الثورة التونسية والأسئلة الأردنية

السبت 05 آذار 2011

هاشم التل*

شكلت ثورة الشعب التونسي، باعتبارها أول ثورة عربية أعيش أحداثها على الهواء مباشرة، نقلة مفارقة في وعيي عن ما كنت اعتبره من الثوابت والأساسيات بالنسبة لي كيساري أردني، ولا زلت أحاول أن أتفاعل مع منجزات هذه الثورة وما تبعها من ثورات غيرت وجه المنطقة العربية، وغيرتني أنا، بشكل كامل.

قبل انتصار الثورة التونسية التي توجها خطاب “فهمتكم” للرئيس المخلوع، على يد شعبه الثائر، كنت قد وصلت إلى مرحلة اللامبالاة بأي حراك سياسي أردني أو عربي، باعتبار أن محصلة هذا الحراك هي على الأغلب صفر، وإن زاد عن الصفر فهو إلى حين، تعود بعدها الأمور أسوا مما كانت، وتطالعنا نفس الوجوه الصفراء والسياسات المجترة، وكأنها مشيئة السماء أو قوة غيبية، لا يدرك أسرارها إلا كهنة ما يسمى باقتصاد السوق، والليبراليون الجدد، اللذين يعلمون ما لا نعلم.

استيقظت على وقع انتصار الثورة التونسية، وشقيقتها المصرية، أسئلة كبرى حاول الخطاب الرسمي تحييدها على مدى عقود كاملة، باعتبارها لا تمت للواقعية بصلة، تلك الواقعية التي بنيت على مفهوم العمل الفردي، والشطارة الفردية، والفهلوة الفردية، والإحسان الفردي، ومحاربة كل ما يتعلق بالعمل الجماعي المنظم وأولوية الاجتماعي على الفردي ودور الدولة في تمثيل حاجات المجتمع بدل أن تعمل بشكل منهجي على تمزيق مكوناته ودفعها إلى صراع مفتعل.

وأسئلتي هي عن الواقع الأردني بالتحديد، وبالانطلاق منه، باعتبار أن السياسة لا تكون ذات معنى إلا في سياق واقع اجتماعي محدد أعيشه أنا وغيري من الأردنيين، ويدخل ما عدا ذلك في إطار الترف الفكري الذي يمكن أن أفرد له مساحات، ولكن ليس هنا، وليس الان.

السؤال الأول؛ هل حقاً يجب علينا كأردنيين القبول بنهج اقتصادي أوصلنا بعد عقدين من التطبيق إلى التحول إلى متسولين على أبواب أصحاب القرار، نستجدي فرصة عمل براتب تافه هنا، أو نسأل مكرمة لعلاج أحد أقاربنا هناك؟ ومن هو المستفيد من تحويل شباب الأردن إلى مهاجرين أو حالمين بهجرة، لن تأتي؟

السؤال الثاني؛ لماذا يجب علينا السكوت، في القرن الواحد والعشرين، بعد كل ما عايشناه ورأيناه، على عملية تدوير المناصب في الدولة الأردنية بين عائلات بعينها، يموت فيها السلف ليرث الكرسي الخلف، والتي يعبر عنها بشكل محزن ما يقوله المثل الأردني “إبن الوزير وزير وإبن الحراث حراث”؟

السؤال الثالث؛ هل حقاً أصبح من الجائز لنا كأردنيين الاستمرار بالتجاوب مع استخدام الفاسدين الفزاعات المختلفة في وجه المطالبين بحقوقهم المشروعة، تارة تخويف الشيوعين بالإسلامين، وأخرى تخويف اليمين باليسار، والفلسطينين بالأردنيين، والمسيحيّن بالمسلميّن، والمتظاهرين بالبلطجيين؟

السؤال الرابع؛ هل يمكن لنا كأردنيين، أن نلتقط هذه اللحظة التاريخية، التي إن أفلتت من أيدينا فلن تتكرر، لتجاوز انقساماتنا المصطنعة والتوحد على مطالب تجمعنا، قد يكون أهمها، الانتقال إلى دولة مدنية ديمقراطية معاصرة تحفظ كرامة كافة أبنائها، دون تميز، تحارب الفساد وتعلي من قيم العدالة والحرية والمساواة؟

قد تكون أحلام اليقظة، وقد يكون أملاً ولد بعد يأس مرير، وليكن، فتونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وغيرها اليوم وغداً تقول لنا في بث حي ومباشر أن إذا الشعب يوماً أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر.

كاتب أردني*

[email protected]

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية