اللغة العربية الفصحى ام اللهجة المحلية؟

الثلاثاء 22 كانون الأول 2009

بقلم: مريم ابو عدس

alphabetاستغربت من شعوري لما كتبت بالعربي العامي لأول مرة. كان عندي شعورين متناقضين. من ناحية، شعرت اني بخون الّلغة العربية التي تربيت على غرامها من صغري، و لاقيت نفسي متل كتير من الناس، بستهجن استعمال اللهجة العامية في منبر عام مكتوب. بالرغم من انه نحنا في حياتنا اليومية، بنعتز بلهجاتنا المحليه، و بنستخدمها بفخر بجميع تداولاتنا الرسمية و الغير رسمية و في المنابر العامة والخاصة. بالعكس، في كتير من الأحيان لهجاتنا المحلية والمختلفة هي طريقتنا بالتعبير عن هويتنا، فبنلاقي انفسنا بتستخدم لهجة معينه مع اصحابنا وفي اماكن بنشعر بالراحة فيها، وبنستخدم لهجات مختلفة تماما في جلسات عائلية أو قبلية معينة. و لكن في كل هذي المواقف، ما عمرنا بنستخدم اللغة العربية الفصحى.

وهذه النتيجة بتاخدني للشعور التاني. و انا عم بكتب، شعرت اني عم بعبّر بسلاسه و بسهولة، و شعرت انه هذي اللهجة، أقرب لسجيتي من اللغة الفصحى اللي، للأسف، صارت غريبة عنا و صعبة علينا.

النقاش اللي دار على حبر حول هذا الموضوع، فتح الباب لكتير من الأسئلة حول هذا الموضوع.

و منها، هل كنا دائما بنستخدم اللغة العربية الفصحى، و تغيرنا و صرنا نستخدم اللغة العامية بعد دخول الإستعمار علينا؟  ام كانت اللغات العامية دائما موجودة؟  وهل كانت اللغة اللي بنسميها اليوم “العربية الفصحى” لهجة  من بين عدة لهجات مختلفة؟ و بعدين تم اعتمادها كلغةً معيارية؟  في هذي الحالة، شو صار باللهجات التانية، هل اختفت و اندثرت؟ ام تطورت وانتشرت؟  وهل كانت هذي اللغات مرتبطة بمنطقة جغرافية مثل ما اليوم اللهجات المحلية بتتشابه و بتختلف على حسب البعد الجغرافي و الظروف التاريخية اللي اثرت على المنطقة؟

على حسب الجابري في كتابه “نقد العقل العربي”، اللغة العامية مش اشي دخل على حياتنا من جديد. اللغه العامية كانت ملازمة للغة العربية الفصيحة من البداية . ولكنها تغيرت وتطورت كتير مع مرور الوقت، بحيث دخل عليها الكثير من الكلمات الاجنبية من التركية، الفارسية، وبعض المفردات من اللغات اللاتينية والأنجلو ساكسونية. واكيد اختلاف اللهجات العامية على امتداد الوطن العربي بيرجع لاختلاف الدول المختلفة اللي احتكت فيهم هذي البلدان. فبنلاقي في المغرب تأثير فرنسي وامازيغي (بربري) أكبر، بينما بنلاقي في العراق تأثير ايراني وتركي وانجليزي اكبر.

اما العربية الفصحى فهي لهجة اهل قريش، تم انتشارها بعد الاسلام. و صارت اللغة العربية وقوانينها تجارة رابحة و خاصة في عز العصور الإسلامية.  و لهذا السبب دونوا لهجة قريش، وظهرت مدارس النحويين في الكوفة والبصرة التي عملت على ترسيخ  اللي بنعرفه اليوم  باللغة العربية الفصيحة.

وانا بلاقي نفسي  حيرانه بين رأيين، لأنه كل واحد فيهم له سلبياته وايجابياته. من ناحية، انصار اللهجات العامية بقولوا انه هذي اللهجات هي لغات فصيحة لأنها بتخدم أغراض مجتمعاتها، و هي تعبير عن هوية مستخدميها. وهم بيقولوا انه اللغة العربية الفصحى هي لغة بنتعلمها في المدارس، و بنشوفها على بعض البرامج التلفزيونيه، و لكنا للأسف ما بنتقنها وصارت لغة اجنبية متل أي لغة اجنبية تانية.  و بقولو انه لغتنا الأم هي اللغة اللي بنتعلمها وبنتداولها بدون صعوبة وتكلف وبدون مدارس.

و في حديث عن الرسول بيدعم فكرة انه الرسول كان بيحترم اللهجات المحلية، فبقول الحديث أن رجال من تهامة راحوا للرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا مسلمين ، فسألوه ” هل من امبر امصيام في امسفر؟” فقال لهم  الرسول عليه الصلاة والسلام “ليس من امبر امصيام في امسفر “
وكان قصدهم “هل من البر الصيام في السفر؟” فرد عليهم الرسول بنفس اللهجه…

ومن ناحية تانية، بستعجب من نفسي لما بقعد مع ناس من المغرب العربي مثلا، و ما بفهم عليهم ولا كلمة. وبشعر بالحزن لما نكون مجموعة عرب من بلدان عربية مختلفة، عم بنحاول نحكي مع بعض، وكل واحد بيحكي بلهجته و بندرك انه مش فاهمين على بعض، و اذا بدنا نتواصل لازم نحكي اما بالعربي الفصحى او بلغة اجنبية.

يمكن النتيجة الشخصية اللي توصلتلها  في النهاية هي انه نحنا مش لازم نخجل من لهجاتنا العامية والمحلية، لأنها هي بتثري ثقافتنا. و كلماتها و تعبيراتها، بتعكس اصلنا وتاريخنا واعراقنا وهويتنا. و لكن لازم نعتز بلغتنا العربية، اللي كانت دائما هي العامل اللي بيجمعنا على اختلافاتنا.

بس كمان مش لازم ننسى انه العروبة هي مفهوم عليه كتير اسئله استفهام تاريخية. و منها متى صارت عنا هوية عربية؟

بحب انوِّه انه في توجه في المدونات العربية، باستخدام اللهجات المحلية، و حتى انهم صاروا ينشروا كتب بهذه اللهجات. و بحب اطرح فكرة مفتوحة للنقاش، و هي اذا كان استخدام اللهجات العامية  في الدول العربية مقبول اجتماعيا،  هل بيكون هذا عامل بيشجع على التعبير وبالتالي بيشجع على الحراك السياسي؟ ام ان استخدام اللهجات العامية بيعمل على تفرقة العرب اكتر واكتر و بتعمل على تعميق الشعور بالوطنية والإنعزالية؟

و اخيرا بغض النظر عن نتيجة النقاش، انا بعتقد انه لازم يكون الخيار باستخدام اللغة العامية متاح للناس انهم يعبروا عن حالهم.

فشو رأيكم؟

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية