أريد أن أحذو حذو شهرزاد: تحكي لتعيش

الخميس 06 أيار 2010

بقلم سعاد نوفل

لست حكواتية، ولم يطلب مني ذات يوم ان احكي حكاية! لكنني كغيري نشأتُ في كنفِ عائلة تحب الحكي وتجاوزت الثلاثين بقليل وما زلت أحلم بحكايا والدتي كل ليلة..

الحكواتية المصرية نورا أمين

الحكواتية المصرية نورا أمين

مما لا شك فيه أنني كنتُ محظوظة كفاية لأشهد الدورة الأولى لملتقى حكايا السنوي في الأردن قبل ثلاث سنوات حيث يشكل الملتقى مساحة للحكي وفرصة طيبة للقاء الحكواتيين، المسرحيين، الفناننين، المحترفين وآخرين ما زالوا في بداية حياتهم، يأتون من أماكن مختلفة من العالم ليجتمعوا في مساحة واحدة، يشاطرونا حكاياهم التي لم تكن تنتهي بانتهاء عرضٍ أعدِ على خشبة مسرح أو في قاعة اكتظت بجمهور جاء متلهفاً لسماع الحكايا، بل كانت الحكايا تمتد إلى منتصف الليل وتتعداها بقليل.

وعاماً بعد عام بدأتْ دائرة ملتقى حكايا تتسع شيئاً فشيئاً  وخلال الدورة الثانية اشتملت بلداناً عربية جديدة وأخرها متوسطية، وحكائين محترفين وتقليديين جدد، وبدأت عروض الملتقى تمتد للعديد من المواقع لتصل وسط البلد وإلى جبل النظيف وبين أحضان جبل اللويبدة، بل وامتدت العروض إلى خارج مدينة عمان لتنشر الحكي في كل مكان، وفي تلك الأثناء بدأت ورش العمل تثمر واصبح هنالك العديد من الحكواتيين الشباب يولدون والذين أصبحوا فيما بعد جزءاً من ملتقى حكايا السنوي حيث يجتمعون في “سوق الحكايات” ليحكوا حكاياتهم. وبدأت حكايا عمان كمدينة تحتل جزءً هاماً من حوارات الفنانين والمعماريين الذين عاصروا المدينة واختبروا نسيجها العمراني والمدني، واحتفى الملتقى بالمجتمعات الشفهية في لقاء متخصص ضم العديد من الحكواتيين والمسرحيين ومن لهم علاقة بفن الحكي بالإضافة إلى عروض لسينما الحكايات، وبين كل هذا وذاك لطالما شعرت بداخلي أن ملتقى حكايا هو أكثر من مهرجان اتواجد به بحكم العمل حيث تولد العديد من الحكايا صدفة على ناصية الطريق، بل هو بالنسبة لي تجاور اعيشه بتفاصيله اليومية على مدار أسبوع بأكمله مع كل اولئك القادمين المحملين بالحكايا.

قد تكون حكاياتنا اليومية والتي نختبرها مع أصدقائنا ومن هم حولنا والتي تأتي على نحو غير مقصود، هي من اجمل الأشياء التي نختبرها في الحياة، إلا أن اختبار “حكايا” وتجربة الإلتقاء بأناس صادقين وحقيقيين لم نكن يوماً معهم على موعد، تجربة لها مذاق خاص نتبادل خلالها حكاياتنا وثقافتنا الحقيقة كما هي ليكبر معها تفكيرنا ليصبح أعمق وأصدق، هذا هو التعلم الحقيقي والذي كنت اجده في حكايا والدتي في الصغر.

وفي الدورة الثالثة لهذا العام والتي انطلقت فعالياتها في الثالث من أيار وتستمر لغاية اليوم العاشر من الشهر نفسه في الأردن يواكب ملتقى حكايا رحلته ويستمر مهرجان حكايا باستحضار حكواتية ملهمين وملهمات، صغار وكبار، تقليديين ومسرحيين من العالم، بالإضافة إلى عروض أفلام وورش عمل متخصصة للاطفال والحكواتيين الشباب، واواصل الترقب للقاء أناس حقيقيين وصادقين لم اكن يوماً معهم على موعد. لا شك بأن الحكاية تجعل من اللحظات أكثر متعة واكثر صدقاً وتجعلنا أكثر إقبالاً على الحياة، أريد أن أحذو حذو شهرزاد: كانت “تحكي لتعيش”.

هذه المقالة نشرت في مجلة واو البلد

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية