أين سيكون الأردن عام 2020؟

الأربعاء 10 تشرين الثاني 2010

خلال لقاء جمعه بمجموعة من المواطنين، طلب رئيس الوزراء سمير الرفاعي من الحاضرين أن يتخيلوا مستقبل الأردن، سألهم عن شكل المستقبل الذي يريدون في عام 2020 وطلب منهم أن يكون هذا المستقبل هو “البوصلة” التي تحرك قراراتهم اليوم.

حقا، كيف سيكون شكل الأردن عام 2020؟ يقول رئيس مجلس النواب السابق عبد الهادي المجالي أن الأحزاب الأردنية سوف تتمكن من تشكيل الحكومة في عام 2014، لأنه يتوقع أن تشهد تقدما ونضوجا يؤهلها لهذا الدور.

اذا، حتى تتحقق هذه الرؤية، من البديهي أن الاصلاح سوف يكون أمرا واقعا، أمرا ملموسا، لأن الرؤية تقتضي أن ينخرط المواطنون في الأحزاب دون أن يشعروا بالقلق على مستقبلهم المهني وبأجواء من “الحرية المسؤولة”، سوف يكون هناك قانون انتخاب يسمح ويقر بالتعددية الحزبية ويتيح لهذه الأحزاب المجال للتنافس على أساس البرامج.

ولأن أرشيف المقالات والتحليلات يؤكد لنا أن أي اصلاح لا يكون ذو معنى الا اذا تم التوافق على قانون انتخاب عصري، فاذن كيف سيرى هذا الاصلاح النور؟

يقال أن النواب الذين نجحوا على أساس الصوت الواحد لن يتنازلوا عن مصالحهم ويعدلوا القانون، أي أن التعديل لن يكون عن طريق مجلس النواب السادس عشر. والحكومات المتعاقبة لن تسن قانون انتخاب يعيد للمجلس دوره وهيبته ويفقدها السيطرة على مجريات الأمور، أي أن التعديل المطلوب لن يمر من الدوار الرابع حيث يعتصم الناشطون.

وجمهور الناخبين لا يملك سن قانون، كما أن مضمون وشكل القانون ما يزالان موضع جدل عقيم “في أوساط النخب المثقفة” يقال أنه سيستمر في الدوران في نفس الحلقة إلى حين “حل القضية الفلسطينية”.

اذن هل يمكن التوافق والوصول إلى “حالة اصلاح” قبل عام 2014؟ بالتأكيد لست مؤهلة للحديث والتكهن، ولكنني لا زلت أذكر شعارات ومبادرات اصلاحية من قبيل “الأردن أولا”، و”كلنا الأردن”، و”الأجندة الوطنية” ولا زلت أرى يوميا أن آثارها تكاد تكون معدومة بين الناس. لربما لأننا مرة أخرى لا نتفق حول ما نريد من هذه الشعارات ونحتفظ بصور نمطية خاطئة في أذهاننا ونحرص على توريثها للأجيال المقبلة.

على الأرجح، سوف يواجه كل شعار نفس المصير ما لم نعمل على تغيير المعتقدات السائدة والصور النمطية الخاطئة، ليس فقط في الشق العلوي، بل من القاعدة أيضا. يجب أن يعلم من ينتخب نائبا لأنه “دبرله مقعد جامعة” أن هذا الجواب يعد مخزيا من شخص يصنفه المجتمع على أنه “مثقف”، ويجب أن يعلم من يجادل بأن “نائب الخدمات” هو النائب المثالي ويعتقد بأنه اختار الاجابة الصحيحة أنه اختار اجابة تصف “وضع الأردن” الحالي ولكن الأصل في النائب أن يفقه شيئا في السياسة.

ومن يعارض تخصيص مقعد اضافي للمدن الكبرى، يجب أن يقتنع أن هذه المقاعد لا يجلس عليها بالضرورة أردني من أصل فلسطيني، لأن فلسطيني الأصل قد يتنتخب أردني من أصل آخر يقتنع بأفكاره.

ويجب أن يفهم من ينظر إلى الحقوق السياسية على أنها ترف أنها ليست كذلك، وأن بإمكانهم أن يقرروا حياتهم ولا يتركوها إلى أهواء المسؤولين اذا ما كلفوا أنفسهم عناء التجربة. كما يجب ألا يعمم من يقول أن من يطالب بالحقوق السياسية هم أصحاب المناصب السياسية في السلطة الفلسطينية وقد “ملوا من انتظار العودة” ويرغبون في تقاسم النفوذ في الأردن، لأنه هذا ليس بالضرورة وصفا دقيقا.

يجب أن يعرف من يؤمن بأن الحقوق السياسية هي من حق فئة دون أخرى أن حرمان المواطنين من حقوق سياسية لا يصنع انتماءا ولا يشعر الشخص بمواطنته، ومن هنا قد لا يحق لأحد الاعتراض اذا ما عرف هذا الشخص نفسه على أنه غير أردني في أحد المطارات او أن يقول أنه “أردني إلى حين انتهاء المدة”، لأن هذا ما يقوله المسؤولون بين الحين والآخر.

يجب أن نضع قاموسا بالمصطلحات يضع حدا للتلاعب بها حسب الظروف، يجب أن يكون هناك تعريفا واضحا للمواطن حتى لا يكون يوما في الأسبوع “كل من يحمل الجنسية الأردنية”، ويكون في صبيحة اليوم التالي بشروط أخرى. من التعريفات الأخرى، مصطلح الوطن البديل، هل هو تهجير الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية إلى الأردن، أم هو تجنيس اللاجئين الذين لا يحملون رقما وطنيا، ام هو المساواة أمام القانون؟
قائمة الصور النمطية والمصطلحات تطول، ولكننا بحاجة إلى أن نبدأ في التفكير بهذه الصور، علما بأن حديثي عنها لا يسيء إلى الوحدة الوطنية بقدر ما يسيء إليها في كل يوم المعلقين على المواقع الالكترونية حتى تلك التي تلتزم في ميثاقها بعدم “نشر تعليقات تمس الوحدة الوطنية”.

بالمناسبة، ما هو الفعل الذي يسيء إلى الوحدة الوطنية، هل هو أن تشتكي أن فلانا سألك عن أصلك أثناء المقابلة، سواء أكانت في قطاع عام أم خاص، أم هو السؤال نفسه؟

هل ستكفينا أربع سنوات للاجابة على هذه الأسئلة؟

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية