منذ وقت ليس ببعيد، شهد الحرم الجامعي أحداث عنف و مشاجرات جعلت من مسألة الأمن داخل أسوار الجامعات قضية تشغل الرأي العام، خصوصا و ان عدد المشاجرات بلغ ما يقارب 767 مشاجرة في الفترة ما بين عامي 1995 – 2007 و هو ما يعادل مشاجرة واحدة لكل أسبوع دراسي وفق الاحصاءات الرسمية.
لا يملك من يشهد المشاجرة و ما يتخللها من الرشق بالحجارة، و استخدام الأسلحة داخل الحرم الجامعي و من ثم يستمع إلى الاسباب التي أشعلت فتيلها إلا أن يضم صوته و يساند أي عقوبات تأديبية تتخذها ادارة الجامعة بحق الطلبة المشاركين في هذه الأعمال.
بيد أن سماع الرواية من خالد، و هو طالب جامعي سابقا ومفصول حاليا، قد تحمل صورة مختلفة و معقدة، حيث أنه لا ينكر أنه كان يحمل السلاح معه طوال الوقت ولا يجد مبرر مقنع غير انها “عادة” تعلمها من “الأكبر منه” فقد كان يعتقد ان السلاح ضروري “حتى تاخذ حقك بايدك” و هو ما يرفضه اليوم و يعترف بأنه سلوك خاطئ يمكن أن يطبق في شرائع الغاب فقط.
يقول خالد أن معظم المشاجرات التي اشترك بها، بما في ذلك المشاجرة التي فصل على اثرها من الدراسة، بدأها في الغالب أفراد من عشيرته فوجد نفسه مضطرا لمساندتهم، فكما يقول خالد ” انا كبيرهم في الجامعة و مثل مستشارهم أي مشكلة لازم اتدخل”.
احد هذه المشاجرات كانت بسبب خلاف حول أحقية مجموعة في الجلوس على مقاعد في احد أركان الجامعة، وأخرى تأججت بسبب رسائل بعث بها أفراد مجموعة أخرى على أحد المحطات الفضائية و غيرها من الأسباب التي يعتبرها خالد “تافهة” و لكنه يقول أن مفتعلي الشجارات عادة ما يكونوا تحت تأثير مواد مخدرة و مشروبات روحية ما يجعل التفاهم معهم صعبا للغاية.
حتى و ان كانوا في وعيهم، فهو يقول بأنه لا يستطيع أن يواجههم بأن ما يقومون به هو تصرف غير حضاري و لا يليق بحرم جامعي، فبينما يشارك معتقداته المختلفة مع طلاب من جماعات اخرى لا يملك الا ان يجاري أفراد عشيرته بمعتقداتهم لأنهم كما يقول “لن يتقبلوا الاختلاف…و يعتبرون أن تصرفاتهم طبيعية” ولن يقبلوا التفكير بمستقبله الدراسي كعذر لأن “كرامتهم خط أحمر.”
خالد أخذ زمام المبادرة عدة مرات وحاول الاتصال بمسؤولين في الجامعة ليعرض لهم مقترحات تحد من العنف و تعمل على نشر الوعي بين الطلاب، وقد باءت معظم محاولاته بالفشل بسبب ما يسميه اللامبالاة من قبل المسؤولين وتخوف البعض من وجود طلاب على درجة كافية من الوعي و”هو ما لا يصب في مصلحتهم على عكس ما يبثون في أيام الإنتخابات و المناسبات الوطنية وأيام إنشاد المديح و التغني بالإنجازات”، بحسب قوله.
يروي زميل لنا أنه حضر اجتماع نظمه طلاب للالتقاء بمسؤول في الجامعة قبيل الانتخابات الطلابية، و يقول أن المسؤول أرسل رسالة ضمنية مفادها أن على الطلاب الحاضرين التمسك بوحدتهم و التي ليس لها أساس برامجي بالمناسبة، و ذلك ليس لتقويتهم هم فحسب و انما لإبعاد تحالفات أيدولوجية أخرى تشكل هاجسا مستمرا لدى المسؤولين في الجامعة.
ويسرد لنا خالد تفاصيل لقاءه بمسؤول أخر، فقد التقاه ذات مرة و اقترح عليه العمل على زيادة الوعي السياسي لدى الطلبة فوافقه المسؤول الرأي و أبدى حماسة للعمل معه إلى ان اكتشف أن صاحب المبادرة هو نفسه “صاحب سوابق”.
يجادل خالد بأن مظاهر “العشائرية السلبية” لا تخدم الأردن و يجب أن تزول، و هو يعي أنها لا تتبدل بين ليلة و ضحاها و لكنها سوف تتبدل تدريجيا، بالتزامن مع اعتماد الكفاءة كمعيار وحيد لمنح الامتيازات داخل الجامعة، ويؤكد بأن الأمور تحتاج إلى وقت طويل، فيقول ” يمكن ما نقدر نلغيها من أولها بس على الاقل نحاول نسيطر عليها”.
لا يخفى أن أخبار الحوادث و الجرائم كثرت في الآونة الأخيرة، و لم يسلم منها أحد: الجنين، تلميذ المدرسة، المعلم، الجامعي…..و غيرهم الكثيرون ممن وقعوا ضحايا لموجة عنف متصاعدة. و لكي تنحسر هذه الظاهرة علينا أن ندرس أسبابها بعمق و تأن لتداركها.
إن بعضا من أولياء الأمور يلجؤون للعنف، فهم يضربون الطفل في حال عصيانه و ثم يقدمون له العنف على أنه الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل التي تواجهه، و ما زلنا –للأسف- نسمع بعض الأمهات و الآباء يرددون عبارات مثل:” اللي بضربك اضربه” أو ” خذ حقك بإيدك” و غيرها الكثير من العبارات مقللين من شأن من يلجأ إلى سبل أخرى و على رأسها الحوار.و حين يبدأ الطفل بالذهاب للمدرسة يجد –في كثير من الأحيان- أن المعلم يهدد بالضرب تارة و يضرب مرة أخرى، و يترسخ لديه غالبا مفهوم العنف على أنه المنقذ في كل الحالات سواء أكان ذلك موجها ضد زملائه أو معلمه أو حتى أفراد أسرته.
إن البيئة الاجتماعية الأردنية بشكل عام مشحونة بالمصطلحات العنيفة، و لنأخذ على سبيل المثال بعضا من الأغاني “المسماة ” بالوطنية التي لها جمهور عريض، ومنها ما يقول: “واللي يعادي أردننا… …. نخلي عظامه تتطقطق” لعل من يسمعها يستشعر أننا شعب عنيف و دموي حتى في تعبيرنا عن الحب لوطننا! بل سنجد ذلك حتى في لغتنا اليومية و سياق حواراتنا البسيطة حيث أن الطابع الغالب يتسم بالعنف نوعا ما. و تنقل لنا النشرات الإخبارية بكافة أشكالها كل يوم وقائع أليمة من عالم يسوده العنف على كافة الأصعدة و لا شك أن لذلك تأثيرا عميقا على مجتمعنا لا سيما أننا حتى في تعبيرنا عن أنفسنا أو دفاعنا عن واجبنا نجد طريقة لاستعمال العنف.
إن العامل الأهم في تكوين هذه الثقافة دون أدنى شك هو الجهل، فإذا كان الشخص غير واع و مدرك بأنه ليس أفضل من الآخرين بأصل أو مال أو غيره ،و في حال كان يجهل تماما ماهية وجوده و أهدافه و أبعاد تصرفاته فإنه سيلجأ حتما للعنف. و هنا يجب التأكيد على أنه من اللازم إيجاد ثقافة الحوار و الاختلاف عوضا عن ثقافة العنف و الفرض. و إن خير ما يثبت ذلك هو سلسلة المشكلات التي حصلت في الجامعات الأردنية و التي يفتعلها الجاهلون و من يتبعهم من أمثالهم. و لعله من المثير للسخرية و الشفقة في الوقت ذاته أن طلاب الجامعات الذين يفتعلون تلك النزاعات هم من يقع على عاتقهم دحض الأفكار و التصرفات الرجعية التي لا تصب في مصلحة أحد، و هم من نعول عليهم ليبادروا بالتغيير.
قد يكون “الفراغ” أيضا أهم العوامل التي تسهم في الاستمرار في استخدام العنف بل و ابتكار أساليب جديدة، فمن المحتمل أن عدم انخراط فئات المجتمع و خصوصا الشباب في سلسلة من النشاطات و الفعاليات على اختلافها قد يترك المجال لمفاهيم خاطئة بأن تستقر في أذهانهم، و أفكار سلبية تنأى بهم عن مشاركة فاعلة تتيح لهم الإبداع و التعبير عن أنفسهم بطرق أخرى غير العنف و بذلك تكون حضارة هادمة بدلا من أن تكون بناءة.
لا بد أن تتخذ إجراءات صارمة بما يتعلق بثقافة العنف التي باتت تسود أماكن كثيرة و الأخطر من ذلك الكثير من العقول التي لم تعد حتى تبتكر أساليب صحية للتواصل الإنساني و التصالح مع الناس لتتماشى و مفهوم العديد من الناس للعنف على أنه الحل الأمثل لكل ما يمكن أن يواجه الإنسان من صعوبات. و إن كان علينا أن نوجد بديلا لهذه الوسيلة فيجدر بنا أولا أن دراستها بكافة ما أتيح إلينا من علوم و طرق و ثم تطبيقها ليصبح الحل بالحوار و الاحترام، الذي لا زالت ثقافته قيد الصنع…
ويقول المثل : اسأل مجرب ولا تسأل حكيم، فلنتجاوز حاجز “السوابق” لذا أعتقد أن على المسؤولين أن يولوا أشخاصا كخالد اهتمامهم لأنه ملم بطبيعة المشاكل وأسبابها وقد يكون لديه اقتراحات بناءة لنصل لمن يؤمن بالعنف… ولتقم الجامعات حقا بتنمية طلابهم فكريا بشتى الطرق لكي تصبح لهم هوية ومتنفس يصلون من خلاله لوحدتهم على اختلاف أصولهم برغبتهم أن يصبح الواقع أفضل.
تكمن المشكلة من حيث نقطة البداية … في التربية فكما يقول خالد أنه اعتاد حمل السلاح “عادة اتعلمها من الأكبر منه”, فحتى و ان كانوا مقتنعين بتفاهة الأسباب الذي تحملهم على القيام بمثل هذه التصرفات الهمجية الا انه لا يستطيع ان يكون مختلفا و غير قادر إلا على مجاراتهم لأنه “نا كبيرهم في الجامعة و مثل مستشارهم أي مشكلة لازم اتدخل” و للأسف فكونه كبيرهم أدى ذلك الى فصله من الجامعة بسبب مشاجرات تافهة لا تحمل أي معنى من معاني “الكبر و النضج”..
مشهد المشاجرات مشهد مؤسف لأي جامعة لأنه يعبر عن المستوى الثقافي اللمنحدر لدى الطلاب … غيبوا لغة الحوار و استندوا على لغة “البقاء للأقوى” …!
With the medical science advances, We know more about the enhancement of health problems. Exercise is the key to strengthen health.According to the post that running every morning is the simplest way if you don't want to go to the gym. It teach you a lot about exercise methods here.I feel it is good for us.On the other hand,I want to buy some fashion things in these websites but I dont know how to choose.I hope you can help me.thank you very much! Dior homme shoes
[…] All in all, the word intellect gives them shivers! Which also reminds me of this article at 7ibr. Posted by Haitham Seelawi at 1:43 PM Labels: dump type of people, education, I […]