عفوا أستاذي لكن الموضوع أعمق من ذلك

الخميس 24 آذار 2011

بقلم علاء طوالبة

من مظاهرات مصر

أود التعليق على مقال قرأته للأستاذ الدكتور برهان غليون الأسبوع الماضي يتحدث فيه عن الثورات  في الوطن العربي، المقال  حماسي و جميل لكني بكل تواضع أختلف مع بعض ما ورد فيه.

الأستاذ برهان شبّه الحراك الحالي بالثورة الفرنسية في القرن السابع عشر من حيث المطالبة بالحرية والعدل الاقتصادي. الثورة الفرنسية كانت ثوره ذات أسس طبقية, قامت بها الطبقة الفقيرة والعامة ضد طبقة البرجوازيين وحاملي الألقاب لإلغاء النظام الطبقي وتحرير الممتلكات الاقتصادية وإعادة توزيعها على العموم. وهي أقرب إلى ثورة الضباط الأحرار في مصر خلال الخمسينات. النظام الاقتصادي والاجتماعي الآن مختلف تماما، الليبرالية المتوحشة حاليا آعنف من الإقطاعية والبرجوازية والتعامل معها أعقد من مجرد ثورة وحراك شعبي لتغيير بعض الأنظمة السياسية والاقتصادية لاشتباك المصالح الاقتصادية وهيمنه نظام القطبية الواحدة على الاقتصاد العالمي الذي لا نستطيع إلا أن نكون جزءاً منه.

المتابع للصفحات المحركة للثورة في مصر على الفيس بوك، الصفحات التي كانت تقوم بالتعبئة وتدعو إلى النزول للشارع لم تكن موجهه إلى الفقراء.  كانت من إنتاج الطبقات المتوسطة و الميسورة ماديا و موجه لأشخاص من نفس هذه الفئات. المحركين لهذه الثورة لم يكن ينقصهم الخبز. (علما بأن استخدام الانترنت في مصر لا يتجاوز 15.4%)

إذا أردنا تشبيه الحالة بأوروبا فهي أشبه بالوضع في فرنسا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث كان الوضع الثقافي والاجتماعي  تائها بين الليبرالية القادمة من الولايات المتحدة والمد الشيوعي، حيث مرت أوروبا بمجموعة من التساؤلات حول بناء مجتمع وهوية  ما بعد الحرب، هوية  ما بعد الفاشية والنازية. وهذا ما يحصل الآن هنا، الشباب ابتدأ بتكوين وعي اجتماعي وثقة بالنفس، يؤمن بقدرته على التغيير رغم كل المحاولات الرسمية وغير الرسمية لتحويل الشباب إلى أفراد معزولين غير تابعين لنظام اجتماعي أبعد من العصبيات العنصرية والدينية التي أدت إلى ابتعاد الشباب عن المشاكل الحقيقة التي نواجهها كمجموعة وإشغالهم بأمور يوميه تافهة متمركزة حول الثقافة الاستهلاكية والتبعية  لما يصدّر لنا من الثقافات الغربية عن طريق التلفاز والانترنت أحيانا. يوجد مجموعة من الشباب تجاوزت مرحله الخطابات الدينية الحزبية التي لا تزال تثبت فشلها وعدم قدرتها على قراء الوضع بصورة صحيحة، الشباب استطاع تجاوز “محنه العقل العربي بين السلفية والتبعية” واستطاع التحرك وكسر كل الخطوط الحمراء والتكلم بحرية.

يجب النظر إلى الحراك الحالي على أنه حالة عصف ذهني جماعية، رغم التقدم الحاصل لدى الشباب لكنا مازلنا نعاني من فراغ ثقافي واجتماعي، وحتى الآن لا يوجد أية أطر فكرية وخطابات قادرة على التعامل معنا كشباب. نحن نفكر معا بصوت عالي نناقش المواضيع السياسية ننتقد ونقترح حلولاً لكن حان الوقت لتأسيس نوع من الخطاب الموحد لنا كشباب مستقل لكي نستطيع إحراز تغيير وليكون صوتنا واضحا ومستقلا لا يستغله أصحاب الأعلام الخضراء أو الحمراء.

كل ما نحتاجه هو أن نحدد الأسئلة و نفكر معا بدون أية عصبيات عنصرية أو دينية، أن  نعيد التفكير بكل ما لدينا ونبدأ البناء من جديد،  إعادة إنتاج أنفسنا كأشخاص وكمجتمع، إعادة إنتاج قيمنا وقواعدنا الأخلاقية بدون أية وصاية أ كانت داخليه أو خارجية والعمل على إعادة توعية الشباب على الصعيد الاجتماعي والثقافي ونشر ثقافة الحرية السائدة الآن على الانترنت لشريحة أوسع. استخدام الانترنت  في الأردن لا يتجاوز 25% من عدد السكان.

إعادة نشر الفكر الموجود حاليا إلى شريحة أوسع من أفراد المجتمع  جزء من مسؤوليتنا كشباب حر ومستقل،  نشر وعينا وأفكارنا على الفئات الغير قادرة على الوصول إلى الانترنت وما زالت تحت الضغوط الاجتماعية وتتلقى معلوماتها من الإعلام الرسمي أو القنوات الفضائية ذات الأجندات المشبوه وذلك حتى نتمكن من استباق ما حصل في مصر. من المحزن الاطلاع على نتائج الاستفتاء في مصر التي أدت إلى عودة التيارات القديمة إلى الواجهة ومع أنها ركبت موجة التغيير التي حركها الشباب متأخرة لكنها الآن تقطف نتاج هذه الحركة و تظهر على الشارع كصوت الغالبية، وذلك عن طريق استخدامها لأساليب غير أخلاقية بتخويف المواطنين البسطاء من التغيير القادم.

يجب أن نخرج إلى الشارع ونعمل من أجل تغيير اجتماعي أعمق من المتطلبات السياسية، نوصل أفكارنا إلى اكبر عدد ممكن من الشباب ونوعيهم بقدراتهم وإمكانياتهم ونعمم ثقافة التغيير الحرية وتقبل الآخرين.

أخيرا أريد القول للدكتور برهان غليون: أستاذي الكريم القضية اكبر من خبز، حرية و كرامه … القضية قضيه معنى، وجود وهوية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية