non oritur»، الذي ينص على أن الحقوق القانونية لا يمكن أن تنشأ من أعمال غير قانونية. ولا يرى هذا الرأي الانتقائي أي ضير في اعتداء «إسرائيل» على الضفة الغربية واحتلالها وانتهاك القانون الدولي بنقل سكانها اليهود للاستيطان في «أرض محتلة»!
وتقوم الادعاءات التي يقدمها مركز الأبحاث الاستراتيجية الصهيونية (Institute of Zionist Strategies)، وهو مركز يميني داعم للاستيطان في الضفة الغربية، على إحالة انتقائية لاتفاقية لاهاي لعام 1907، التي تؤكد أن سلطة الاحتلال ملزمة بحماية الممتلكات الخاصة، وأن «المصادرة القسرية» من قبل الأردن دون تعويض تعد انتهاكًا صارخًا لهذه القوانين، بحيث أن القانون الدولي يسمح بمصادرة ممتلكات العدو أثناء الحرب، ولكن بشرط التعويض أو إعادة الممتلكات عند انتهاء النزاع، وهو ما لم تلتزم به الأردن التي أنهت نزاعها مع «إسرائيل» بتوقيع اتفاقية سلام عام 1994.
كما وينظر اليمين الإسرائيلي الحاكم أن على «إسرائيل» «التزامًا تاريخيًا وأخلاقيًا» بإعادة الممتلكات اليهودية المصادرة في الضفة الغربية، تمامًا كما تولت مسؤولية استعادة أملاك اليهود التي صودرت خلال الهولوكوست أو من قبل الأنظمة العربية التي طردت المجتمعات اليهودية وصادرت أملاكها. وعليه، توصي الدراسات التي تقدمها مراكز أبحاث اليمين الإسرائيلي لصناع القرار في «إسرائيل» بأنه يجب على الحكومة الإسرائيلية تعديل موقفها القانوني لتصحيح الخطأ التاريخي الذي وقع بقرار المحكمة العليا لعام 2011 في قضية فاليرو من خلال سن تشريع جديد يسمح لأصحاب الممتلكات اليهودية أو ورثتهم باستعادة أملاكهم أو الحصول على تعويض عادل عنها. كما تقترح مراكز الأبحاث إنشاء لجنة إسرائيلية خاصة لحصر الممتلكات اليهودية المصادرة منذ عام 1948، والعمل على «إعادة الحقوق وفق آليات قانونية واضحة وشفافة»، مع ضرورة «توجيه رسالة سياسية ودبلوماسية قوية إلى المجتمع الدولي توضح فيها أن إعادة هذه الممتلكات ليست مجرد نزاع عقاري، بل هي تصحيح لظلم تاريخي واعتراف بحقوق أصحاب الأملاك «الشرعيين» من اليهود والذين سلبوا ممتلكاتهم جراء عدوان [أردني] غير قانوني».
تتألف الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تشكلت في كانون الأول 2022، من ائتلاف يضم حزب الليكود بقيادة بنيامين نتنياهو، وحزب الصهيونية الدينية بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وأحزاب يمينية ودينية أخرى. يُعتبر هذا الائتلاف الأكثر يمينية في تاريخ «إسرائيل» وأجندته الاستيطانية في الضفة الغربية واضحة ومنصوص عليها في المبادئ التوجيهية لعمل الحكومة.
فيما يتعلق بالضفة الغربية، يتبنى الائتلاف الحالي سياسات توسعية تهدف إلى تعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، ونصت المبادئ الناظمة لعمل الحكومة في بندها الأول على أن:
«للشعب اليهودي حق حصري لا جدال فيه في جميع أنحاء أرض إسرائيل. الحكومة سوف تقوم بتطوير الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية [في النص الأصلي ورد: في يهودا والسامرة]».
وقد تشكلت الحكومة الإسرائيلية الحالية بناء على اتفاقات ائتلافية (تعتبر مرجعًا لعمل الحكومة)، ما بين حزب الليكود من جهة (الذي شكل الائتلاف الحاكم)، وما بين كل واحد من الأحزاب الخمسة الأخرى التي انضمت للائتلاف.[9] في الاتفاقية الموقعة ما بين حزب الليكود وحزب الصهيونية الدينية، والموقعة بتاريخ 28 كانون الأول 2022، ورد في المادة رقم 127:
«ستوجه الحكومة القائد العسكري [في الضفة الغربية] للتوقيع على أمر بتعديل التشريع الأمني [الأمر العسكري 59 و58] الذي بموجبه تُعاد (..) الأملاك لأصحابها الذين اشتروها قبل عام 1948، والتي يتم الاحتفاظ بها حاليًا تحت اسم «أملاك العدو»».
وبينما لم يشمل المركز الإسرائيلي للديمقراطية هذه القضية أثناء تحليله لتبعات الاتفاقيات الائتلافية على مستقبل الضفة الغربية،[10] فإن المنظمات الحقوقية اليسارية الإسرائيلية ركزت عليه، واعتبرته شبيهًا في تبعاته للقانون الإسرائيلي الذي فُرض على القدس الشرقية بعد ضمها لـ«إسرائيل» والذي «أمر» بإعادة الأملاك اليهودية الى أصحابها اليهود أو ورثتهم.[11]
حتى بداية العام 2025، لم تتخذ الحكومة الإسرائيلية بعد إجراءً تنفذ بموجبه البند 127 من الاتفاقيات الائتلافية مع حزب الصهيونية الدينية. ولم تجمد الحرب الإسرائيلية العمل بموجب بنود الاتفاقيات الائتلافية، خصوصًا فيما يتعلق بالضفة الغربية، إذا أن العديد من بنود هذه الاتفاقيات تم تنفيذها خلال 2023-2024، وأهمها: تحويل عشرات البؤر الاستيطانية إلى مستوطنات رسمية، وتوسيع صلاحيات «مديرية الاستيطان» تحت سلطة المستوطنين، وتعديل إجراءات البناء وتوسيع الاستيطان داخل لجنة التخطيط العليا التابعة للإدارة المدنية، وتوسيع صلاحيات وزيرة الاستيطان على «قسم الاستيطان» التابعة للوكالة اليهودية، وتخصيص ميزانية خاصة لتطوير الاستيطان بمصادقة وزارة المالية، توضع تحت تصرف وزارة الاستيطان، بما يشمل ميزانية خاصة من وزارة المواصلات، وتعديل قانون الانسحاب من شمال الضفة الغربية، ووضع مخططات بناء في جبل صبيح والشروع ببناء مستوطنة «آفاتار»، وتعزيز الاستيطان في الخليل.
يشير هذا التوجه الى أن حكومة نتنياهو عازمة على المضي قدمًا في تحقيق كافة بنود الاتفاقيات الائتلافية دون أي اعتبار للقانون الدولي، أو التبعات السياسية والإقليمية للأمر.
[1] Russell A. Shalev, «The Status of Former Jewish Assets in Judea and Samaria – Rethinking the Court’s Ruling in Valero», Institute for Zionist Strategies, February 2019.
[2] استند هذه الأبحاث الإسرائيلية إلى شهادات من مصادر متعددة، منها كتاب «التاريخ الجغرافي للاستيطان اليهودي» للكاتب دبير، و«تاريخ حرب الاستقلال» للكاتب كينوهل، بالإضافة إلى وثائق الأرشيف الصهيوني المركزي التي توثق صفقات شراء الأراضي وأسماء المشترين والمناطق التي اشتروها.
[3] يذكر أن منظمة التحرير الفلسطينية تأسست عام 1964.
[4] دافار، «رد الناطق باسم الحكومة الإسرائيلية على الضم الأردني»، منشورة بتاريخ 25 نيسان 1950. [بالعبرية].
[5] Russell A. Shalev, «The Status of Former Jewish Assets in Judea and Samaria«
[6] إيل زامير، «الأوضاع القانونية للأراضي المملوكة لليهود قبل 1948 في يهودا والسامرة، قطاع غزة، والقدس الشرقية»، معهد القدس لدراسة إسرائيل، 1993.
[7] القانون استثنى أصحاب الممتلكات الفلسطينية في القدس الغربية (التي تم احتلالها عام 1948 خلال النكبة)، الذين تركوا ممتلكاتهم ونص القانون أن بإمكانهم فقط المطالبة بتعويض مالي وليس استعادة للعقارات التي بات يسكنها ويستخدمها إسرائيليون.
[8] حول القضية، انظري مركز الدفاع عن الفرد (هاموكيد).
[9] حول الاتفاقيات الإئتلافية، انظري المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، هنا، لقراءة النسخة الأصلية من الاتفاق.
[10] المركز الإسرائيلي للديموقراطية، «تحليل الاتفاقيات الائتلافية للحكومة الـ37»، 30 كانون الأول 2022.
[11] المنظمات هي جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، جمعية «لنكسر الصمت»، المركز الإسرائيلي للشؤون العامة (OFEK)، ومنظمة «يش دين». انظري الورقة السياساتية.