بقلم داود كتاب
من أول مبادئ أي ميثاق شرف صحفي هو أن يقوم الإعلامي بالبحث ونشر الحقيقة، ولكن الصحف الأردنية لم تتبع مبدأ البحث عن الحقيقة في أحداث القويسمة يوم الجمعة الماضي.
مراجعة سريعة للصفحات الأولي لصحف يوم السبت تعكس محاولات المحررين لعب السياسة والتحيز بدلا من القيام بدورها الرئيس وهو البحث عن الحقيقة. فالسؤال المحير الذي كان من الضروري للإعلام أن يجيب عليه هو ببساطة : ما ذا حدث وما هو سبب الإصابات العالية لجمهور كان بالأساس يحتفل بالفوز- أي أنه لا يوجد للفريق الفائز أي حافز للتخريب والاعتداء على الآخرين إن كانوا الفريق الآخر أو قوات الأمن.
يقول المثل أن الصورة أفضل من ألف كلمة، فماذا قالت الصور في صحفنا صباح السبت اليوم الذي تلا الأحداث المؤسفة؟ صحيفتا الرأي والدستور امتنعت عن نشر أي صورة في صفحاتها الأولى عن الأحداث، وصحيفة الغد فنشرت صورة محايدة تظهر تجمع الناس حول سيارة إسعاف، أما العرب اليوم فنشرت صورة تظهر أحد الشبان من مشجعي الوحدات وهو يهرب مخلفا أحد الجرحى ملقى على الأرض مما يعطي الانطباع أن سبب الجرحى هو التدافع وهي الرواية الرسمية الحكومية.
ولكن يبقى السؤال هل ساهم الإعلام الأردني (وخاصة الورقي) في إظهار الحقيقة؟ هل ما نشر هو كل ما كان لدى المحررين؟ أم هل امتنع المحررون عمدا عن نشر صور كانت قد ساهمت في الكشف عن الحقيقة؟
قد يقول البعض إن الصحف فضلت الابتعاد عن الإثارة وقررت عدم توسيع رقعة الخلاف ودعم الوحدة الوطنية بدل من سكب الزيت على النار، ولكن هل نشر الحقيقة يؤجج فعلا الخلاف أم أنه يساعد على جلاء الحقيقة؟
الادعاء أن عدم النشر يساهم في حل الأزمة لا يتناسب مع الواقع والذي يسوده حالة من عدم الثقة بأقوال الحكومة وبالذات جهاز الدرك الأمر الذي نتج عنه تشكيل لجنة تحقيق رسمية، فالمشكلة لا تزال لغاية الآن ببساطة معرفة ما جرى وهل كانت الإصابات نتيجة التدافع فعلا، وما هو سبب التدافع؟ وما هو دور الدرك في كل ما جرى؟
الصور التي لم تنشرها صحفنا اليومية والتي وزعت عبر وكالات الأنباء العالمية تحكي قصة أخرى وليس غريبا أن تعتمد صحف إسبانية انتقادها لدور الدرك بناء على الصور الموزعة عالميا، فمثلا هناك صورة وزعتها وكالة أنباء رويترز توضح بما لا يترك أي شك قيام أعضاء من الدرك بضرب مشجعي الوحدات وهم جالسون على مقاعدهم أي أنهم لا يتسببون بأذى لأي شخص آخر.
صحفنا الكبيرة وحتى الصغيرة مشتركة في وكالات الأنباء العالمية ومنها رويترز فلماذا تم حجب الصور التي تساهم في معرفة القراء لحقيقة ما جرى؟
من الطبيعي أن الصور الفوتوغرافية لا تظهر تسلسل الأمور وقد يعتقد البعض أنها لا تكفي لإعطاء الصورة الكاملة لما جرى قبل التقاط صورة فوتوغرافية، فماذا تظهر أشرطة الفيديو والتي كانت متوفرة خلال دقائق من الحدث من خلال الفضائيات و منها الجزيرة ومن خلال المواقع اليكترونية ومنها يوتيوب؟
مرة أخرى تظهر أشرطة الفيديو رواية مخالفة للرواية الرسمية، فهل كان بإمكان صحفنا ومحررينا الاستفادة من تلك الأشرطة لمعرفة ومن ثم نشر الحقيقة؟ لقد أظهر محررونا مستوى متدني من الحرفية في التعامل مع أحداث القويسمة وسمح المحررون لأنفسهم لعب دور المنحاز في حين أن دور الإعلام الأساس هو البحث عن الحقيقة مرّة كانت أم حلوة.
الحقيقة باتت معروفة الآن بفضل اليوتيوب وصور وكالات الإعلام الدولية وبات الجميع (ما عدى محرري الصحف اليومية) على دراية كبيرة بما حدث وسينتظر الجميع نتائج التحقيق الرسمي، ولكن صحفنا اليومية تخسر مرة أخرى أكثر وأكثر من مصداقيتها ومن ثقة الجمهور بها.
لمشاهدة صور الغد والعرب اليوم:
250 مصابا في عنف وتدافع بعد مباراة الفيصلي والوحدات
وزير الداخلية يشكل لجنة للتحقيق باحداث مباراة الفيصلي والوحدات
الصورة الرئيسية نقلاً عن رويترز